الحزب الشيوعي ....(26 )/ فيصل الفؤادي

  أبرز سلبيات هذه الفترة

  1. العلاقة المتوترة بين القوى الوطنية العراقية على الساحة الكردستانية / العراق والتي تحولت الى صراع ومعارك فيما بعد . وبهذا الصدد يشير تقيم حركة الانصار الى ( ان الصراعات المسلحة بين القوى الكردستانية في كردستان لسنوات حالت دون تطور امكانياتها بمستوى الاحداث وتعاونها في وضع خطة مجابهة سليمة وتدبير وسائل الوقاية والدعاية لنشاطها ) .
  2. انتقال الاتحاد الوطني الكردستاني الى خندق النظام الدكتاتوري مؤقتاً  .
  3. تأثير الاحزاب الكردية على بعض قرارات الحزب في بعض القضايا السياسية (التكتيكية) والتي أثرت بهذا الشكل أو ذاك في الانجرار للمعارك وخصومات, تم الضغط فيها على الحزب  .( وتمر الاعوام ويكون أعداء الامس أصدقاء اليوم والحزب الشيوعي العراقي بعيدا عن ذلك التحالف , ولايجد مناضلوا الحزب الشيوعي العراقي الذين ناضلوا في كردستان القيمة الحقيقية لنضالهم في سبيل الديمقراطية للعراق والدفاع عن حقوق الشعب الكردي ).
  4. صراع داخل قيادة الحزب والذي أدى الى أبتعاد بعض المجموعات عن الحزب , والذي ترك أثارا سلبية على العمل العسكري والسياسي .
  5. خطأ رد الحزب و( جود) للانتقام على أحداث بشتاشان, والتي أدت الى خسائر كبيرة للحزب والذي كان غير مهيأ لها بشكل كافي ( كما يصفها تقيم حركة الانصار 1979 الى 1988) والتي أضرت بالحزب معنويا وبشرياً كونها خسارة كبيرة وخاصة أستشهاد الكوادر الحزبية والعسكرية فيها  وسميت بشتاشان الثانية .
  6. خروج اعداد كبيرة من الانصار الى الخارج لاسباب التي ذكرتها في البداية والذي اثر بشكل عام على وضع الانصار معنويا وعددياً .
  7. أثارة البلبلة السياسية والفكرية العميقة بين أعضاء القيادة نفسها وبعض الكوادر الحزبية وحتى بعض من الانصار مما ولد وضعا مربكا.
  8. كانت الحرب العراقية –الايرانية والموقف منها أحد أسباب هذا الصراع الفكري .
  9. ضعف في الاعلام الحزبي من صحافة أو أذاعة وغير ذلك .

10- لم يدرك الحزب العلاقة مع الاحزاب البرجوازية ذات المصالح الخاصة, خاصة وأن تجربته مع حزب البعث كانت تجربة فاشلة ولكنها تجربة كبيرة وغنية , كان المفروض الاستفاد منها .

 الهجوم التركي

   في منتصف شهر أيار من نفس السنة 1983 بدا الهجوم التركي على مناطق بهدينان وعلى مقرات الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني قرب المثلث السوري- العراقي- التركي تزيد رقعة المنطقة على 1200 كم مربع . ودخلت القوات التركية مسافة حوالي 30 كيلو متر داخل الاراضي العراقية وأشترك أكثر من 10 الالاف جندي وبمصاحبة الطيران الذي قاد جولات أستطلاعية في المنطقة وشارك في ضرب القرى الكردية بوحشية .

وقد أعلنت الحكومة التركية نبأ اجتياحها للاراضي العراقية مشيرة الى أن هدف هذه الحملة هو جزئي ومحدود ويتلخص في: ( القضاء على قطاع الطرق وأعضاء تنظيمات محضورة ومجرمين ومهربين [1] ) , في حين صرح السفير العراقي في أنقرة انذاك( محمود طه القيسي )  ان هدف الحملة  هو ( حماية انبوب النفط ) .

وأثار هذا الهجوم  قلق جميع القوى الوطنية والتقدمية في جميع أنحاء العالم . ويبدو ان هذا الهجوم  كان جزء من الاتفاقية السرية بين النظام الدكتاتوري والحكومة التركية، والتي تم توقيعها بين الطرفين في عام 1982 وتضمنت بنودا خطيرة تمس السيادة الوطنية لبلادنا , حيث أجازت الاتفاقية دخول القوات التركية الى حوالي 17 كيلو متر في العمق العراقي, وتضمنت الاتفاقية التنسيق الامني والتعاون بين البلدين في ما يخص النشاطات المعادية للحكومتين ومحاربة القوى الثورية التي تناضل من أجل حقوقها والحريات الديمقراطية . وكذلك سمحت الاتفاقية للطيران  التركي بالتحليق فوق اراضي الطرفين بنفس القدر. ومن المعلوم أن العراق لا يستطع عمل ذلك لانه كان قد دخل في حرب مع أيران . والامر الاخر هو التعاون والتنسيق الامني بين العراق وتركيا وتبادل المعلومات بينهما بصدد " مكافحة الشيوعية ونشاطات البيشه مركة ذات الطابع التخريبي " . وكذلك نصت الاتفاقية على " تسليم المتمردين " في حالة القاء القبض عليهم وبالفعل هذا ماحصل عندما تم تسليم 5 رفاق مع رفيقة الى النظام حيث أعدمت الرفيقة النصيرة لاحقا.

