طريقة القبض على الرفاق (14) /  فرهاد رسول،ترجمة ماهر هندي

 بالرغم من انه في اكثر من مكان جرت اشارات صغيرة الى كيفية القاء القبض على الرفاق ومتى وباي طريقة، لكن باطلاق سراح بعض الرفاق الذين كانوا موقوفين معهم، تحدثوا لنا بالتفصيل وبدقة عن وقت وطريقة القبض عليهم، تحدثوا لنا عن ذلك بعد اطلاق سراحهم وكذلك قبل عدة ايام، ذهبت لزيارتهم وطلبت منهم للمرة الثانية ان يرووها لي، فسجلتها بالصوت والصورة، كيف واين وحتى الاشخاص الذين ساعدوا (المذكور) تم تشخيصهم وذكرهم وهي الان محفوظة لدي.

كما ذكرت في الحلقات السابقة عملية القبض على الرفاق كان عملا مهما و كبيرا للنظام ضد بيشمركة وتنظيم (حشع) تحقق على مدى سنين (1979-1991) حيث كان له تأثير كبير للغاية على الحزب، حسب علمي في كل تأريخ البعث لم يستطع ان يوجه  ضربة كهذه ويخرج منها بلا خسائر وفي وسط ساحة عمل المقابل، كما حققوها في ليلة (10-11\11\1984) في مدينة اربيل.

كما كان مقررا، في مساء (9-10\11\1984) ان يغادرالرفاق المدينة ، لكن بسبب اقتراح (الرفيق بريار) تأجل موعد مغادرتهم الى اليوم التالي، لكي يتصلوا برفاق (مفرزة برانتي) كي يذهبوا سوية، بدون ان يعلموا ان (المذكور) كان قد قام وبدون علمهم بالاتفاق مع مفرزة برانتي ايضا على انه سيأخذهم بنفس الليلة، اي ان رفاق برانتي لوحدهم وبدون ابلاغ رفاق اربيل كانوا قد اتفقوا مع المذكور للخروج من المدينة، وهو (المذكور)بنفس الوقت قد قرر تسليم المفرزتين في نفس المكان ونفس الوقت بدون علم احدهم بالاخر.

رفاق اربيل حاولوا ا ن يخرجوا سوية مع رفاق برانتي من المدينة لكن رفاق برانتي، حتى انهم لم يخبروا رفاق اربيل باتفاقهم مع المذكور بعلم الرفيق بيشرو.

كما تحدث الرفاق الذين قدموا لهم المساعدة، وهم نفس الرفاق الذين كان قد القي القبض عليهم في تلك الاحداث، واطلق سراحهم لاحقا، ولا يزالون على قيد الحياة لحد الان. جرت عملية اعتقال الرفاق بالشكل التالي:

مفرزة برانتي كانوا في مكانين، بالقرب من البيت الذي حدد لنقلهم في محلة (كوران) والذي هو بيت شخص قريب للمذكور، والذي ايضا كانت له يد في العمل حيث يُجمعون كلهم باشراف ومرافقة رفيق بيشرو  يذهبون الى هذا البيت (في كوران)ومن هناك يؤخذون الى المكان الرئيسي في حي العدالة على وجبتين، في الطريق امام مخازن المواد الغذائية  يصادفون سيطرة للمفارز المشتركة، لكن (المذكور) يهوّن عليهم الامر ويقول ( بسيطة ولا تخافون)، ينزل بنفسه ويتحدث مع المفرزة ويعود الى داخل السيارة ويذهبون باتجاه مكانهم المقرر، الى البيت المحدد للقيام بمهمتهم، هناك (في البيت المحدد للتنفيذ) يقوم شابان بملابس كردية ويتحدثون اللهجة الاربيلية بالترحيب بهم ويقدمون لهم قناني مشروبات غازية (بارد) وشنينة (ماستاو) وبعد قليل يفقدون فيها الوعي، وينقلوهم الى المكان الذي هم يريدوه، وحسب احد هؤلاء الرفاق انهم عرفوا وهم في الامن العامة في بغداد ان لهم اربعة ايام على اعتقالهم بعد ان جلبوا لهم جريدة وعرفوا تأريخ اليوم منها.

من الجدير بالذكر ان رفاق برانتي الاربعة ، كان قد اتصل بهم  شخصان ايضا ليلتحقوا بالبيشمركة ، وثلاثة رفاق اخرين كانوا من رفاق مفرزة (الشهيد ملا عثمان) حيث في تلك المعركة (التي استشهد فيها ملا عثمان وشالاو مورتكه)، هؤلاء الرفاق الثلاثة كان قد القي القبض عليهم من قبل قوة اليكتي المهاجمة ، وبعد فترة يُطلق سراحهم ويأتون الى قرية (سيدان برانتي) يمكثون هناك لفترة ، بحثا عن  طريق يستطيعون بواسطته العودة الى بارزان، لكن يبدو ان رفاق مفرزة برانتي في المدينة يكلفون (رشو اخو المذكور) ليجلبهم الى بيت قريبهم (الذي ذكرت سابقا ان له يدا في القضية)  عندها وفي الوقت المحدد لتجميع المفرزة وحسب اتفاقهم مع المذكور يذهب رشو ويجلبهم الى نفس المكان وليسلمهم مع الرفاق الاخرين، وبهذا تكون مجموعة رفاق برانتي قد اصبحت تسعة رفاق.

