الحزب الشيوعي العراقي.. 4/ فيصل الفؤادي
تركيبة الحكومة الملكية [1]
من المعروف أن المجتمع العراقي كان في بداية القرن العشرين مجتمع فلاحي عشائري يرتبط أرتباط وثيق بالارض وهو مجتمع يتكون من عدة أقليات وأديان .ومع التطور الزمني تطورت المدن وتوسعت وعندما تأسيس الجيش العراقي 1921أنضم اليه كثير من أبناء العوائل , خاصة المتمكنة وذو العلاقات الخاصة أيضاً ودخلوا الدورات العسكرية وأصبحوا ضباط في الجيش العراقي وذو مراتب عليا وتعززت ثقافة عسكرية مهنية وكان لهذه المؤسسة دورا كبيرا في الجانبين السلبي والايجابي أي الاسهام في قمع الانتفاضات التي تطالب بحقوق المواطنين , أو في التغير كما حدث في ثورة 14 تموز .
وكانت فترة الثلاثينات من القرن السابق فترة بناء وتأسيس لبعض المؤسسات والمعامل , وعلى أثر ذلك نشأت طبقة عاملة أخذت على عاتقها تطوير العمل المهني والصناعي . ونشأت طبقة عاملة في مؤسسات مهمة منها السكك والمؤاني , أما في المعامل فكانت الطبقة العاملة أقل عدداً , ولم تكن البرجوازية الصناعية متطورة وذات أمكانيات كبيرة , وبتقديري لم يكن الصراع محتدم بدرجة كبيرة بين البرجوازية والطبقة العاملة برغم المظالم التي عانت منها الطبقة العاملة في كثير من المعامل الانتاجية والخدمية . في نفس الوقت تأسست بعض النقابات ومنها نقابة أصحاب المهن ونقابات أخرى كانت بطور التكوين والتي كان لها دورجيدا في الدفاع عن مصالح العمال والكادحين ... الخ .
وفي الفترة الزمنية نفسها تطورت شريحة جيدة نسبياً من الطلبة الواعيين الذين عملوا وأسسوا بعض المنظمات والجمعيات التي تناضل من اجل مصالح الطلبة والشعب وضد الحكم الملكي المدعوم من الاحتلال البريطاني من خلال النشر في الصحافة والفعاليات المختلفة وهؤلاء الذين كونوا جيل الرواد للفكر الاشتراكي , كما يشير د. عقيل الناصري . وتطورت الحالة الاقتصادية الاجتماعية في العراق بشكل متسارع في بعض المجالات حيث نشأت الكمبرادورية التي تسعى الى تطوير وضعها في المدينة والتي عملت فيما بعد على أمتلاك وبناء بعض المعامل الصغيرة ذات الانتاج السلعي والرأسمالي بحدود ضيقة وبالتالي تكونت شرائح جديدة من المجتمع العراقي .
أما الحكومة الملكية فقد تجسدت بمجموعة من العائلات الميسورة من الاستقراطية التقليدية وبعض من الضباط الذين تولوا مسؤوليات محددة وقد طورت الطبقات الاجتماعية الاقتصادية بعض الانماط من الانتاج المحلي التي أرتبطت أرتباطا عضويا بما هية القوانين التي تخدم تلك المصالح . كما وقد تطورت الفئات في المجتمع الاقطاعي التي أصبحت مالكة لبعض مفاصل الحياة الاقتصادية المدنية من خلال توظيف رأسمالها في الانتاج الاجتماعي الذي يرتبط أصلا في الجانب الزراعي , بالرغم من تخلف القوى المنتجة .وأصبحت الاقطاعية وبعض المتنفذين من العشائر وكبار رجالات الجيش وموظفي الدولة الكبار والميسوريين والاغنياء وبعض رجالات الدين, يمثلون قاعدة النظام الاجتماعية والذين يدافعون عن نظام الحكم بكل زمان ومكان وذلك مرتبط بقوة ودعم وتعاون الاحتلال البريطاني وحلفائه .
إن أهم ما يميز مرحلة الحكم الملكي حتى الجمهورية الاولى هو ما يلي :
1- حكومة ملكية يقودها ملك أجنبي طرد من سوريا, أتي به البريطانيون لينفذ سياستهم .
2- نظام يعتمد على شخصيات لها دور في أبقاء ودعم الاحتلال البريطاني .
