ليلتي الموحشة في بيت الافعى/ علي بداي

ليلتي الموحشة في بيت الأفعى

علي بداي

لك يا "كاك عبد الله" تحياتي على مدى الأيام... والى ديرش ورزوك وماحولهما حنين دائم

ضحى يوم حزيراني وجدت حزمة من شعاع شمس الضحى دربها من بين أغصان الأشجار لترش حرارتها على وجه رجل ميّت . كان الميّت منزوياً تحت شجرة قصية في بستان. يبدو انه قد مات للتو، وحيداً، مستلقياً على ظهره وبقايا الحياة مازالت لم تكمل إنسحابها بعد من جسده الفتي . متى مات ؟ ها هو الخدر يسري في كل أوصاله. للحظة ظن الميت أنه دخل الجنة، فهل الجنة سوى كروم وخضرة مثل التي على جانبيه؟ وماء ينساب بكركرته الأليفة؟ وتلك الحور العين وربما بعد حين ولدان كأنهم درراً منثورا؟ لم تكن نساء الجنة عاريات كما سمع. كانت ملابسهن مزركشه بألوان الزبرجد والليلك والعقيق وزهور الجبل.

كان ذلك الرجل هو أنا. حين سمعتّ همسات الحور العين توشوش قرب أذنيّ ، لم أكن قادراً على تحديد مكاني في الوجود أميت أنا أم حي ؟ عاد لرأسي ببطئ حوار أمي المتوسل مع ملك الموت الذي كان يتحين فرصة إشتداد الحمى ليأخذني أنا الصغير الى جواره :

"لا تأخذه وسأنذر لك ديكاً "

ولما لاحظت أمي ان عزرائيل و من معه غير مهتمين بنجاتي ولا متحمسين لهديتها وأن عينيّ المرتخيتين في طريقهما للإنطفاء ، زادت النذر الى ديك ودجاجة فقبل عزرائيل ذلك منها على مايبدو وتركني..كنت أنا حينئذ أسمع حوارها وأحس بوجود الملائكة يقودهم عزرائيل الذي أخافه ،كما أسمع الآن همسات الصبايا مستغربات من وجودي بمفردي ملقىً في بستانهن ككائن هبط من السماء. وها انا الان أرى وجوههن وهن يحطن بي وعيونهن مثبته بخريطة على شروالي ..

"ويييييييييييييي ..................ئه فه برينداره!" *

أربكتني هذه الصيحة وأيقضتني على حقيقة وجودي الدنيوي فتسائلت مع نفسي متعجباً "هل أن لسان أهل الجنة كردي .. ؟ لا لست في الجنة . ها هي بندقيتي مشدودة الى ساقي كعادتي حين أنام، لا أحد يدخل الجنة بكلاشينكوف وشروال ندي ..أنا مازلت حياً ولكن ماهذا الخدر الذي يشل جسدي ؟ لماذا أُفردت هنا "إفراد البعير الأجرب"؟ . عرفت من بنات الجنة المندهشات أن لا أحد في المكان الاّي، الكل غادر فجراً بعد دوي رصاص ليلة أمس.

 

 سارعت بلملمة أشلائي وحاولت إستعادة هيبتي كمقاتل مستعداً لمغادرة المكان بأرتباك  بعد أن ردت إحدى الفتيات بنفسها على تساؤلها :هل لديك طعام ؟ بأن وضعت بحقيبتي بعض الخضار وشيعتني بنظرة مشفقة.

كان من الصعب إيجاد سبب مقنع لتخلفي عن جماعتي بدون المخاطرة بكشف خطتي القادمة أو بسمعتنا كلنا، فضياع شخص مسلّح عن جماعته ليس بالأمر المستساغ  ولا المبرر أمام الأهالي الذين يرسمون في أذهانهم صوراً مبالغ بها عن البيشمركة ، لذلك إدعيت أنني أعرف الدرب وسأنطلق للحاق بهم.

