الفترة الرابعة (1984– 1988)/فيصل الفؤادي
فترة الانتعاش
خاض الانصار خلال هذه الفترة عدة معارك ضد قوات السلطة في شهرزور وقرداغ وكرميان ودربندخان وكفري وطوز خرماتو وسوار توكا ومانكيش وغيرها من المعارك البطولية والتي جسدت البطولة والشجاعة اللامتناهية,وتحققت كثير من الانتصارات التي أدت الى رفع معنويات البيشمه ركة والانصار بشكل عام وتراجع النظام وقواته ومن مثل هذه المعارك معركة القوش واحتلال شقلاوة لثلاثة أيام ودخولهم جامعة صلاح الدين في أربيل وكانت كل هذه البطولات اعمال نادرة نالت أستحسان الاهالي والقرى المحيطة لمناطق العمليات .
وفي هذه الفترة وبمناسبة عيد الحزب الخمسين وبلوغ سكرتير الحزب عزيز محمد عامه الستين منحه الاتحاد السوفيتي ( مجلس السوفيت الاعلى ) وسام لينين لدوره خلال مسيرة الحزب النضالية ودور الحزب في حياة الشعب العراقي , حيث عم فرح كبير ومشاعر لا توصف للشيوعيين العراقيين بهذا الانجاز.
مثلت سنة 1984 سنة الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب , أنتعاش حيث أحتفل الانصار وجماهير القرى المحيطة ومجيئ الكثير من العوائل الى هذه الاحتفالات من بغداد وأربيل وسليمانية وحتى الموصل , متذكرين دور الشيوعيين ونضالهم المشرف خلال الخمسة عقود الماضية .
وكان لهذه اللقاءات والاجتماعات مبعث امل جميل في نفوس الانصار والجماهيرالمحبة للحزب التي جاءت من كثير من مناطق العراق .
في تموز من عام 1984 أجتمعت اللجنة المركزية للحزب بكامل أعضاءها وتدارست مجمل وضع الحزب وخاصة فترة الاقتتال مع الاتحاد الوطني الكردستاني في (بشتاشان ) وتعقد الاوضاع في المنطقة والتي أدت تأثيراتها على الجماهير عامة .
وقد تدارست قيادة الحزب الوضع التنظيمي للحزب والكفاح المسلح وأحداث بشتاشان والموقف من الحرب العراقية الايرانية والامور السياسية بشكل عام .
وقد أكد الاجتماع على ضرورة متابعة العمل التنظيمي وايلاء اهتمام لتطوير الكوادر الحزبية وفتح المدارس الحزبية وتربية أعضاء الحزب على روح الالتزام وتنفيذ الواجبات بالشكل المطلوب . كما أكد الاجتماع على تطوير الكفاح المسلح وسد الثغرات التي طالت العمل خلال الفترة الماضية وحل المشاكل التي ظهرت خلال تلك الفترة السابقة والصراع بين السياسي و العسكري وأيهما الذي يقرر .
وناقش الاجتماع المذكور ايضا معارك بشتاشان وأثارها السيئة والسلبية على الانصار والحزب ماديا ومعنويا وبشريا , وبالفعل كان هناك صراع بين طرفين كل واحد يحمل الاخر تبعات تلك المعارك وعدم الاستعداد لها من النواحي العسكرية والتعبوية والسياسية .
وتطرق بيان الحزب الى العلاقة المتدهورة مع الاتحاد الوطني وتوقف عند دور (أوك) خلال الفترة الماضية مشيرا الى ان قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني ( ساهمت في تخريب المساعي الرامية لتوحيد اوسع جبهة وطنية لمقارعة النظام واسقاطه كما جاءت هذه الصفقة المشبوهة في توقيت دقيق مع تصاعد الهجوم الامبريالي الصهيوني على المنطقة واستباحة الاراضي العراقية من جانب القوات التركية وتنظيم المذابح والاعدامات ضد الثوريين الاكراد في تركيا [1]).
