في ذاكرة نصيـر / عبد اللطيف السعدي

نصـوص مـن  سـيرة أنصاريـة

محــــاولة للتقييـــــم

أدب الأنصار :ملامــــح.............. وكوابـــــح  !!! *

الأدب والفن شكلان حيويان للوعي الإنساني، والوعي الاجتماعي انعكاس ناشط وحي للوجود الإجتماعي. اي أن وعي الإنسان الفرد يتشكل في إطار المجتمع بدءا من العائلة. وهو بالتالي حصيلة تفاعلات الذات الإنسانية مع مجمل محيطها الإجتماعي. ومن الضروري هنا التشديد على طابع الذات وطابع الهوية الشخصية في تحديد مستوى وأشكال الإنعكاس الحاصل والتفاعلات المستمرة مادام الإنسان على قيد الحياة.

أريد أن أنطلق من هذا التركيز للفكرة التي تحتاج قطعا الى تفصيل وبحث معمق، لست في معرضه هنا، للتعامل مع موضوع البحث الذي إرتأيت أن أبدأ كتاب نصوصي الأنصارية هذه به، في محاولة لتسجيل تجربة تاريخية ناصعة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي والشعب والوطن. وهي وبنفس الوقت مشروع تقييم لأحد أبرز أوجه التجربة الأنصارية.

"أدب الأنصار" وبشكل أعم " ثقافة الأنصار"، موضوع يشكل جانبا هاما وحيويا في إطار المحاولات الجادة والضرورية لتقويم مجمل التجربة بكل أبعادها الفكرية والسياسية، العسكرية والإجتماعية.

فبعد مرور عدة سنوات على البدء بالتجربة الأنصارية، ومنذ العام 1979 أخذت تتبدى وتتفاعل عوامل عديدة لتشكل فيما بعد نمطا لحياة مميزة بتفاصيلها ومفرداتها، بحيث صار يمكننا أن نطلق عليها تسمية " الحياة الأنصارية". ويمكن أن أورد هنا بعضا من أهم هذه العوامل:

1- الوجهة الفكرية والسياسية والتنظيمية التي ادت الى خوض التجربة وثم حددت اطاراتها،ورسمت مساراتها وربما آفاقها. وقبل كل ذلك وضعت أهدافها القريبة والبعيدة. ولست هنا بصدد الخوض بكل جوانب هذه الوجهة، ولكني أردت أن أقول بأنه وبعد أن شرعت الحركة بمجموعة صغيرة من الرفاق والأصدقاء الذين توفرت لديهم فرص وإمكانيات الوصول الى مناطق كردستان وتشكيل نواتات للحركة، تكونت التصورات وبرزت الممارسات التي عكست آليات التفكير التي حكمت القائمين بها والمبادئين في تشكيلها، لتشكيل وبناء الهياكل وتلمس السبل والوسائل لخوض هذا الأسلوب الجديد بسعته وبطابع أهدافه الشاملة.

ابتدأ الأنصار الأوائل باستخدام العصي أدوات للحماية وللقيام بالحراسات النهارية والليلية. وبدأ مخاض عملية صعبة لإيجاد وضع ملائم يستوعب أبعاد المعادلة بين طرفي: الأنصار وقياداتهم بوسائلهم وأدواتهم الأولية بل وقل البدائية في معاني القتال من جهة، والظروف المحيطة المتميزة بخصوصيات اجتماعية وقومية للمحيطين من السكان بالتجربة وبالسمات الجغرافية، الطبيعية والبيئية من جهة أخرى.

ومع مرور الزمن وتراكم التجارب الأولى، تكاملت صورة التشكيل وأخذت تعمل مفارز للأنصار، وانتشرت مقرات لهم. وبهذا وجدت أرضية وأسس لبروز أنماط للحياة امتلكت مع الوقت خصوصيات واضحة، واتخذت ليس فقط أبعادا جماعية وإنما أيضا مسارات وأشكال تجليات على المستويات الفردية أو الشخصية في تداخل الطبائع ومسارات الحياة الشخصية والوقائع اليومية التي فرضها نمط الحياة الأنصارية وسط الجبال وفي الوديان. في المقرات ومع المفارز المتنقلة بين القرى وفي السهوب.وأخذت في التبلور اساليب يومية في التعامل بين الأنصار، وبرزت مفردات جديدة في حياة كل نصير على المستويين الحياتي البحت واللغوي ايضا. وربما يمكنني القول وبالعودة الى مابدأت به هذه المقدمة، التقييمية، أن وعيا أنصاريا بدأ يتشكل ويتبدى بأوسع وأعمق معانيه مع الأيام.

2- وربما في تفصيل للذي حددته أعلاه، يمكن أعتبار الطبيعة الكردستانية بروعتها وجمال مناظرها وتنوع تضاريسها، شكلت فعلا عاملا من عوامل تشكيل الحياة الأنصارية وبالتالي الوعي الذي ذكرت. جبال شواهق. سفوح ومنحدرات،سهول، جرداء أو غلب عليها الخضار والينعان. وديان ترهب بطولها وعظمة عمقها. بساتين تزدهي بألوان الثمار. ثلوج تقسوا في باحات الشتاء القارص. يستبدلها الربيع زهورا وشقائق بألوانها المتنوعة. كل ذلك كان له انعكاس واسع في النفوس والعقول تمظهر باشكال ودرجات متباينة. بمشاعر من الرهبة والإقدام. الخوف والفرح. بالأمل المتجدد تجدد أيام الربيع الكردستانية، والإحساس بالمخاطر والمصاعب التي شكلت في الغالب تحديات كبيرة هددت حياة الجماعات والأفراد. ولهذا صار لكل نصير ونصيرة تجربته الخاصة وخزينا متباين العمق والتنوع في الذاكرة الخاصة. وقد وجد ذلك تعبيراته في حياة الانصار، ولغتهم اليومية التي شكلت هي الأخرى مكونا للوعي العام في حركة الأنصار.

3- العيش مع الأهالي في كردستان والمعايشة التي تكاد تكون شبه يومية مع أنماط وأشكال حياتهم والتعرف على تقاليدهم ولهجاتهم الكردية واللغات الأخرى لاقليات تنتشر في العديد من المناطق. كل ذلك ومع مرور الوقت خلق تقاليد جديدة في العمل والحياة للأنصار وأضاف مفردات جديدة حياتية ولغوية في تعاملاتهم اليومية.

هذه العوامل التي حاولت تركيزها، الى جانب الوعي الذاتي المتراكم بدرجات وأشكال متباينة للأشخاص والأنصار بشكل عام، أدت الى تشكيل عناصر هامة للوعي الأنصاري العام. وبدا ذلك بشكل واضح وجلي في نتاجات من كان يمتلك أدوات ابداعية في ميادين الأدب والفن من خلال نتاجات تميزت بخصوصياتها في الأشكال والأساليب وبالتأكيد في مضامين تلك النتاجات.

وبمرور الزمن وبتفاعل كل العوامل التي ذكرت وأمام الحاجات التي فرضتها التجربة والسمو بكل مفرداتها، نستطيع القول أنه ظهرت ملامح حقيقية لما أسميته "أدب أنصاري. وكانت هذه الملامح في طور نضجها شكلا ومضمونا، حتى فاجأتها التطورات وأوقفت تطورها انتكاسة العام 1988 بحملة الأنفالات الإجرامية.

 

*نشاطات إبداعية

بدأ الأنصاروبالتزامن مع تفاعل العوامل التي ذكرتها، وبعد أولى الخطوات لدخولهم عالمهم الجديد، ومع اصطدامهم بأولى مؤشرات المخاطر والمصاعب التي واجهتهم بشكل أوضح وأوسع فيما بعد، والتي وصلت في كثير من الأحيان حد تهديد الحياة، ابتدأوا يمارسون طقوس أشكال وأساليب الإنعكاس وبشكل واعي وحيوي وبتفاعل مع كل مفردات الحياة الكردستانية وبالمزج بين ذلك وجماليات الطبيعة القاسية والخلابة في آن معا. فكان لكل نصير، وخاصة من الذين تملكهم هاجس التسجيل والتعبير يأشكال الكتابة والإبداع،دفتر صغير يحمله مكونا هاما الى جانب أدواته الضرورية ومع قطع خبزه ومؤونته الشحيحة في داخل عليجته ( حقيبة ظهره). وعند كل فسحة للإستراحة يتناول قلمه لتسجيل اللحظات المؤثرة في مسيرة يومه.