كنت متخلفاً عن المجموعة التي غادرت المكان بما يزيد على خمس ساعات من السير في الجبل دون أن أعرف إلى أي الإتجاهات . ها أنا الآن وحيد في العراء في منطقة لاأعرف مسالكها. وحيد مع حيرتي وجبال تحيطني لا أعلم ماتخبئ لي بين طياتها، جحوش، وحوش ، رعاة، عصاة، كمائن بعثية ؟ رفاقي الذين ضيعتهم أم ضيعوني؟ لكن الأكثر إيلاماً هو أنني لم أستطع إيجاد تفسير لما حدث بالضبط، فهل أنني بعد أن تعرضت لمغص مساء أمس، قد وقعت ضحية إغماء؟ ولكن كيف لم ينتبه الى غيابي أحد بعد مرور أكثر من خمس ساعات ؟ أنا مريض وهذا ليس بالجديد، الم أكن مريضاً ومنهكاً حين عبرت سلسلة جبال "كارا" و" متين " وجبل "لينك" الرهيب مراراً ولم ينتبه لحالتي أحد؟ بل وفي آخر أيام كانون حين كان الثلج ينهمر؟ لمَ حدث هذا الآن معي؟

 كانت المنطقة قريبة من ربايا السلطة وقواتها في مجمع " كاني"  فخشيت أن أسأل أحداً من سكان القريتين الأقرب للجبل عن أنصارنا، فهل يعني السؤال شيئاً سوى إقراري بوجودي بمفردي؟ . قررت الإبتعاد عن طريق القرية السالك قاصداً الجبال البعيدة وأغنية مكلومة من الزمن المنسي الغابر تداهم رأسي .. 

حين إنتصف النهار، أعتليت صخرة ورحت أراقب مدخل القرية البعيد . لاح لي على مبعدة من القرية فلّاح يقف الى جانب بيدر من القش. رتبت هندامي بما يليق بمقاتل واثق من نفسه و هبطت من الجبل بحذر وسرعان ما عرفت أنه  مختار قرية " ديره ش" الذي أعرفه و يعرفني شكلاً. كان المختار مشغولاً  بتجميع أكوام القش ولأن المخاتير بحكم عملهم هم صلة الوصل مع السلطة تقدمت نحوه بخطوات أردتها أن تكون واثقة وبعد سلام أردت له أن يأخذ شكلاً وقوراً، إدعيت أنني برفقة مجموعة مسلحين ينتظرون في الجبل لكننا نريد اللحاق بمجموعتنا الكبيرة  فأبدى المختار جهله بأية معلومات عن مفرزتنا الكبيرة مكرراً أنها إنسحبت فجراً  من المنطقة بعد أن نفذت عملية عسكرية وأن المنطقة معرضة لتفتيش وتمشيط حكومي .واصلت سيري ثم التففت عائداً الى قواعدي سالماً ولكن أكثر يأساً من العثور على حل.

قبل أن ينسحب النهار ويضيع خلف الجبال، قررت المجازفة والإقتراب من قرية قريبة أخرى هي "بياوه" . كنت أستعرض مع نفسي تعداد قواتي: كنت قبل كل شيء جائعاً ومريضاً ولا حل لديّ، و جنود السلطة وراء الجبل قريبين من المكان .لا أسهل من عملية تسليمي لهم من قبل أهل القرية ، عملية مغرية جداً، فالقرية التي تسلم ثائراً تعدّ قرية متعاونة ستتمتع لاحقاً بإمتيازات السلطة وتتجنب غضبها. شئ آخر مغر غير هذا كله، هو أنني عربي غريب لا عشيرة تطالب بي وثالث أكثر إغراء هو السلاح الثمين الذي يشجع أي متعاون مع السلطة على قتل حامله والإستيلاء عليه. مضت قدماي بي هابطة في طريقها الى القرية. ترنحت حاملاً حيرتي على كتفيّ المتعبتين وبندقيتي تتدلى من كتفي كطائر بجع مذبوح. رأيت من بعيد فلاحاً سبق لي وأن نزلت في بيته وكنت أعرف أن إسمه " عبد الله" يعمل بحقله، إقتربت منه بخطى المقاتلين قاذفاً بوجهه بهدوء تمثيلي سؤالي الأصعب:

 "هل لديك أية معلومات عن مجموعتي الكبيرة؟"

 رد عليّ كرد المختار..رداً كان لابد لي بعده أن أعود الى موقعي الجبلي السري أراقب من بعيد الداخلين الى القرية أو الباحثين عني.