وشهدت هذه الفترة صراعا بين مجموعة باقر أبراهيم المتهم دائما باليمينية وألاغلبيه التي تكون قيادة الحزب ومنهم (كريم أحمد وعمر على الشيخ وتوما توماس وسليم اسماعيل وسكرتير الحزب وغيرهم ) . وكان كل مجموعة تحمل الاخرى المسؤولية عن الخسائر في بشتاشان وكذلك أوضاع الحزب بما فيه الكفاح المسلح. وقد رد سكرتير الحزب على هذه الموضوعة بالقول: ( ماذا كان الحزب يستحق بدون الكفاح المسلح ؟ لولا الكفاح المسلح لكنا في وضع اخر لا يمكن أن أصفه الا بنعوت قاسية [2]) .
أما بخصوص الحرب العراقية الايرانية فأصدر الحزب بيانا بعد أن خسر الجيش العراقي مواقعه وأنسحابه الى الحدود الدولية فقد طالب الاجتماع في بيانه ــ وقف الحرب واللجوء الى المفاوضات , ونفي حق الطرفين في ضم اراضي أي من البلدين للاخر و احترام الحدود الدولية قبل الحرب , وأحترام السيادة الوطنية لكلا الشعبين على أراضيهما , والاقرار بحق كل شعب في أختيار نوع الحكم السياسي الذي يريده .
في حين كانت مجموعة باقر أبرهيم ومنهم عدنان عباس وبعض الكوادر من الفرات الاوسط تريد أن يقوم الحزب بمراجعة نفسه والرجوع الى الوطن والدفاع عن النظام الدكتاتوري لان الحرب أخذت مسارا أخر هو أنسحاب الجيش العراقي ودخول الجيش الايراني الاراضي العراقي . ولكن في هذا الامر فأن النظام هو الذي قرر الحرب بدون مراجعة لاي طرف معين أو مؤسسة , ودعم النظام يعني أعادة الاعتبار الى البعث الذي قتل من الحزب الالاف من الشيوعيين وأصدقائهم .
وخلال هذه الفترة حدثت كثير من المشاكل بين الجهتين المتعارضتين وأدت بالتالي الى أخراج بعض القيادات من اللجنة المركزية ولاسباب مختلفة , منها ( موقفهم من سياسة الحزب وأبتعاده عنه أو عدم أمكانيتهم القيادية أو موقفهم من الكفاح المسلح ..... الخ ) .
ودرست قيادة الحزب في هذا الاجتماع مسودة تقيم تجربة الحزب في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية مع حزب البعث ( 1968 – 1979) وأثارها على الحزب وجماهيره . وتأكيد لنهج الحزب في العمل بكل الوسائل من أجل تطويرالكفاح المسلح وتهيئة مستلزماته العسكرية والتعبوية والمادي والاعلامية .
وشهدت هذه الفترة تطور صحافة الحزب: (طريق الشعب) و(نهج الانصار ) و (ريكاي كردستان) و ( النصير ) والصحافة الداخلية والنشريات الخاصة وغيرها، كما تطورت ايضا (اذاعة صوت الشعب العراقي)[3] من خلال الكادر الفني المتواجد في قواعد الانصار .ومن خلال هذه الفعاليات أراد الحزب أن يكون الكفاح المسلح الاسلوب الرئيسي فضلاً عن الاساليب الاخرى وذلك من خلال عقد مؤتمر للحزب في كردستان خاصة وان الحزب لم يعقد مؤتمرا وطنيا منذ المؤتمر الثالث (أيار 1976)
وفي نفس الوقت أراد الحزب اجراء تغيير في قيادته ودعمها بكوادر حزبية شبابية , خاصة وان العديد من قيادة الحزب (أي حوالي ربعها) قد ابتعد لاسباب مختلفة كما ذكرنا انفا.
قيادة الحزب
من المعروف للجميع أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي التي قادة الحزب منذ عام 1964 أستمرت بقيادة الحزب برغم كل المتغيرات السياسية والحزبية والانشقاقات , وهي التي أنتخبت في المؤتمر الثاني 1970 وتحاورت مع قيادة البعث على التحالف ومن صادقت على قيام الجبهة الوطنية التقدمية مع حزب البعث تموز 1973, وأستمرت في القيادة بعد فضها في عام 1979 , وبعد أن رفع الحزب الكفاح المسلح في كردستان العراق بقيت نفس القيادة حتى المؤتمر الرابع في عام 1985 , حيث تغيرت حوالي نصفها لمختلف الاسباب التي ذكرتها .