وتطورت هذه الحالة وأخذت في وقت تالي أشكالا أكثر تنظيما وجماعية. فمع تطور التشكيلات الأنصارية واتساعها لتتشكل: مفارز، سرايا، وفصائل، أتسعت الحاجة لتنظيم الحياة اليومية بشكل جماعي باستثمار الملكات والقابليات الفردية. وظهرت أشكال واساليب جديدة للنشاط المتنوع الميادين. فانبثقت اللجان الثقافية وبدأت تتسع ظاهرة "المجلات الدفترية"، والتي صارت جزءا هاما في حياة الأنصار وسبيلا جماعيا لتسجيل لحظات التجربة وبأدق تفاصيلها ومكوناتها. وانتعشت مع هذه النشاطات الملكات ونمت القدرات للعديد من المبتدئين، وظهرت نتاجات متميزة في القصة والشعر والتشكيل. وساهم هذا التطور في تعميم وتبادل الخبر بين المجموعات والتشكيلات الأنصارية على امتداد مساحات انتشارها.

وفي المقرات نظمت النشرات الحائطية، وكانت الفصائل تتبارى على اصدارها بأشكال متنوعة الى جانب واقع أن لكل الفصائل صارت لهم مجلاتهم الدفترية. وتنوعت المساهمات والتصاميم وأخذت بالتزايد نتاجات المبدعين الأنصار في الشعر والقصة وبأشكالها المتنوعة والخاطرات الى جانب المقالات السياسية والفكرية. ولهذا كله أخذت في البروز اسماء لم تك معروفة سابقا قدرة أصحابها في ميادين الكتابة والإبداع. وفرض هذا التطور الى جانب حاجة التشكيل الأنصاري بالمعاني الشيوعية، ولضرورات افترضتها صيغة العمل الأنصاري وأهدافه الوطنية الشاملة، أقول كل ذلك كان قد أوجب تشكيل هيئات اعلامية مركزية في القواطع والسرايا بل وحتى على مستوى الفصائل في وقت لاحق. ورغم ماحكم سيل تشكيلها وعملها ونشاطاتها من ثغرات كبيرة، بسبب العقليات التي تحكمت بها وأشرفت على تشكيلها وفرض العاملين فيها وفق الصلاحيات المركزية ووفقا للفهم التقليدي البالي لمبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم والنشاط، أقول رغم ذلك فإنها- أي المكاتب الإعلامية- لعبت أدوارا هامة في تفعيل وتنشيط الحياة الثقافية للأنصار في كل أماكن وجودهم وانتشارهم، وبتعميمها وتنظيمها.  

فتحولت بذلك أيام وليالي المقرات وباحات استراحات المفارز، الى أماسي ونشاطات فكرية وسياسية وأدبية متنوعة. وصارت المناسبات ميادين تنافس تضامني لإبراز الامكانات والملكات الإبداعية. ومن يستطيع أن ينسى تلك الأماسي الشعرية والقصصية التي شكلت مناسبات للحوار وتبادل الخبر والمعلومات، وللتباري الشريف المشجع بين الأنصار، وكان بينهم من خاض تجربة سابقة في ميادين الكتابة والإبداع، ومن توفرت لهم فرص النشر في داخل الوطن وخارجه. وبينهم أيضا من ولج الميدان للمرة الأولى بتأثير معالم التجربة الأنصارية، وجدية النشاطات الثقافية والفكرية داخل الحركة.

* في الشعر والقصة

وهكذا برزت أسماء صارت معروفة في الوسط الأنصاري، أعلاما في العمل الثقافي والإعلامي والإبداعي على وجه التحديد. وظهرت نتاجات ابداعية لايمكن إلا تسميتها بالأنصارية. ففي الشعر تشكلت صور ووظفت مفردات بايقاعاتها الخاصة،لايمكن استخدامها الا في أجواء الحياة الأنصارية بكل مميزاتها. فعلى سبيل المثال لا الحصر يجد المتتبع والدارس بعمق لجوانب التجربة، طغيان تلك المفردات في النتاجات الشعرية والقصصية: الثلج، السفوح، القنن،وجه الصخر، الاسبندار رديفا للسمو، الروبار، العليجة ( حقيبة الظهر للنصير)، الطبر ( أداة تقطيع وقطع الأخشاب في الحياة اليومية للأنصار)، المفارز، البغال ( سبيل النقل والانتقال في الطرق الضيقة في جبال وسهوب كردستان)....ألخ.

وتشبثت الصور الشعرية بالطبيعة القاسية والخلابة لكردستان، وتجسد فيها التداخل بين وصف حالات النفس أو الروح وسمات عناصر الطبيعة،إذ كان الوصف يتشبه بتلك العناصر. ومن أمثال ذلك:" وجه الصخر"،" سفوح المياه"، "مساقط الروح في مسالك الوديان"، "سفوح تضيء الدجا"،" صخب للهمس الحذر"، ......ألخ. وكتب الشعر أنصار بدت لهم ملكات وأدوات مناسبة وظهرت في كتاباتهم لمحات شعرية واعدة،ولكنها لم تأخذ ابعادها الشعرية المتكاملة لأسباب عدة. فطابع المهمات الأنصارية العامة والعمل اليومي الشاق،كل ذلك كان عائقا موضوعيا لمواصلة التجارب الشخصية ولم تسمح للكتاب الإيغال والتعمق في دراسة تجربتهم وتعميقها، وبالتالي تكوين سمات شخصية متكاملة في كتابة هذا اللون من الابداع. ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة للالوان الابداعية الأخرى.وهذا لم يمنع من كتابة المئات من الأبيات الشعرية، التي حملت صورها، وسجلت طابع وطبيعة الحياة الأنصارية، حتى بكل تفاصيلها. ونظمت مهرجانات وأماسي شعرية لشعراء عرب وأكراد في مواقع مختلفة من كردستان. وبرز شعراء شباب أخذوا يتلمسون خطاهم في هذا الميدان مع مخاضات وسيرورة التجربة الأنصارية. ولن أنسى هنا الشهداء أبو كاظم، وأحمد وياسين.

وفي القصة القصيرة برز عدد ليس بالقليل من الكتاب وبينهم من صار معروفا في ميدان القصة، بل وربما صار علما من أعلامها على المستوى العراقي، بعد انتكاسة الحركة. فقد نشرت وما تزال تنشر لهم قصص أو محاميع قصصية في الخارج تحمل بعض جوانب وتأثيرات التجربة الأنصارية، وإن أخذت هذه الحالة بالتناقص والإختفاء مع مرور الزمن وبقدر الابتعاد زمانيا عن زمن التجربة. ومن أبرز الأسماء التي تحضرني كمثال على ماذهبت اليه أذكر: يوسف أبو الفوز، سلام ابراهيم، علي ابراهيم، وعلي محمد( أبو سعد).وخلال التجربة ظهرت أيضا أسماء أثبتت قدراتها. ومن المؤلم والحاز في النفس أن بعضا من الأسماء الواعدة لم تواصل أو لم تواضب على الانتاج بعد الانتكاسة، وأذكر من بينهم للأمانة التاريخية: أبو فاتن، آشتي، أبو نسرين....وآخرين.

* الفن التشكيلي والكاريكاتير

وفي الفن على اختلاف ميادينه، ظهرت امكانات وملكات جميلة وواعدة. ففي ميدان الفن التشكيلي نشط فنانون أنصار، نظموا أو نظمت لهم العديد من المعارض الفردية والجماعية في المقرات أو في مناطق استراحات المفارز، وفي القرى في بعض الحالات.وتميزت النتاجات بتنوع موضوعاتها وأساليبها. واستوحت كل تفاصيل حياة الأنصار وأهالي المناطق التي يعيشون قريبا منها أو يمرون بها في جولاتهم، ووسعت دائرة اهتماماتها لتحمل ألوانها وموضوعاتها كل أبعاد الواقع والهم الوطني العراقي: الحرب والدمار، والقمع والعسف في كل ميادين الحياة. وحقيقة لابد من قولها هي أن بعض تلك المعارض لم تكن أقل مستوى من المعارض التي شاهدتها في بغداد وفي بعض بلدان المنفى.وأذكر بإكبار هنا معارض الشهيدين فؤاد يلدا ( أبو أيار) في بهدينان، ومعتصم عبد الكريم في منطقة لولان في سوران.وأذكر أيضا معارض البوستر والكاريكاتير للشهيد مؤيد وللفنانين المبدعين أبو بسام وعماد.وبرز الى جانب هؤلاء مبدعون ساهموا بدورهم في اغناء الحياة الفنية وفي تنويع عالم الفن التشكيلي ومن أبرزهم: أبو فائز،الذي تميز بتخطيطاته المعبرة عن عمق الاحساس بالواقع والتعبير عنه الى جانب يعض النتاجات النحتية باستخدام ألواح الأشجار. ولا يمكنني نسيان لوحات أبو الحق المتميزة بألوانها وبخطوط لونية حاول الفنان النصير تأكيد شخصيته الفنية من خلالها. وظهر عدد آخر توزعوا على المفارز وفي المقرات وبينهم من لم تتوفر لهم فرص عرض كانل الامكانات.