والبند الاخر هو ان الجانب العراقي يتحمل نفقات التحصينات والتحركات العسكرية . وقد حدثت معركة بين القوات المهاجمة التركية وقوات جود ( الحزب الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي ) ,حيث بدات القوات التركية بالقصف المدفعي وبدا تحليق الطيران فوق المنطقة , ودارت المعركة والتي أدت الى أستشهاد ( أحد الانصار- رحيم كوكو العامري – أبو فكرت ) من الحزب الشيوعي ولم تستطع قوات (جود ) المرابطة في قمة الجبل على قمة قرب قرية هرور من المواصله أما هذه الحشود الكبيرة فقررت الانسحاب الى العمق الى داخل الاراضي العراقية .

وأصدر الحزب الشيوعي العراقي في أوائل حزيران 1983 بياناً جاء تحت عنوان: الاجتياح التركي للاراضي العراقية لن ينقذ صدام ونظامه ! شجب الاجتياح التركي للاراضي العراقية وجاء فيه:

( يا أبناء شعبنا المناضل أيها الوطنيون الغيارى , عربا وكردا وأقليات 

في السادس والعشرين من أيار , قامت قوات الدكتاتورية العسكرية التركية عميلة حلف الاطلسي العدواني والتابع والمنفذ لارادة واشنطن ......

لقد زجت تركيا الدكتاتورية في هذه العملية (15 ) الف جندي بينهم قوات مظلية وخاصة مدعومة بـ (30 ) الف جندي محشدين على الحدود , وجرى العدوان بمشاركة الطيران التركي الذي قصف العديد من القرى الكردية العراقية بوحشية.

ودعا البيان القوى الخيرة الى التضامن والعمل ضد هذا العدوان. كما توجه الى العراقيين قائلا: ( أيها الوطنيون من كل الاحزاب الوطنية المعادية للدكتاتورية , يامن تعز عليكم سيادة الوطن وحرمة أراضيه , وحدوا الجهود وواصلوا الشجب للعدوان التركي على الاراضي العراقية, أفضحوا جرائم الغزاة الاتراك ضد المناضلين العراقين المعادين للدكتاتورية الفاشية وضد أبناء وطننا الامنين [2] ) .

ومن جانبها شجبت جبهة جود الهجوم التركي وذلك في بيان لها  تحت عنوان: ( جزء من المؤامرة الكبرى على وطننا وحركة شعبنا الوطنية !   مضيفة:

( ان توقيت العدوان الغاشم ,وتوجه القوات التركية للتحرش بقوات أنصار الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود )  داخل الاراضي العراقية واضطهاد الجماهير الكردية في القرى الحدودية امتدادا للاضطهاد البشع الذي يمارسه الاتراك ضد الشعب الكردي في تركيا يكشف طبيعة العدوان بأعتباره جزء من المؤامرة الكبرى على وطننا وحركة شعبنا الوطنية[3]  ).

وترتبط هذه الاحداث بالحصار الاقتصادي الذي فرضه النظام الدكتاتوري على القرى الفلاحية في مناطق كردستان حيث لم تسوق منتوجاتهم الزراعية (فواكهة وخضروات ومحاصيل زراعية أخرى ) حيث جرى تكديس هذه المواد الزراعية وأصابها التلف مما أضر بالفلاحين وقطع مصدر رزقهم الوحيد .

وهذه القرى كان يستفيد منها الانصار والبيشمه ركه من كل القوى الوطنية المتواجدة على الساحة الكردستانية  , والتي خلقت جوا من عدم الارتياح للقرى وأهاليها  .

وأضطرت قوات البيشمه ركة والانصار للحزبين الديمقراطي والشيوعي الى الانتقال الى مواقع أخرى نحو العمق في مناطق جبل متين وفي منطقة نيروه , وهكذا أستمر العمل في بناء مقرات جديدة وأستمر العمل الانصاري والكفاح المسلح برغم كل الظروف الغير طبيعية التي مرت على الحزب والانصار والمنطقة والاهالي .... الخ .



[1]  الثقافة الجديدة عدد144 ص 128 .

[2]  الثقافة الجديدة عدد 144 ص 202 .

[3]  نفس المصدر السابق