 بالنسبة لرفاق سهل اربيل في كما تحدثت سابقا في البداية اخذوا الرفاق  (عباس وبريار) الى نفس المكان حيث رفاق برانتي القي القبض فيها عليهم البارحة (حسب قول يحيى، حيث انه سجن معهم، وكان الرفيق بريار قد حدثه بذلك في السجن) ان هؤلاء الرفاق يؤخذون الى البيت وبنفس الطريقة تقدم لهم المشروبات الغازية، وبعد ان يشرب (البارد) الرفيق عباس ينكفئ على وجهه في مكانه يبدو ان المخدر قد فعل فعله بسرعة، الرفيق بريار يدرك ان شيئا قد حدث ، رأسا يحاول ان يسحب اقسام مسدسه ليطلق النار وليدافع عن نفسه لكن بسبب تأثير المخدر،لا يستطيع ان يهئ مسدسه للاطلاق ، ويمسكون به مباشرة من الخلف بعدها يفقد الوعي.

اما بالنسبة للرفيق داؤد فقد كان لوحده مع شخص اخر غير مسلح معه،وهم في السيارة في الطريق التي حاليا هي امام كلية الاداب، يصادفون مفرزة مشتركة (يقول رفيق داؤد، ماهذا ، ما كل هذه المفارز؟؟) يبدو ان هذه المنطقة بسبب هذه المهمة التي يقومون بها مطوقة بالكامل وفيها مفارز (يقول المذكور لداؤد اعطني مسدسك ولا تحمل هم المفرزة) على اساس انه يحمل هوية ويستطيع بواسطتها ان يخرجهم من السيطرة، (رفيق داؤد يقول له ماذا؟ اتجردني من السلاح؟ يجيب المذكور، عيب،لا تقل ذلك) عندها يسلمه مسدسه ويصلون وسط المفرزة ، عندها (المذكور والسائق) يفرون من السيارة، ويبدو ان تلك كانت حركة متفق عليها بينهم، ورأسا المفرزة تدخل فوهات بنادقها مجتمعة الى داخل السيارة ، وبسهولة يلقى القبض عليهم، وتربط ايديهم، ويلقون بهم في صندوق سيارة اخرى، في داخل صندوق السيارة يجد الرفيق داؤد جثة الرفيق سرباز حيث يبدو انهم كانوا قد اخذوا مجموعة الرفيق سرباز قبل ذلك، ثم يتم نقلهم الى المكان المقصود.

بالنسبة للرفاق (سرباز وعادل وعبد القادر وعلاء) كانوا قد اخذوهم في سيارة واحدة ، في المكان المحدد، حيث يقدمون لهم المشروبات الغازية ايضا، لكن (الرفيق علاء وكان طالب في كلية الزراعة جامعة بغداد وقد اتى ليلتحق) بعد ان شرب قليلا من مشروبه، (كما رواه ليحيى) عرف انه هناك دواء مخلوط به، ليقول رأسا (رفاق هذا مخدر) ويركض خارجا مباشرة، (الرفاق سرباز وعادل) كانوا قد وضعوا بنادقهم قريبا منهم، يتلقفون بنادقهم، ويركضون هم ايضا الى الخارج، ويبدأ اطلاق النار، ولكن لان المنطقة كلها كانت مطوقة بقوات الامن يطلقون النار بقدر استطاعتهم هم والرفيق عبد القادر، بعد معركة قصيرة في هذا المحيط، يستشهدون بعد قتل عريف امن وجرح اثنان او ثلاثة رجال امن اخرين، حيث انه في التحقيق والمحاكمة، حيث قُرأ ذلك في لائحة الحكم بأن نتيجة المصادمة كانت مقتل عريف وجرح عنصرين او ثلاثة عناصر امن. على الرغم من ان الرفيق علاء (عربي ولا يعرف مدينة اربيل) لكنه ينجو، و لان ليست له معرفة بالمدينة فيسير لفترة مع سكة القطار، الذي كان حينذاك في مكان شارع السايدين بين العدالة القديمة والجديدة حاليا يسير الى ان يصل الى خارج المدينة  حيث تجاوز منطقة الخطر، ولكونه لا يعرف المدينة يضطر للعودة باتجاه المدينة، وفي وسط بيوت حي العدالة يدخل بيتا ، ويخبرهم بوضعه وبعد فترة قصيرة يفقد الوعي هو ايضا، ولكنه عندما يفيق من غيبوبته، يجد نفسه موثوق اليدين في المستشفى ، وبعد فترة يأتي (المذكور)ويتعرف عليه، ويقول اجلبوه ايضا، وبهذا يكون المذكور قد نقل مجموعة سهل اربيل على ثلاث وجبات. لكن يا لها من صدفة عجيبة، لو كان رفيقا كرديا ويعرف مدينة اربيل، بلا شك لاستطاع الخلاص وكل شئ كان سيكون لنا واضحا حينها.