* وفي المسرح

وكان للمسرح مكانته في حياة ونشاطات الأنصار الثقافية. فعلى امتداد السنوات منذ بدايات العمل الأنصاري المسلح وحتى آخر ايام الانتكاسة العام 1988 ، قدم المسرحيون الأنصار العديد من المسرحيات بموضوعات وأساليب متنوعة، تناولت الانسان في العراق وعلى المستوى الانساني العام.وساهم في ابراز ذلك على اسس فنية متقدمة ومبدعة بحقن وجود عدد من المبدعين في العمل المسرحي تأليفا وإخراجا، وتمثيلا. والمثير للإنتباه والدافع للدراسة، واقع أنه لم يقف حائلا دون الابداع في الاخراج والتمثيل انعدام الإمكانات والتقنيات حتى البسيطة للعمل المسرحي. بل على العكس فإن هذا الفقر في المستلزمات صار سببا للتنافس في التفنن باستخدام كل متوفر من أدوات بسيطة في الحياة والطبيعة لتسخيرها بعد تحويلها الى عناصر مفيدة للإخراج وتقديم أعمال مسرحية أنصارية متقدمة.  

إن أعمال مثل ( الغجر يصعدون الى السماء) للفنان والمخرج المبدع أبو داود. و( مية على مية) الفكاهية للمبدع وصاحب الخبرة في العمل المسرحي أبو عجو( عدنان اللبان)، وكذلك أعمال المبدع أبو أروة، ومسرحية ( من هناك) للكاتب العالمي سارويان التي قامت باخراجها النصيرة الواعدة حينها سمر. ان هذه الأعمال وغيرها الكثير في القواطع الأخرى ( فكل الذي ذكرت عايشته في مقر قاطع بهدينان)، لايمكن أن تمحي من ذاكرة الأنصار. بل يمكن القول وبكل أمانة أنها مثلت وعن حق امتدادا متميزا للتجربة المسرحية العراقية بكل عزها وغناها.   

لقد حول المخرجون الأنصار قاعات النوم الأنصارية والساحات المفتوحة وسط البساتين وفي باحات الاستراحات والمقرات، والقرى، وكذلك البطانيات البالية وحبال ربط الأمتعة على البغال. لقد حولوا كل ذلك الى عناصر لتقديم الأعمال المسرحيةز فالبطانيات حولت الى ستائر وجزء من ديكورات المسرح وبنائه. وعلب الحليب الفارغة صارت مصابيح انارة للمسارح، هذا اضافة الى كونها استخدمت مقاعد  للمشاهد،عوضا عن الكراسي.

ان حجم هذه النشاطات وتنوعها، وتصاعد الجدية في التهيئة لها والاهتمام الجدي بمتابعتها مع مرور الزمن. كل ذلك فرض موضوعيا توفر أدوات للتنظيم والاعداد والتعميم للتجارب المختلفة أو البرمجة. ولهذا بدأت تبرز الحاجة الماسة لتشكيل منظمة ذات طابع ديمقراطي غير حزبي لتعبئة المبدعين حملة الثقافة الأنصارية. وهذا ماوعاه نفر من بينهم،فاندفعوا وبذلوا جهودا وجادوا بنشاطاتهم الكتومة في غالب الأحيان في سبيل انبثاق هذه المنظمة على أساس المشاركة الفعلية من قبل جمهرة المعنيين وسط الأنصار. اي البدء من تحت وليس بفرض الوصاية عليهم. وأخذ بنظر الاعتبار حينها وجود منظمة تشكلت للمبدعين خارج الوطن بعد زمن قصير منذ الاضطرار الى الخروج وولوج أولى عتبات المنفى. وتلك هي ( رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين). ورغم العوائق والمصاعب،رغم العراقيل الموضوعية والذاتية المتنوعة الأشكال والمصادر، نجح نفر من مبدعي الحركة الأنصارية في منطقة قاطع بهدينان بتشكيل لجنة تأسيسية للرابطة تفرعت منها فيما بعد لجنتان: واحدة في منطقة هي امتداد لمحافظة دهوك،أي في منطقة نشاط الفوج الثالث للحركة الأنصارية للحزب الشيوعي العراقي. وشكلت الأخرى في مناطق تابعة أو في أغلبها الى محافظة نينوى وهي ميدان نشاط الفوج الأول لقاطع بهدينان. وكان وراء هذا التشكيل سببان الأول هو التغطية الأوسع لكل الموجودين من المبدعين الأنصار. والثاني هو بعيد النظر وينطلق من الفهم لشمولية الحركة الأنصارية على المستوى العراقي الوطني. وكان المخططون له يبتغون توفير نواتاة للتواصل مع المبدعين في المدن والقصبات القريبة والواقعة حينها تحت سطوة عصابات الدكتاتورية البغيضة.

وبهدف الإبتعاد عن الافتعال والتصنع في بدء عملية التشكيل والتنظيم والولادة للرابطة، وللشروع من القاعدة، قامت اللجنة التأسيسية بتنظيم نشاطات ميدانية، تستهدف لف أوسع المثقفين والمبدعين الأنصار حولها. ومن بين هذه النشاطات على سبيل المثال لاالحصر: تنظيم المهرجانات الشعرية وكان من أبرزها مهرجان قاطع بهدينان، وشارك فيه عدد من الشعراء الأكراد والعرب ومن كل الأحزاب التي كانت موجودة في المنطقة وباللغات العربية والكردية والآشورية. وكذلك المهرجان الذي نظمته لجنة نينوى( الفوج الأول)، بمبادرة من الشهيد أبو أيار ( فؤاد يلدا) والشاعرين النصيرين أبوطالب وأبو رعد( كامل الركابي). وجرت حملة واسعة في جميع مناطق بهدينان لرفد مجلة ( ثقافة الأنصار) التي صدرت في حينها في منطقة لولان على المثلث الحدودي مع أيران وتركيا ومن قبل العاملين في الاعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي، وكانت تصدر باسم " رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين الأنصار".وصدرت العام 1985 ان لم تخني الذاكرة. ولعبت دورا مهما في تعميم ونشر النتاجات الابداعية للأنصار، رغم مااعترى ذلك من ثغرات ناجمة من نهج " الدائرة الضيقة" أو انطلاقا من مفهوم النخبوية الذي ظل يتمسك به من يعتبرون أنفسهم النخبة المصانة للمبدعين العراقيين بشكل عام. وساهمت المجلة أيضا في رفع الحماس في الانشداد والعمل لتأسيس الرابطة وفروعها في مواقع الأنصار. وقد شارفت لجنة بهدينان التأسيسية على عقد مؤتمرها التأسيسي، إذ جرى اعداد كل الوثائق، ووضعت صياغات واسس العضوية والتمثيل فيه وهيات الدعوات اليه. ولكن حال دون ذلك عقبات هي انعكاس أصلا لكل سلبيات التجربة الأنصارية ومصاعبها الموضوعية والذاتية، وبسبب العقليات التي تحكمت بها وبعض النوازع الذاتية، الفردية والأنانية، لبعض المعنيين بالنشاط والعمل الثقافي في الحركة،خاصة وإن عمل وجهود المبادرين لم تحظ بالدعم المناسب، وووجهت جهودهم بالصمت والتجاهل من قبل القيمين على تنظيمات الرابطة سواء في مركزها في كردستان- لولان، أم في الخارج.ولهذا يطول الحديث وهو حديث شجون وربما فيه الكثير من الظنون.....!!!!.

* العوامل المعيقة.....الكوابح

اشرت في سياق حديثي عن مسار التجربة الأنصارية، وللبرهنة على وجهة نظري التي عارضها عدد من المهتمين في إطار التجربة وخارجها، الى وجود ملامح أدب وفن أنصاريين، أو بمفهوم أوسع وجود بدايات تشكل "ثقافة أنصارية". وبنفس الوقت تحدثت عن بعض العوامل التي أعاقت انطلاقة هذه الملامح أو حددت بشكل كبير من امكانيات فعلها في الواقع. وأرى مناسبا التركيز هنا على ماأعتقده الأساسي والأهم من عوامل الإعاقة أو الكبح تلك:

1- طابع التشكيلة الأنصارية، والمنهج الذي حكم التعامل معه. حتى أن بعض قادة الحركة الأنصارية وفي بهدينان بشكل خاص عمل على عسكرة كل جوانب الحياة الأنصارية. وذلك لفهمهم الضيق لمعاني وأبعاد التحول الى اتباع الكفاح المسلح باعتباره الأسلوب الرئيسي في النضال العام. وجسدوه في الواقع وكأنه هو النشاط الحزبي بكل ماتعنيه مفردة النشاط من شمولية الأبعاد الفكرية والسياسية والتنظيمية، والإعلامية التعبوية. وتناسوا أن الكفاح المسلح انما أختير بكونه شكلا من أشكال النضال السياسي العام وارتباطا بالظروف وتناسب القوى بعد الضربة التي وجهت للحزب أواخر السبعينات.