وهذا بتقديري غير صحيح بأن اللجنة المركزية تستمر في قيادة الحزب في ظروف السلم والحرب , وهذا مخالف أيضا لذات هذا القائد كونه لديه أفكار ورؤى تختلف من مرحلة الى أخر , ولكن للاسف هذا الذي لم يكن .
النسبة الكبيرة من قيادة الحزب في حياتها السابقة مدنية وخرجي كليات ومعاهد وعمال وفلاحين وموضفي صغار, وحوالي 3% الى 4% من القيادة او الكوادر كانوا عسكريين وعاشوا حياة الانصار والبيشمه ركه في كردستان في فترات مختلفة في عام 1963 وحتى عام 1970 .
ليس سهلا لقيادي لا يعرف شيئ في الامور العسكرية أن يأخذ قرار في الجانب العسكري والمعارك وتفاصيل العمل الانصاري , ولهذا لم تنجح القيادة في كثير من مفاصل العمل العسكري , وقد أنعكس ذلك في القواطع والافواج ومن يقود العمل . كثير من القياديين كانوا أبطال العمل السري و في التنظيم الحزبي والعمل السياسي والسجون ,وكان لهم دور كبير في استمرار الحزب امام اشد اعدائه من الرجعين والعملاء بين 1949 الى 1979, اما قدرته على العمل العسكري والعمل الانصاري فهو صعب جدا.
الامر الاخر والمهم هو أستمرار قيادة الحزب المعارضة لنهج الحزب الجديد أي الكفاح المسلح في القيادة كونهم أعضاء في اللجنة المركزية أو في المكتب السياسي , وقد أنعكس هذا بشكل سلبي على أعضاء الحزب وكوادره لانهم لم يكتفوا بالمعارضة , بل أخذ بعضهم بالتثقيف في وجهة نظره المخالفة وهؤلاء الملتفين حولهم أخذو يثقفون بوجهة النظر المخالفة والتي أثرت على التنظيم بصورة عامة , وكان بالاحرى بهؤلاء القياديين أو الكوادر الحزبية أن يحتفظوا بأراهم وفق منطلق المركزية الديمقراطية السائدة أنذاك .
أو على الاقل يستقيل من اللجنة المركزية كونه له رأي مخالف ويضع رأية للزمن الذي يخطئ هذا الرأي أو قد يكون صحيح .[4]
[1] بيان صادر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في حزيران 1984 .
[2] حديث سكرتير الحزب عزيز محمد بمناسبة مرور الذكرى الاولى لعقد المؤتمر الرابع 1986 .
[3] .( أفتتحت الاذاعة – صوت العمال والفلاحين والكادحين والجنود والمثقفين الثوريين ,صوت الانصار والبيشمركه البواسل ,صوت الجبهة الوطنية الديمقراطية ,صوت النضال من أجل اسقاط الحكم الدكتاتوري الفاشي وقيام حكومة وطنية ديمقراطية تنهي الحرب وتحقق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان ) ثق 170ص162.
[4] / عامر عبد الله وناصر عبود وكريم أحمد هؤلاء أعضاء اللجنة المركزية منذ حزيران 1955 , و بهاء الدين نوري وزكي خيري وعزيز محمد وعبد السلام الناصري أعضاء اللجنة المركزية منذ أجتماع اللجنة المركزية في أيلول 1958 ,وكلهم يعتبرون من الرعيل الفترة الرابعة (1984 – 1988)/فيصل الفؤادي الاول , وثلاثة من كتلة الاربعة المعارضة أستمرت بالقيادة أضافة الى المرشح للجنة المركزية ثابت حبيب العاني , أما أجتماع أيلول 1962 فقد ترشح عن بقاء اللجنة المركزية التي قادة العمل الحزبي بعد عام 1964 وهم عزيز محمد وكريم أحمد وباقر أبراهيم وصالح دكله وعمر على الشيخ وعزيز الحاج وحسين سلطان وأرا خاجادور وثابت حبيب العاني وناصر عبود وعبد السلام الناصري أي 9 من هؤلاء أعضاء ا لجنة المركزية أستمرو منذ ذلك التأريخ حتى المؤتمر الرابع عام 1985 ), أما الفرع الكردي أضيف له ( يوسف حنا وفاتح رسول واحمد باني خلاني وعادل سليم ) .