بعد ذلك ينقلون جميعا الى مديرية الامن العامة في بغداد، وبعد عدة ايام ، يبدأون معهم بالتحقيق، وبعد اكثر من ستة اشهر يحاكمون في محكمة الثورة في بغداد، وفي سجن ابو غريب بتاريخ (5\6\1985) ينفذ بهم الحكم.

من الجدير بالذكر، ان (الرفيق عباس) منذ ذلك الحين، لم يعثر له على اثر، حتى الان فقط بالقدر الذيتحدث به رفيق بريار والذي هو انه عندما تناول قنينة المشروبات الغازية، انكفأ على وجهه في مكانه، لكن هناك شئ ارى من الضروري ان اتحدث عنه، وهو بعد هذه الكارثة بعدة ايام، انا وكاك يحيى ذهبنا الى بيت (مام حاجي حمد) عم (الشهيد بكر جولا) والذي كان يعمل دفانا ويغسل الموتى في المستشفى وفي مقبرة ( معمل قير اربيل- مقبرة البلدية) اي انه كان عاملا رسميا عند الحكومة، متخصص بهذا العمل، بعد الحديث قال لنا (  اليوم في المستشفى غسلت جثة كانت دائرة الامن قد جلبتها منذ فترة، وغدا  سيجلبها الامن ايضا بسيارتهم  الى مقبرة معمل القير لدفنها، انتم او اي شخص اخر يمكنه القدوم ويطلب منا قائلا ( منذ فترة قد ضاع لنا شخص اريد ان اعرف هل هذه الجثة تعود لقريبنا)، انا بسهولة وبدون مشكلة استطيع ان اكشف لكم وجهه، اذا تعرفتم عليه ام لم تتعرفوا قولوا لا الجثة ليست لاقاربنا، واذا تعرفتم عليه شخصوا مكان دفنه كمعلومة لكم، لكننا في ذلك الوقت لم يكن لنا شك بجماعتنا لانهم كانوا مفقودين لعدة ايام فقط ، لكننا كنا نشك بجثة الشهيد ملازم ارام، رفيقنا الذي استشهد في تلك الفترة ، بالرغم من ان مام حمد وصف هذه الجثة لنا وصفا دقيقا جدا، حتى ملابسه وحزام وسطه (البشتين) وشكله، انا شككت تماما بالرفيق عباس، وصفه كان من الدقة بمكان بحيث لم يتبق الا ان يقول اسمه لكنه لا يعرفه، والا فكل وصفه كان ينطبق عليه، وقال انه لم يجد عليه اي اثر لاطلاقة في جثته او اي شئ من هذا القبيل، وكأنه قد مات موتا طبيعيا، شككت كثيرا بان يكون (الرفيق عباس) لانه في المساء عندما خرجوا من بيتنا هذه الملابس التي كان يلبسها والتي تحدث عنها مام حمد، انا بيدي ناولته قمصلته ، والتي كان قد تركها في بيتنا عندما قدموا الى المدينة ، على كل من بيت مام حمد الى ان وصلنا الى شقق الاسكان حيث بيت عم الشهيد ارام معتقدين ان تلك الجثة قد تكون جثة الشهيد ارام،محاولين ان ياتي احدا منهم ويتعرف عليه، ويحدد مكان القبر، كل مسافة الطريق هذه كنت افكر بوصف (مام حمد) وكم مرة قلت لكاك يحيى هذا الوصف هو وصف رفيق عباس، من الافضل، ان نفعل كما خطط لنا مام حمد نذهب  الى المقبرة ونتابع، لكن كاك يحيى لم يوافق لسببين، اولهما انني كنت متخلفا عن العسكرية من المحتمل هناك عند قدوم رجال الامن اتعرض لشئ ما، وثانيا  ليأت اقارب رفيق ارام ليقوموا بهذا العمل، على اساس انهم اصحاب القضية، عندها لما وصلنا هناك ذهب كاك يحيى الى بيتهم (عم رفيق ارام)، وانا بقيت واقفا خارج البيت الى ان عاد غاضبا لانهم لم يستجيبوا لدعوته لهم ، ورفضوا القيام بهذا العمل. في طريق العودة ايضا الححت بموضوع ذهابنا الى المقبرة في الغد، لكنه للاسباب السابقة، عارض القيام بالعمل، لازلت متيقنا ان تلك الجثة كانت جثة الشهيد عباس، وعلى الرغم من ان مسوغات كاك يحيى كانت صحيحة،و هذا العمل كان بالنسبة لنا مليئا بالمخاطر، لكننا لو كنا قد ذهبنا لاتضح لنا كل شئ، وربما كانت الاحداث ستأخذ مجرى اخر.