ومع هكذا عقلية صار المثقف أو المتثقف والمبدع في تقييمات هؤلاء علة على الحركة ان هو تمسك بممارسة ابداعه ليوظفه في خدمة النضال العام وفي اطار الحركة الأنصارية. وكان على من يتوق لمواصلة نشاطه الثقافي والإبداعي كأحد أوجه النشاط والفعالية الأنصارية أن يتحمل أوزار ثقيلة غير أنه مدان بالعبثية من قبل أصحاب المواقف السطحية والساذجة، بحصر الحركة في اطار حدود فهمهم القاصر. وصار النشاط الاإعلامي لدى بعض المسؤولين العسكريين مسألة ذاتية أو شخصية، رغم ماسجله هذا الميدان من انجازات لاتقل في أهميتها وفعلها ماكان ينجزه العمل العسكري....!!!.

وأقول ملخصا موقفي من هذا العامل: أن هذا المنهج، والهياكل التي طبعت بها الحركة بقسرية مبالغ فيها، وثم الخلط بين المهام، اضافة للنظرة الشكلية السطحية لمعنى العمل الاعلامي. كل ذلك شكل أحد أبرز العوامل، ان لم يكن العامل الأساس التي أدت الى الكبح والعرقلة والحد من نمو وانطلاقة أدب وفن أنصاريين بكامل الأبعاد. وأن ماتحقق من نتاجات ونشاطات كان في الغالب نتاج لمثابرة وجهادية غير عادية للمبدعين والمثقفين الأنصار. وهذا أجبر بعض الهيئات القيادية على الرضوخ وربما الفهم المتأخر لمعاني وتأثيرات هذا الميدان الحيوي في النشاط الأنصاري. ولايمكن الا التذكير بأنه كان هنالك بعض القياديين سواء في الحزب أو الحركة ممن استوعب تلك الأهمية وساهم بدعم وتنشيط هذا الوجه الهام من أوجه النشاط، وكثير منهم كان من العاملين في الوسط الثقافي والإعلامي.

لقد ثابر العديد من الأنصار وفي كل المواقع على إداء مهامهم الأنصارية اليومية بكل جهادية. وهم لم يتوانوا بنفس الوقت عن القيام بكل ما أسهم بدفع كل مفردات الحياة الثقافية وتعميمها بين الأنصار وفي اطار العمل لتطوير الحركة الأنصارية. ففي الوقت الذي كانوا يقومون بقطع الحطب وقلع الأشجار، كانوا يرسمون صورا لأشعارهم وشخوصا لنصوص قصصهم. وفي أثناء ادائهم لواجبات الخدمة في الخبز والطبخ كانوا يتفكرون في اعداد البرامج وكتابة المقالات أو في تنظيم الاحتفالات والأماسي المسائية.

2- ومما زاد الطين بلة كما يقولون، انعكس طابع التشكيلات العسكرية وفي اطار الفهم الضيق كما أسلفنا، على هيكلة وعمل الهيئات الإعلامية. فاتبعت نفس أساليب التعامل بين حلقات العمل الاعلامي وبينها وبين هياكل العمل العسكري والقيادي. وأثر هذا بشكل مباشر على العديد من ميادين النشاط الثقافي. وحد من انطلاقة كل ملكات وامكانات الابداع للأنصار: امكانات نشر وتوزيع النتاجات، الطاقات السينمائية والنشاط الذي كان ممكنا في هذا الميدان الهام على الأقل في مجال الأرشفة للأحداث.وكان لذلك تتوفر سواء عناصر الكادر أم الإمكانيات المادية. كما لم تتوفر في الهياكل الاعلامية المرونة الكافية أو المناسبة للتحرك ولتعبئة أفضل للمثقفين والمبدعين وتوجيه نشاطاتهم أو طاقاتهم لخدمة أهداف الحركة الأنصارية الأـشمل. وربما يفسر هذا بعض جوانب الإعاقة لاستكمال تشكيل ( رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين الأنصار). فبعض مكاتب الاعلام تعاملت بحساسية عالية وبمنافسة غير مبررة لتحقيق هذا الانجاز المهم.

الاعلامي والمبدع كانا محاصرين. وكان سيف العقوبة العسكرية مسلطا وجاهزا في أية لحظة، يختارها المسؤول العسكري وتحت ذرائع وواجهات عدة، ومن بينها قضية الانضباط العسكري، التي سمحت بها موضوعيا ربما طبيعة العمل الأنصاري المسلح ووفق فهم القيادات المسؤولة والمقررة. وربما بسبب الاحساس بالنقص في مواجهة ميدان العمل الإبداعي أو الثقافي بشكل عام. فلم تكن نادرة حالات الغاء التهيئة لعمل مسرحي، أو معرض تشكيلي، أو مشروع كتابة نص ابداعي في مجالات الشعر والقصة والمسرح..... لا لشيء الا بسبب رغبة الآمرين العسكريين وفي الغالب لم تكن لضرورات قاهرة أو عاجلة، لتحقيق أو تنفيذ ماكان يمليه عليهم مسؤولوهم العليون. وتدخلت في كثير من الحالات نوازع فردية ونظرة الحقد والحسد على المثقفين لأسباب متنوعة من الصعب الخوض فيها في هذا الحيز الضيق.

وللتاريخ فإن المهتمين بجوانب النشاط الاعلامي والإبداعي من الأنصار كانوا في الغالب من أشد المؤمنين بالعمل الأنصاري والمتمسكين بكل معانيه وأبعاده العلمية والوطنية وشمولية أوجه نشاطه والتعبير عنه. وهم من الذين بادروا الى القدوم الى كردستان والشروع بالتجربة، والأكثر جدية وجهادية في اداء المهام على تنوعها ومصاعبها. وجاء كل ذلك من القناعة العميقة والمتعمقة بأن النشاط في كيادين الاعلام والنشاط الثقافي بشكل عام هو جزء أساسي وهام في التجربة وباعتبارها شكل للكفاح العام ووجه من أوجه النشاط. والهدف هو توسيعها وتعريقها، لتشمل كل العراق، وتطويرها وبلوغها أهدافها الوطنية السامية والتي بررت الشروع بها أساسا.

ان الحديث عن هذا الميدان الهام في التجربة الأنصارية سيبدو مبتورا ان تركز على ايراد السلب وهو قطع في سلسلة من حلقات هامة وايجابية وتاريخية في مسيرتها وانجازاتها. ولكن الهدف من هذه الوقفة التقويمية، هو المساهمة في محاولات تلمس الحقائق في مجريات أحد أهم جوانب المأثرة النضالية الأنصارية، التي ستبقى أجيال الوطنيين الشرفاء والشيوعيين والجماهير الشعبية تتذكرها كواحدة من أنصع المراحل التاريخية في سجل نضال الشيوعيين والحركة الوطنية على امتداد تأريخها المعاصر. انها محاولة أيضا للتذكير والتعبير عن الشعور بالفخر والإجلال لمن حمل رايات الابداع والثقافة في الحركة الأنصاري خاصة وأن العديد منهم سما، وبذل حياته ثمنا لهذه المسيرة المجيدة، وصاروا شهداء ضمن القافلة التي نعيش اليوم بعض مؤشرات الأهداف التي ذادت عنها وضحت من أجلها. أنها أخيرا محاولة لتقييم التجربة الثقافية في اطار الحركة كجزء هام من عمليات تقييمها الشاملة. وبكونها كذلك فهي عرضة للخطأ ودافعا لآخرين للدلو بدلوهم عسى أن نفيد المستقبل قبل الاحتفاء بالتجربة وأنصارها، في زمن نحن أحوج مانكون فيه لدراسة تجاربنا واستخلاص العبر والدروس للمضي الى الأمام بهمم أشد وعزائم متبصرة ومبصرة...

 

 

                                                                                        عبد اللطيف السعدي 

أواسط آب  2006   

 

                     نصـــــــــــــوص من ســــــــــــــــــــــــــيرة أنصـــــــــــــــــــــــــارية 

                                ــــــــ  ×   ـــــــــــــــــ    ×  ــــــــــ   ×  ـــــــــــ

ليست شعرا هذه النصوص، لكنها تلامس ايقاعات الشعر، وتستعير بعض بناه. وهي بنفس الوقت تنقطع عند حافات الأوزان.

لاتدخل نصوصي تحت خيمة النثر بألوانه المعروفة تماما، رغم أنها تتسم بسمة المباشرة منه. فهي تبتعد عنه بتركزها، وبضرباتها الإيقاعية، وصورها الأقرب لجنس الشعر.

أردت من هذه النصوص تسجيل أحداث ووقائع مسيرة،كنت فيها ومنها وفي القلب من حركتها. انها- النصوص- الواقع نفسه، حاولت الارتقاء بتفاصيله بأحاسيسي، فكانت هذه الحصيلة. وأملي أنها مقنعة بمضامينها، وبأسلوبها الى حد مناسب.....!!.

