البغل والإذاعة / حميد الموسوي
في الربع الأول من سنة 1981 كلفت بقيادة مفرزة مكونة من مجموعة تضم أكثر من عشرين رفيق.
كان من ضمن هؤلاء رفاق ملتحقين جدد علينا إيصالهم الى مقراتنا في هيركي وكوسته , وكذلك مجموعة من الأسلحة , كلفني الرفيق الراحل توما توماس وهو القائد العسكري لقاطع بهدينان أن هناك شئ ثمين جدا مع هذه المجموعة أرسله الحزب ولايعلم بهذا الشئ سوى الذين أوصلوا المفرزة وهم مفررة الطريق وسوف يكون معك واحد منهم الرفيق أبو وسن .. المهمة صعبة وتستوجب الحيطة والحذر إنها أول إذاعة تصل من الخارج الى الحزب .
كان معنا أيضا الرفيق الشهيد أبو كريم وكذلك الرفيق أبو تحسين وقد رافقاني قبلها في بعض المفارز لكي يتدربوا على هذا الطريق الرابط بين بهدنيان وهيركي وكوسته إضافة الى إكتسابهم الخبرة في شد البغال , لقد قمت بتكليف أبو تحو في قيادة البغل الذي يحمل جهاز الإذاعة ....تعرضت المفرزة الى ظروف جوية صعبة تخللها ضباب كثيف , أمطار , غضافة الى الظلام الدامس مما تسببت بفقداننا أثر الطريق ..هذا مما أدى بالرفيق أبو تحسين أن يضغط على البغل بالصعود بالقوة الى القمة , والمعروف لدينا إذا فقدت الطريق لاتضغط ولاتستمر بضرب البغل لأنه لايسير بالطريق الخطأ ..!وفعلا أنتحر البغل ورمى بنفسه مع الجهاز من منتصف القمة الى القاع ليموت ..... وأنا والرفيق أبو وسن فقط نعرف مايحمله هذا البغل صعقتنا الحيرة ... على أية حال نزلت مع مجموعة من الرفاق لمتابعة البغل وجدناه فارق الحياة منتحرا !!!! قمنا بفك الحبال وصعدنا بالجهاز الى القمة , قررنا المبيت في نفس المكان الى الصباح الى أن يتضح لنا الطريق وفعلا عرفنا الطريق في الصباح الباكر وأستأجرنا بغل من قرية أروش القريبة منا وأنطلقنا الى هدفنا , لم يهدأ لي بال وكذلك بعض الرفاق وهم قلة الذين عرفوا بأن البغل الذي إنتحر كان يحمل إذاعة الحزب....
الى أن وصلنا الى مقر هيركي قمت مع الرفيق أبو وسن بفتح الصندوق الذي في داخله الإذاعة وقد شاهدنا المفاجاءة أن الإذاعة سليمة ولايمسها شئ وذلك بفضل الإحتياطات اللازمة التي إتخذها المصدر لمثل هذه الظروف ..لقد بذلت الرفاق التي تعاونت على حمل الإذاعة من الوادي الى القمة جهود غير طبيعية كانت مجموعة من الرفاق الشجعان الأوفياء لمبادئهم وقيمهم .. وهم في قمة الوفاء للتضحية في سبيل سعادة شعبهم .