3- منع تشكيل الاحزاب الوطنية والديمقراطية، ومنع نشوء المنظمات والجمعيات والنقابات , حيث كتب الحزب الشيوعي مذكرة في هذا الخصوص الى رئيس الوزراء والنواب والاعيان.
4- بناء نظام طائفي يعتمد على طائفة واحدة في الوظائف الكبيرة في الدولة أو في الجيش , وأبعاد الطائفة الثانية والمكونات الاخرى .
5- أستعمال العنف ضد مناوئ نظام الحكم، واعدام قادة أحزاب وسجن وأعتقال وتنكيل ... الخ
6- منع أي مواطن لديه أفكار خاصة تتعارض مع النظام الحاكم، وأعتقال من يشتبه به .
7- الاعتماد على العشائر ورؤسائها وملاكي الاراضي من الاقطاعيين وبعض رجال الدين ودعمهم ماديا و عسكريا في السيطرة على الاوضاع في العراق .
8- هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق نتيجة عدم تطور البنية الاقتصادية من معامل ومصانع , واشتداد التناقض بين مختلف الفئات .
9- قلة فرص التعليم وأنتشار الامية بين المجتمع العراقي .
10- عدم وجود دور للمرأة في المجتمع .
11- كـان الجيش يلعب دورا أساسيا في الحياة السياسية في العراق .
يذكر الدكتور عقيل الناصري في كتابه 14 تموز الثورة الثرية – ( كان هناك تفاهم تام أو حلف غير مقدس بين الضباط والساسة ومعضمهم بالاصل من الضباط – أمثال نوري السعيد , وجعفر العسكري وعلي جودة وجميل المدفعي وغيرهم , وكان ذلك التفاهم يقضي بأن تعامل الحكومات المتعاقبة الجيش العراقي معاملة خاصة , تمتاز عن بقية مؤسسات الدولة ... ولم يكن تصرف الساسة ودعمهم لضباط الجيش دون ثمن , فقد تعهد الجيش بالمقابل على حفظ الامن والنظام لحماية السلطة الحاكمة , ومنع أي تجاوز عليها أو تحديد سلطتها أو الضغط عليها لادارة البلاد بالطرق الديمقراطية , التي لم تكن معروفة ولم تعرف في يوم من الايام بمعناها الصحيح طيلة بقاء العهد الملكي[2]) .وقد تربى الجيش على أسلوب ونظام يرتبط بشكل غير مباشر بالاحتلال البريطاني ودوافع الحكام الرجعين أنذاك .ويشير الكاتب ب – السامر في موضوعة ( ملاحظات في طبيعة وتطور القوات المسلحة ) الى ـــ
– ( وأرى أن مؤسسة الجيش هي التي تلعب دورا رئيساً في الحياة السياسية . لقد ثقفت السلطة الحاكمة الضباط وضباط الصف بروح العداء للشعب وتربيته على النزعات الانتهازية والتمتع بالامتيازات وخلق فجوة حادة وواسعة بين الضباط من جهة وأفراد الجيش والمراتب الاخرى من جهة أخرى , والحط من كرامة أفراد الجيش وسعت الى أبعاد الجيش عموما وقمع نضالات الحركة الوطنية خشية تفاعلها معها ومساندته لها )[3].
12- ظروف الحياة الاخرى وهمومها من بطالة والتأثيرات الخارجية على شعبنا في الحرب العالمية الثانية والازمة الاقتصادية العالمية وتبعاتها .
أما القاعدة الاساسية للمجتمع العراقي فتتكون من الفلاحين الفقراء الذين يشكلون أكثر من 60% من الشعب العراقي والكادحين من العمال والكسبة وأصحاب المهن الصغيرة والجنود والمراتب والتجار الصغار ومن هم من العناصر والطوائف المختلفة .
[1] عقيل الناصري 14 تموز الثورة الثرية ص 61- 1- قوى الاحتلال الاجنبي والكادر الاداري المرافق له .
القوى الاجتماعية المتكونة من 1و2 المدينية وتتمثل بألاشراف والعوائل الاستقراطية القديمة والتجار والملاكين الكبار . و2و2 الريفية وتتمثل بمجموعة القبائل والعشائر وخاصة الكبيرة منها .
3و2 الدينية وخاصة الاسلامية ( السنية ) واليهودية .
3- الارث المعنوي للملك المعين ومجموعة الضباط العراقيين في الجيش العثماني .
[2] 14 تموز الثورة الثرية –الكاتب د . عقيل الناصري ص 96