إنها وفاء لزمن صار جزءا هاما من تاريخ وطن وشعب.

أهدي نصوصي هذه الى شهداء سقطوا بلا ضجيج، وسجوا في زوايا منسية تحت صخور موشاة بالدم العراقي المراق.

أهديها لمن أفنوا حياتهم حبا وتعلقا بالقناعات، بقيم الانسان وبمستقبله....الى الأنصار والى أبناء كردستان الطيبين أجمعين.

 

 

                                                                            عبد اللطيف الســـــــــعدي

1- الخطــــوة الأولــــــى

 

بين ثقل الحمــــل الرصاص،

وشعور الرهبة الأولــــــــى،

اتقدت شــذرات الحمــــــاس،

وتوقدت أخاديـــــــــد الذهــــن..........

بومضـــــــــــــــــات الحــــــب،

المنبجس عزمـــــا وإرادة.

عبــــر الخائضـــــــون غمـــار الدجــــــى.

خرش الصمـــــــــــت،

خريـــــر القطــــــــــرات.

احتبست الأنفــــــــــــــــــاس......

فأشباح الظـــــــــــــــــلام،

حـــــراس المـــــــــــــــوت........هناك،

في مــــــــــدى الســـــمع......،

والصدام واقــــــــــــــــــع، احتمـــــــــــــــــال.

*   *   *   *

2- فــي الطـــــــــــــــــــريــق

 

اختلطــت روائــح الأجساد،

بنسمات مصدرها الوطن

امتزجت ........

فانبثق الشوق عبير

داعبت زاخو عيون القادمين......

بأضواء الأمل.

كالفجر وسط الظلام،

انبلجت عواطـــف،

تستشرف أبعاد البلاد،

تستقرئ تاريخ وطـــن.

وطـــن قاتلته الحراب....الرمـــاح

وطـــن صار أرضا بـــلا وطـــن.....!!

*   *   *   *

3- نحــــو اللقــــــــاء

 

الجــــــوع...........الظــــــمأ........

كان الســهد...... واستأســـد الوهــــن.

فجــــــــــأة  ..............!!

عــــــلا الصــــــــــراخ:

" رفاق  .......  من هنـــــا يبدأ العــــراق...."

من هنـــــا ابتدأ الزمـــــــــن.

زمـــــن اللقــــــــــاء  ..........

زمــــن للحـــــــب   .............    للعنـــــاق.

صعدت كـــل نســــوغ الحنيــــــــن

خســــــــأ التعــــــب   ..........

ماعـــــاد، كالحـــــاجز يحـــــــــول   ......   !!.

العزائـــــــم تجــــــــــددت   ........

والإرادات علت.

تواصـــــــل المســـــــير...........

صـــــــعود   ........   قمم

ســــفوح   ........   نزول   .....  قمم.

مسير طــــــويل ........

عــــلا صــــوت:

" انه آخــــر انحــــــــدار".

علـــــــــت صرخــــــات الفــــــــرح

تزاحـــــــم الــــــدمع في المقـــــــــل.

نزل البعض متكئـــــــــا،

وآخـــــــرون تدحــــــرجوا كالكرات.

اندفـــــع القادمــــــــون الجدد

تكـــــــــابروا   .........

مـــن بعيـــــــــــد  ............

بانـــت فوانيــــــس البيـــــوت   .......

كالعيــــون وســـط الدجـــــــى.

تدفـــــــــأ الأنصـــــــار

بعبـــــــق الشجـــــــــــــــون،

بأحـــــــــلام القــــــرى النائمــــــــة!!

*   *   *   *

4- اللقـــــــــــــــــــــاء

 

مهيبـــــة ليالي الثلج المقمـــــــــرة

هـــادر صوت المـــــاء في "الروبــــــــار"

صوت يخترق الدجـــــــى......

" أهـــــلا رفـــــــاق........"

صخـــب هـــــزم الســـــكون،

ضحكات عــــــــــــــلت

في ذلك اليـــــــوم البهيـــــــــــم

فــــــرح طغـــــى ........،

صـــــــار عناقــــــــــــــــــا.

حلقـــــات اللقـــــــاء انتشـــــــرت

لظلالها انعكاســـــات في ضوء القمر

وسط باحـــــة ناصعــــة كالبياض

امتدت حتى حافـــــــات الســـــفوح.

كالقلب دفــــــــاقة  ..........  ،

مشاعر الأنصــــــــار

أحالت قـــــــــر الثلـــــــــــــج،

مساحات للدفء.

كــــل أنات المســـــــــــير.......،

استحـــــالت همسات تعب مســــــتطاب.

ليلــــــة شــــتوية .......

ونـــوم شـــــتوي جمـيـــــــل

*   *   *   *

5- فجــــــر أول

 

بــــزغ الفجــــــر .......

في يــــــوم جـــــــديد

" نهــــــــوض ......  نهـــــــوض رفــــاق"

عـــلا صــوت الحــــارس الأخيـــــــر

صـــــرامة واعتــــــــداد

" صبـــــــــاح الــــــــــورد  .......  "

همســــــات ود وعتـــــــاب

دلفـــــت أنــــات  .......

اســــــتفاق المثقــــــــلون بالأعبــــــــــاء

تبــــــــدد التعـــــــب  ........،

والنعـــــــاس تشــــــظى.

نهـــض المــــــأزوم بســـــاقه اليســـــار

تخطـــــى حواجــــــز الألــــم فـــــــرحا،

لهــــف الشــــوق في الـــــــروح، لهــــــب.

الحـــــب جـــــذوة في الأعمـــــــاق.

خـــــرج والحنيــــــن يؤســــــــره

فــــــإذا النهــــــــــار  .........

والثلــــــــج مـــــرآة كالنهـــــــار

والسمـــــــاء بحــــــــــــر  ........

للإنبهــــــــــــــــــــــــار.

كــــــل خــــــلايا الجســـــد توفـــــزت

والـــــدم في العــــــــروق  .........

فـــــاض .....  وفــــــــار

علـــــــــت فــي الــــــــروح صيحــــــــة:

انـــــــــــــه الربيـــــع  .......

أفـــــــــق للعــــــــــــــــــراق.

*   *   *   *

 

6- الحراســـــة الأولــــــــى

 

قــــــــرأ اســــــمه ......

حراســـــة ليليــــــــــة

همـــــس الحـــــــذر يوقظـــــــه،

وهـــــــــو النائـــــــــم اليقـــــــظ:

" حراســــــــتك .....  يــــــــارفيق"

صــــوت بشـــــر مــن بشـــــــير

انـــــــه الواجـــــــب الأول للنصيــــــــر.

حـــــــاول ........  !!

مااســــــتطاع النهــــــــوض .......

ألــــــــم الســــــاق أســـــقطه......

عــــــزم  .....  وتثبــــــــت

تــــــــزين بحــــــــزام الطلــــــــقات

تنكــــــــب بندقيــــــــــــة وإرادة

خــــــــرج والحمـــــــاس ظلــــــــه

كــــــل ومضــــــات الحــــــب ....... كــــل المثـــــل اتقـــــدت،

كالقـــــزاع تجمعــــــــت،

كقطــــــرات مطـــــــر ينهمــــــــــر.

اتخـــــــــــــذ موقعـــــــه حــــــــــذرا

عينــــــــاه مصبــــــــــاحا إنـــــــارة،

والجســــــــــد لولبــــــــــــــا يــــــــدور

يــــــــروح  ......  يجــــــــــــيء  .....،

ثــــم يـــــــــــــــــــــــــــــدور

لســــــــعات البــــرد تؤنســــــــــــه،

نــــــــداءات تيقــــــــض وحـــــــــذر.

الثلـــــــــــــــج أفــــــــــــــــــــق  ........،

وبــــــــه اســــــتعان الناهـــــــــض  ........

الجســـــــــــــــــــور.

*   *   *   *

7- فصـــــــــــــــــــيل

 

قــــــاعة طينيـــــــــــــــة وســـــط صخــــــــــور

والحـــــــــــــالمون فيهــــــــــــــــا  ........

يتقــــــــــاسمون المشـــــــــــــاق،

يتعــــــــــــــــاونون  ......

توحـــــــــــــدهم المصـــــــــــاعب.

أواصـــــــــــــرهم:

أفــــــــــراحهم  ......  المخاطـــــــر،

تمتــــــــــــــــد بينهـــــــــم جســـــــــــور.

نحـــــــــــل ............

مــــع الفجــــــر ينهضــــــــــــــون

يستنهضــــــــــون الهمـــــــــــــــــم،

غنـــــــــــــــــاء ......  وحبـــــــــــــــور

يعتـــــــــــــــلون صهــــــــــوات الســــــــــفوح،

أنصـــــــار  ................

فــي الفصـــــــــائل..... المقــــــــرات

عمــــــــــــــــــــــــــــل

وفــي المفـــــــــــــــــــــــارز ..........،

كفـــــــــــــــــــــــاح .......

