ضمن المهرجان الذي اقامته الجمعية الثقافية المندائية / لوند – السويد في الذكرى المئوية لميلاد العالم عبد الجبار عبد الله وذلك يومي 29 و 30 نيسان من عام 2011، عرضت مسرحية العارف من تأليف واخراج وتمثيل الفنان سلام الصگر على قاعة سفانا سكولان. المسرحية جسدت السيرة الذاتية للعالم مرورا باهم مراحل حياته ونشأته وتأثره بالطبيعة وخصوصا الانهار و دراسته و رئاسته لجامعة بغداد ودوره في نشر المؤسسات العلمية , ثم اعتقاله وتعذيبه بعد انقلاب شباط الاسود عام 1963 و سفره الى اميركا وبحوثه الرائدة في مجالات الانواء الجوية واخيرا المعانات القاسية في الغربة لحين وفاته ونقل جثمانه ليسجى في العراق حسب وصيته. ان حصر التأليف والاخراج والتمثيل في شخص الفنان سلام الصگر يجعل من الصعب ان نناقش تلك العناصر منفردة دون تداخلها وتمازجها لتشكل العرض المسرحي والذي طرح عددا من الاسئلة ذات الاهمية. هل سيبقى المستوى الحضاري للمجتمع وتلبية حاجات افراده على ما هو عليه اليوم لو فسح المجال واعطيت الامكانية للمبدعين لتحقيق افكارهم ؟ ما هي مصلحة السلطات باضطهاد المثقفين والفنانين والعلماء ؟ واخيرا من هو الاكثر خوفا من الاخر السلطة بجبروتها واجهزتها القمعية ام المبدع بما يملكه من افكار واحلام ؟ اعتمد الاخراج على الافقار التام للديكور فلم تحتو خشبة المسرح على اتساعها غير منضدة تفتقر حتى للكرسي الذي يمكن ان يخدم الحركة , كما استخدم الصوت فلاش الكامرا او تجميد الحركة ليؤرخ تلك المواقف والمحطات في حياة العالم عبد الجبار والتي اثرت في مسيرته العلمية والاجتماعية، كما ان استخدام اصوات الطبيعة ومنها اسماء النهر و المطر والرعد والعواصف كمؤثر صوتي اعطى امكانية اكتشاف تأثيرات تلك الاصوات على النفس البشرية. وساعدت على وضع المتفرج بعالم الانواع الجوية. بالاضافة الى جمالية المشهد الاستهلالي بجانب النهر الا انه وظف لخلق تلك العلاقة الحميمة بين رجل احب الطبيعة ليوظف كامل قدراته العلمية لاكتشافها والتعمق بظواهرها , ان ما يؤكد تلك العلاقة هو انطفاء حياة العالم في المشهد الاخير قرب النهر كما لو انه رجع الى امه الطبيعة لينام في احضانها. واعتقد ان الفنان المخرج وبخبرته اجتاز النمطية المحدودة والمواصفات الشخصية، فدخل الى جوهره ليطرح لنا شخصية اجتماعية تفيض بالمشاعر الانسانية ضعفا وقوة مما زاد من تعاطفنا معها , اما اذا كان لنا ان نتحدث عن سلام الصگر الممثل الذي جسد شخصية العالم , فأجزم انه احبها وامن بدورها الى درجة التماثل معها حيث اشبعت المشاهد بالمشاعر الانسانية الراقية مستخدما المرونة الجسدية والتلوين الصوتي الجميل مما استحق اعجاب المشاهدين. واخيرا نوجه التحية إلى كادر العمل جميعا : الفنان صلاح الگر مديرا للمسرح وتنفيذ الانارة , اصيل المندوي للمؤثرات الصوتية وجاسم شلش وكريم شلش وعلاء العيداني لتنفيذهم الديكور.