براكيــــــــــــــــــــن تثـــــــــــــــــــــور ......

 

*   *   *   *

8- حطــــــــــــــــــــــب

 

بالحماس .....

بالقناعات المتقدة،

يتدفـــــــــــأ الشـــــــــــــــــتاء.

في الجبــــــــــــــــــــــال ........

فـــــوق قمـــــــــــــــــــم الثلـــــــــــــــــــــج،

يتدفـــــــــــأ الأنصـــــــــار بنيران المــــــــــواقد.

أخشــــــــــاب تســـــــــتحال جمــــــــــــــــــرا

جـــــــــذوع تصــــــــــارع الزوابــــــــــــع

يصرعـهــــــــــــــا الأنصـــــــــــــــــــار،

وتســـــــــــــتقطها الســـــــــواعد .......،

الهمــــــــــــــــــــــــــــــم.

رغـــــــــــــم القــــــــــــــــر ......  العــــــــــواصف،

ونتــــــــــــوءات الصخـــــــــــــــــور

تحمــــــــــــــــلها المنـــــــــــاكب

وتقطـــــــــــــــعها الإرادات.

ضربــــــــــات أطبـــــــــــــــار،

قـــــــــوة إيمـــــــــــــــان،

للضــــــــــــارب الواعــــــــــــــــد.

فيهــــــــــــــــــا تحــــــــدث النصــــــول،

قشــــــــــــور اللحـــــــــــــــــاء:

تطـــــــــــــــاوعي .........

فالضـــــــــــــــاربون، صخـــــــــــــور جلمــــــــــــود

عــلى الســـــــــــــفوح الرواعــــــــــــــــــد.

*    *    *    *

9- مخلــــــــــــــــــص

 

وجــــــــــــه طفـــــــــــــــــولي.

بــــأس الرجـــــــــــــولة فـــي المحــــــــــيا.

زهــــــــــــــرة وســــــــــــط الشـــــــــــــــــوك .......

نمــــــــــــــــــــــــا.

كــــــــــره الســـــــــكينة، ولعــــــــــــب الصبــــــــــــا

فآعتـــــــــــــلى جــــــــــــــــذوة المصـــــــــاعب.

فــي المصــــــــــــــتاعب تجـــــــــــــــلدت روحــــــــــــه،

وعــــــــــلت ســــــــــيماؤه وســـــــــــــــماه.

ذلـــــــــــــك مخلـــــــــــص:

نصيـــــــــــــــــــر، في العمــــــــــــــر صغيـــــــــــــر،

فـــي العـــــــــــــــزم رجـــــــــــــولة،

وفـــي الصـــــــــــدق، بانــــت ســــــلبية،

بعـــــــــــض ســــــــــجاياه.

فـــي العـــــــــــــــون همــــــــــــــة

وفـــي العمــــــــــل باقيــــــــــــــة،

آثــــــــــــــــاره وخطـــــــــــــــاه.

*    *    *    *

10- نصيــــــــــــــــرات

 

تـــــــــراهن كالورود .....

تحــــــــــــــــدين جلـــــــــد الصخــــــــــور.

زهــــرات فــي الأوديـــــــة،

علــــــى الســــــفوح، وسط الصخـــــــــور.

بيـــــــض قـلوبهــــــن

حمـــــــر لواعجهــــــــــن

مشــــــاعرهن دفــــــــــق.

جعلــــــــن مـــن المخــــــازن أوســـــمة،

ومــــن الطلقــــــات قلائــــــــــــــد.

كتبـــــــن فـــي الحمـــــــــــاس......

آيــــــــــات.

وفي الجبهـــــــــات المـــــــآثــر.

ارتقــــــــت أرواحهـــــــــن أنجمـــــــــــــا

فـــي الســــــــموات

بينهــــــــــن .........

أحــــــــــــــلام وأنســـــــــــام.

*    *    *    *

11- عمليــــــــــــــــــــــة

 

همـــــــس حــــــــــــذر......

مجــــــــاميع تنتشـــــــــــــــر،

بعـــــــد اســــــــتطلاع واصطفـــــــــاء.

مهــــــــام تقتســــــــم ........

يتـــــــــــوزعون،

والســــــــــر عميـــــــــــق.

مشــــــــاعرهم جياشـــــــــة،

كمــــــــوج بحـــــــــــــــر.

يتــــــــوقون لآن اللظـــــــى

وفـــي اللحظـــــــــة، الصفــــــــر

يحيلــــــــــــــــــــون الدجــــــــى ضــــــوءا

يصبـــــــــون القناعــــــــــات،

حممـــــــــــــــا.

أنصــــــار ............

لايحبـــــــــــــــون المـــــــــوت

ولا يرهبــــــــــــــون.

مــــــــلائكة للحـــــــب....

انســـــــانيون

يقتحمـــــــــــون الســــــموات.

خشــــــــــوف عـــلى الجبـــــــال

يتشبثـــــــــون كالجــــــــــــذور.

يعتـــــــــــلون الســـــــــفوح .......،

الأســــــــــــوار.

صيحــــــــاتهم رعـــــــب

وهـــــــدير ضرباتهــــــــم،

ســـــــيل أمـــــــــــــل.

 

*    *    *    *

12- أنســـــــــــــــــــــــــان!!*

 

أســـــــــــمه صــــــــدى،

فـــي الــــــــــذاكرة يأتلــــــــــــق.

أســــــــــــــطورة....، صيرتــــــــــــــــه

أحــــــــــــــــــلام القـــــــــــــــــوم

فـــي تلــــــك الأنحـــــــــــــــاء المهمــــــــــــــومة.

ركـــــــــب المــــــــــــــــوج منـــــــذ الصــــــــــبا .......

صــــــــــــــلد ..........

فـــي البحــــــــــر ربـــــــــــان

وخــــــــــــواض.... للغمـــــــــــــــار ........،

شــــــــــــــــــبق.

عســــــــــكري ........

وهـــــــــو العـــــــــامل

ضــــــــــــــامته المصــــــــــــاعب

ولــــــــــــــم يكــــــــــــل أو يمــــــــــــــــل

جـــــــــــــذوة

عـــــــــــــزة النفــــــــس جبــــــــــل.

يـــــــــــاطته اســــــــبندار

بيــــــن الجبــــــــال

فـــي الوديــــــــان

يســــــــمو...،

مؤتلقــــــــــــا ...... عبــــــــــق

 

* المقصود هو القائد الشيوعي الفذ توما صادق توماس ( أبو جوزيف).... عند كتابة النصوص لم أفصح عن اسمه لكي لايؤخذ النص بغير صدقه.... وأعلنت الاسم بعد حادثة وفاته المفجعة أواسط تشرين الأول 1996 وكنت قبل أيام قريبا منه في مدينة القامشلي السورية. وكانت النصوص مازالت لم تطبع.

*    *    *    *

13- ســــــــاعة صمــــــــت

 

ليــــــــــــــلا ........

يجتمعــــــــــــــــون .........،

أنصــــــــــــــــار الفصــــــــــــائل

يفترشــــــــــون أرضهــــــــــــــم

يحيطـــــــــون ضــــــــوء،

من فانــــــوس يشــــــــــح

ســـــــــاعة للصـــــمت،

للقــــــــــــراءة

لاصـــــــوت يعــــــــلو

سوى صـــــوت الأصــــــابع

تقلــــــب الصفحــــــات ......

تحـــــــف.

وتنتهـــــــي الســـــــاعة ......،

الصمــــــت

يليهــــــــا حــــــوار

ينجيــــــــــــــــه ..... السمر

*    *    *    *

14- الأنصـــــــــــــــــــــار

 

مفــــــــــــــــــــارز ......

وحــــــــــــــــــدات تنتشـــــــــــر

فـــــــــــــــوق الســــــــــــفوح،

فـــي المقــــــــــــرات .......

وســــــــــــط القــــــــــــــرى

حياتهـــــــــــــــــم تعصـــــــــــــــف،

كالميــــــــــــــاه جــارفـــــــــة

تتخطــــــــــى، عــــــــــــوارض المصــــــــــاعب

يخـــــــــــــــوضون الغمــــــــــــــار

المســــــــــــــار الصعـــــــــــب

أيمــــــــــانهم ســـــــيل ......

نيـــــــــــــران تضطــــــــــــــــرم

 

* انتهت النصوص التي كتبت مجتمعة أواخر العام 1985 لتسجيل مشاهد أو لمحات من الحياة الأنصارية اليومية. وستليها نصوص على نفس المنوال ولكنها كتبت في أوقات لاحقة وتناولت جوانب أو أحداث أخرى قائمة بذؤاتها.....

 

              *       *     *      *                                              

 

 

ملحمتــــــــــان فـــي صــــــــــورة واحــــــــــدة *

 

 

خشـــــــــــــــــــوف.....

على الســــــــــــــــفوح

فـــــــــــــــوق القنــــــــــــــــــن

وفـــي الوديــــــــــــان، الســـــــــــــهول

انتشـــــــــــــــــــــــــــــروا.

كمـــــــــــا اللقــــــــــــــاح،

علـــى المياســــــــــــم انتثـــــــــروا.

جعلــــــــــــوا الســــــــــماء،

لحــــــــــــــــــــــــافا

والصخــــــــــــــــور فــــــــــــراشا.

خصــــومهم.....

بـــــــــــــؤس

وراء التخــــــــــــــوم

شــــــــراذم .......

ضمــــــــــــائرهم زجـــــــــــاج ......

ينكســــــــــــــــر.

أنصـــــــــــــار .....

حبســــــــــوا الأنفـــــــــــــاس

صـــــــــاروا صمتـــــــــــا لليــــــــــــــل

جـــــــــذورا فـــي الأرض

جمـــــــــرا يتلألا فـــي الــــــــــدجى

نجـــــــــــوم عـــــــــلت .....

فـــي ذلــــــــك الليــــــــــــــــل البهيــــــــــم.

نبـــــــــض للزمـــــــــــــــــــــن

زمـــــــن للحـــــب والحنيـــــــــــن.

وفـــي الضفــــــــة الأخـــــــــرى ......

ســـــــكون كالمــــــــــــوت

زمــــــــــــــن للخــــــــــــوف،

والأفــــــــــــق المجهـــــــــــــــــول.

بســـــــــمات ........

نظـــــــــــرات كالنصــــــــــول

همســــــــــاتهم .....،

غضــــــب مســــــكون.

وثبـــــــــــــــوا ......

فجـــــــــــــروا الصمــــــت

كالبراكيــــــــــن تثــــــــــــــور.

شـــــقت نيرانهم،

بحـــــــــر الدجـــــــــى

صـــــــــار بحــــــــــرا مـــن لهـــــــب.

ركبـــــــــــــوا صهـــــــــــوات الســــــــــلالم

عبــــــــــــروا الأســــــــــلاك،

اخترقــــــــــوا الحواجـــــــــز .....

كالنســــــور.

ارتعــــــــــــــــدوا.........،

جنـــــــــــــود الظـــــــــــــلام

تســــــــــاقطوا فــي الرعـــــــب

صمتــــــــــــوا .......

نيــــــــــــــرانهم قبـــــــــــور.

علـــــــــــت شــــــارات النصـــــــر،

خطـــــــــــــــوط حمـــــــراء

امتـــــــلأ الكــــــون بهــــــــــا

وصـــــاح الفضـــــــــاء وضــــــج

بزغــــــــــــردات .........

الأمــــــــــــل.

* الملحمتـــــان هما: عملية سوتكي التي حقق فيها أنصار الجبهة الوطنية الديمقراطية العراقية ( جود) انتصارا كبيرا على قوات الدكتاتورية وذلك في أوائل نيسان 1987 . والثانية هي عملية بامرني التي تمت فيها السيطرة على جميع مرافق وربايا مطار بامرني. تلك القصبة التابعة لمحافظة دهوك. وكانت عملية مشتركة لأنصار الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني وتمت في أيار من نفس العام.

 

*    *    *    *

 

 

نـــرنـــــــــــوه قرصـــــــــا للشمـــــــــس*

 

 

تقديــــــــــم

 

فـــي الظــــــــــلام،

فـــي دجــــــــــى الليـــــــــل المدلهـــــــم،

يبقـــــــى البصيــــــص أمــــــلا ......

يكبــــــــر........

يمســــــي شــــــعاعا

قرصــــــــا للشمــــــــس

يحمــــــــر ........

يحمـــــــــر ........

فـــي الأفــــــــــــق.

*    *    *    *

 

تهيـــــــــــــــــــؤ

 

مــــــــواكب توافــــــــدت

تحـــــــدت حواجــــــــز المخـــــــاطر

تجمعــــــــت .........

تشـــــــكلت قزاعـــــــــــا.

جحافــــــــــل عزائــــــــــم،

تشـــــــابكت مناهلهــــــــــا

توحــــــــــدت نســـــــوغها

تحـــــــدت ســـــــلاطين القمـــــــع

كأمــــــــواج بحــــــــر .......

تلاطمـــــــت

مســـــــتقرها، محيــــــط هــــــــادر.

ســــــواعد تماســـــــكت

والحناجــــــــر تناغمــــــــت

تصـــــب الصــــــدى

فـــي محطـــــــــات التقاطــــــــر.

كــــــل شــــــيء الـــى احتضــــــار،

وســــــما الحــــــــزب ....

ريـــــــاض ......،

عبيرهـــــــــا العبـــــــق

*    *    *    *

 

لقــــــــــــــــــــــــاء

 

وجـــــــــوه تـــــــــلاقت

وأخــــــــرى علـــى طــــــريق التعــــــارف.

أحاديثهـــــــا .....

تجلجـــــــــل صـــــــدى

تبســــــم الاســـــــبندار طربــــــــا

بمقـــــــدم الشـــــامخين

تمـــــــايلت الأشـــــــجار فرحـــــــا

بالخــــــــــــائضين إوارا........

ومــــــــوج بحــــــــــر.

 

*    *    *    *

شــــــــــــــــــــــــــــروع

 

عـــــــــلى هـــــــــدى التـــــــاريخ،

وفـــي خضـــــــــم المصــــــاعب،

شــــــــــرع الرابــــــــع،

يحيطــــــــــه فرســــــــــان

إيمـانهــــــــــم جـــــــــذر

تبســــــــمل بالنشــــــــــيد،

مـــــــؤذنا ســـــــاعة الإبحــــــــار،

والســــــــــفن للإبحـــــــــار .......

ترنـــــــــو ...... تنتظــــــــــر.

عــــــــلا صـــــــوت

تـــــــرددت أصـــــــوات

كأنهــــــــا الســــــــيوف

لدجــــــــى الوهـــــــــن .....،

تبتتــــــــــــــــــــــــر.

منـــــــافح شــــــــرر

منــــــــاهل للآفـــــــــاق ........

تنفجــــــــــــــــــر.

شــــــــــباب ........،

حمــاســــــــهم جمــــــــــر

وشـــــــــيب،

بالســـــــــنوات الجمــــــــــر .....تعتمـــــــــــر.

النســــــــاء زخــــــــم

جمعتهـــــــم قيــــــــم.....

آمـــــــال.......... فكــــــــــــر

*    *    *    *

الختـــــــــــــــــام

 

إنتهــــــــــى المجمــــــــــع،

مـــــــــــداه ماانتهــــــــــى .......

فالخيـــــــــــر بمــــــــــن يســــــــتنهض

واقعــــــــــا يســـــــــتجار.

الأوراق بيــــــض

والكلمـــــــــــات حبـــــــــــــــر،

إن لـــــم تليهـــــــــا .......،

ميـــــــادين غمــــــــــــــار

ولــــــن يظـــــــــل الطـــــــــريق .......،

المســــــــــار .....

إلا المتزلفـــــــــــــــون

المنزلقــــــــــــون .......،

يمنــــــــــــــــــــة .......،

ويســـــــــــــــــــار ...!!!

كردســــــتان في مقر دجــــــلة

15  /  تشرين ثاني  / 1985

 

* هذا النص كتب مع بدء التهيؤ لعقد المؤتمر الوطني الرابع للحزب الشيوعي العراقي. وبعد وصول المندوبين الى وادي في منطقة ( خواكورك) عند المثلث العراقي – التركي- الإيراني في كردستان العراق.

                                                         *     *     *     *

عـــــن تلـــــــك الأنحـــــــــــــاء

الجبــــــــال شــــــــواهق،

والســــــــفوح صـــــاعدات .....،

تنحــــــــــــــــــــدر.

الميــــــــــاه مســـــــاقط،

عيــــــــــــــــــون ....

صخبهـــــــــا يشــــــــق الدجـــــــى.

الســـــــــفود ريــــــاض

بيـــــــاض فـــي الشـــــــتاء،

وفـــي الربيـــــــع ....،

ســـــــــهول

بالزهـــــــــــور الحمــــــــــــراء تزهـــــــي،

تزدهـــــــــــــــــــــــــــــــر.

مـــن بعيــــــــــــــــد .....

كالشـــــــمس،

تشــــــــــرق القــــــــرى

اســـــــبندارها البشـــــــائر.*

النســـــــــــاء ......،

فراشــــــــــــات في الحقــــــــــــول

عـــلى الروبـــــــارات تنتشـــــــــــــر**

فـــي البيــــــوت،

مــــع المفـــــــارز،

رجـــــــــال

يحلمـــــــــون بالفجــــــــــــــــــور

أعياهـــــــم الســــــــهاد ......،

والســـــــــــــــــهر.

يــــــاوطن الأكــــــــراد .......

لــــــك المنــــــــى

لــــــك الوجــــــــــــد

لــــك الميعـــــــــــاد ........،

والســــــــــــــــفر.

 

شــــــباط / 1986

* الاسبندار: شـــــــجر الحـــــــور. ويسمى هكذا في قرى كردستان العراق.

* الروبارات: جمع روبار. وهو نهر صغير، يمثل مجرى لمياه العيون المنتشرة بشكل مهيب وجميل في جبال ووديان كردستان.

 

                                         **********************************

                   نصـــــــــوص للهجـــــــــــــــرة الإضطـــــــــــــــــــــــــرار

 

                                                    ***   ***   ***   ***   ***

هذه النصوص تنشد للشعر أكثر. وهي لقطات للوحة متكاملة تصف حال الأكراد خلال اضطرارهم على الهجرة وترك قراهم ومنازلهم بعد حملة الأنفال الاجرامية للنظام الدموي الصدامي. كتبتها ، في مخيمات تركيا اللاأنسانية المؤقتة. وذلك في شهر تشرين الأول من العام 1988.

وكنت حينها وسط الناس المغادرين إجبارا ومعهم، مثقلا بمشاعر الأسى والألم لفراق الأرض والانقطاع عن الوطن جسدا ....!!

 

                                                                                   عبد اللطيف السعدي

1- لهــــــــــــــــــــــم

للهجــــرة .....

القســـــــــــوة ......

الاضطــــــــــــــــرار.

للراجمـــــــــــــــــات .....

محشــــــــــوة بالمــــــــــوت

للخـــــــــــردل – غيمــــــــــــا-

يمــــــــلأ قـــــــرى الكــــــــرد

اختنــــــــــــــاقا وحــــــــريق

للجنـــــــــود ........

" للجحــــــــــوش"  *

خـــــــــائفين

للـــــــــذين مااحتمــــــــلو

ليـــــــــــــــلا .......

بعـــــــــده الفجــــــــــر

للصــــــــــامتين

الخائفـيــــــــــــن .....،

أشـــــــباح الإنهـــــــــزام .....،

الإنهيـــــــــــــــار.

لهــــــم ....

لهــــؤلاء.....

قولـــــــة

وتـــــــأريخ احتضــــــــار!!

 

*" الجحوش": كلمة اطلقت على الذين باعوا ضمائرهم وصاروا جزءا من مؤسسة النظام القمعية لمقاتلة أبناء شعبهم الكردي الطيب وقواه الحية.

                                                  

                                                                  *   *   *   *

2- لكــــــــــــــــــم

لقـــــــرى هجـــــــــرت

لأهـــــــــالي .......

هـــــــاجــروها حبــــــــــا

لأطفـــــــــال كبــــــــار

عرفـــــــــوا الخــــــــردل

مــــــــوتا ......

لغــــــــة للحقــــــــد ......

لفقــــــــــدان الديــــــــــار

لنســــــاء مثخنـــــــــــات

بهمـــــــــوم الكــــــــرد

بجــــــــــراح الحـــــــزن .....،

بالشـــــــــهداء

شــــــرارات لهيــــــب الانفجـــــــار

لرجـــــــــال مثقليـــــــن .....

بالســــــنين .....الجمــــــــر

لأنصـــــــار ثبــــــات .....

لمـــــــن تــــــــاق إلـــى المـــــــوت ....

وقـــــــــوفا.

لكـــــــــــــــــم مجــــــــــــــد ...،

ريـــــــاض مـــن الفخــــــــــر

فضـــــــــاءات اختيــــــــــار

*    *    *    *

3- خــــــــوف وتحـــــــدي

مســــــــــــير ........ مســـــــــير

أثقــــــــــله الصــــــــراخ

العــــــــويل

إعـيــــــــاء الصغــــــــار الكبــــــار

إغمـــــــــاءات الكبــــــــار ........

الكبـــــــــــار

ليــــــــلة فـــي التيـــــــه

فـــي المســــــار .......

العســـــــــــير

فـــي العــــــــــراء ....

فـــي " الشــــــــيف"  *

المـــــــــلاذ الأخيـــــــــر.

تعـــــــب ...... غضـــــــب

بـــــــرد ..... حـــــــــــر

تــــــــراب ...... ميـــــــاه

خــــــــوف ...... تحــــــــدي

يـــــــأس ....... أمــــــــــل

جنـــــود الظلــــــم يصـــــــرخون

وانفجــــــــارات الحـــــــدود

والجنــــــود ..... انتشــــــروا فــي الفـــــــلا

كالقطيـــــــــع

محـــــــــــزونا يطيـــــــــع !!.

أشــــــــعلوا ..... أشـــــعل القوم

نيرانهم .....

نيــــــــــران للحياة،

فـــــــوانــيس ســــــــمو

وفنـــــــارات صبـــــــــر

صــــــار التــــــــراب فــــــراشا للصغــــــار

والســـــــماء لحـــــــــافا

لأجســــــــاد

أتعبهــــــــــا الليــــــــــــل

وأضنــــــــاها النهــــــــــار

 

* الشــــيف : ممـــــر ضيق في الجبل أو بين جبلين ينجم عن طوية للصخور في الجبل. وعادة يكون آمنا أثناء القصف لأنه يصعب على المدفعية أن  تطاله أو المحتمين في ظلاله.

 

                                                                  *    *    *    *

4- أطفـــــــــال وجــــــــوع

كالخـــــــــراف يلهثـــــــــــون

أطفــــــــــــال الهجــــــــرة الكـــــــردية .....

جــــــــــــــــوعا ....

خلــــــــف الفتــــــــات

والخبــــــــز ينثــــــــره العاطفـــــــــون.

و بعـــــــد اليــــــأس

حمــــــائم تعـــــــــود

البطـــــــــون خــــــاوية

قوتهــــــــــم الحــــــــزن

وتعتصــــــــــــر الشـــــــؤون  *

تنـــــــــــزف دمعـــــــــا

وتمتـــــــــلئ العيــــــــــون.

الكبــــــــــار ينظــــــــرون

يقطـــــــــرون الأســـــــى .......

والشــــــــجون

 

* الشـــؤون: جمع شأن. وهي مجاري الدمـــع في العيـــــون.

 

                                                         *    *    *    *

5- ولادة المـــــــــــــوت  *

وســـــــــط الصـــــــراخ .....

النبـــــــــاح

ينبــــــــــض صــــــوت

يقطــــــــع الأحشـــــــاء ..... يولـــــــد

يـــــولول منتفضــــــــا

يرفـــــــض الهجــــــــرة

زمــــــــن الخــــــــردل

المــــــــــوت .......

الريــــــــــــاح

عــــــــــلا الصــــــــــوت ......،

الصيـــــــــــاح

مــــــــلأ الفضـــــــاء بكـــــــــاء.......،

نــــــــــــواحز

مـــــــــات الطفــــــــــل

وأمـــــــــه مـــــــاتت،

عـــلى الأرض الســــــفاح ....

البطــــــــاح.

 

* حاولت بهذا النص تصوير حدث فعلي حصل في أول يوم قضاه المهاجرون اضطرارا في العراء بعد يوم عناء في المسير. إذ عانت امرأة المخاض. وعندما ولد الطفل صرخ احتجاجا ومات. وكانت الأم قد سبقته في الموت ....!!!

 

                                               *    *    *    *                                                                                                        

6- أيــــــــــام البــــــــــرد *

 ثمـــــــــان ......

ليــــــــالي البــــــــرد

نهــــــــــارات الجــــــــوع ....،

الخــــــــــــــوف

ثمــــــــــان .....

صبــــــــاحات المـــــــوت ....،

الكفـــــــــــاح

ثمـــــــــان ......،

إغفـــــــــاءات الليـــــــــل

إعيـــــــــاءات الصبــــــــاح

زمـــــــــان القــــــــلق

ثمـــــــــان مضـــــــت

ليــــــــالي للتســـــــاؤل

عـــن الأرض

عـــن القـــــــرى .....،

الأهـــــــــل

عـــن الأفـــــــــق المســــــتباح

ثمـــــــــان مثقـــــــلات

بالجنـــــــود ......،

بالصــــــــراخ

الصفيـــــــــــر ......

النبـــــــــاح !!

 

* في هذه المقطوعة حاولت وبتركيز تصوير الايام الثمانية التي قضاها الآلاف من البشر في العراء وعلى الأرض بلا أبسط المستلزمات داخل الأراضي التركية وقرب الحدود العراقية قبل أن ينقلوا الى أماكن مهيئة بشكل مخيمات ....!!

 

                                            ***********************************

     وبهذه النصوص ينتهي الكتاب المشروع ( نصوص من سيرة أنصارية) وكلي أمل بأن ينهض أحدهم ويبادر لطبعه وريعه لأي شيء يخدم الحزب و قضايا شعبنا الوطنية .....