 بقيت طوال النهار على قمة الجبل الأكثر إشرافاً على الدرب بإتجاه القرية آملاً عبثاً برؤية أحد من الباحثين عني .... لا أحد..لا..أحد!

طيلة النهار، لم يغادر أو يدخل القرية أي أحد وكأنما كانت قد هُجرت فما الذي يتوجب عليّ عمله؟ طعامي القليل نفد، ولا ماء لدي ولا أحد يأتي. أنا تائه أنتظر حلاً لا أعرف من أين سيجئ . نسجت سيناريوهات لما يمكن أن تنته اليه المسرحية التي أعيشها . أن ألجأ الى تجريب حظي فأغادر المكان أجر خطاي المنهكة الى جهة ما لعلها ستكون جهة مجموعتي. أن ألتق بالصدفة بمقاتلين من غير جماعتنا. أن أموت جوعاً . أن يفترسني دب جائع . أن يلقى القبض علي . كلا، كل شئ مقبول الا أن يُلقى القبض علي ! هيأت بندقيتي على وضع الإطلاق و إرتأيت أن أحتمي بأعلى الجبال. لا نصير لي الا جبلي..لم اتناول الطعام ولا الماء منذ 24 ساعة، وسرعان ما سقطت الشمس خلف الجبال العالية بوقت مبكر فأعتمت الآفاق ولم يتبق لدي أمل برؤية أحد. تلك هي أكثر ساعات الجبال كآبة ، حين تسقط الشمس خلف قممها فيمتد ظل الجبل في الروح بارداً رطباً .هذه هي الليلة الأولى في حياتي التي يتوجب علي أن أمضيها ضائعاً وحدي ..وحدي تماماً في مكان وزمان لم أخترهما. للمرة الثالثة أجد نفسي مطارداً في العراء، ورغم أنني كنت هذه المرة مسلحاً بالحديد لكن دواخلي كانت مفترسةً بإلأسئلة التي لاجواب لها. كان تشردي الأول في العراء مبرراً فأنا أروم الإفلات من عراق صدام ودخول الكويت، وتشردي الثاني في العراء مبرراً فأنا أروم الإفلات من عراق صدام ودخول سوريا لكن أي مبرر يفسر وحدتى هذه؟  كان العراء والإحساس بالوحدة وغياب تفسير منطقي محدد لوجودي وحيداً هنا، قد أطلق الشكوك كنحل ضاج في جمجمتي. عليّ أن أحتاط لمجابهة إحتمال تسرب وجودي وحيداً في الجبل الى قوات الأمن القريبة المعسكرة على جانب الجبل الآخر، توغلت بين الأشجار متسلقاً الى أعلى الجبل ماراً من بين كثافة الشجيرات وعينت موقعي: من هنا سوف لن يمر أحد.

 

كنت أنقل الخطى باحثاً عن فسحة مستوية للإستلقاء قبل أن يكتسح الظلام الجبال فعثرت على صخرة مسطحة منزوية بين الأشجار .قلت هذا هو بيتي الجبلي، لأحاول النوم الآن وليحدث ما يحدث. بذات اللحظة التي إستلقيت فيها متعباً وقد إكتشفت في النوم حلاً لإمتصاص الإنهاك الذي فتك بقواي، وحين كانت السماء تعتم شيئاً فشيئاً لتزيد من وحشتي، فاجأتني أفعى جبلية مغتاضة تمضي متلوية بسرعة على بعد شبر واحد من قدمي وكأني قد أيقضتها من نومها.

إنزعجت الأفعى وشعرت أنا بقشعريرة . كان هذا هو مسكنها الذي لم تعهد أن شاركها فيه أحد ولاشك أن وجودي المفاجئ الغازي لمسكنها قد أثار حفيضتها. أكثر من مرة سمعت أن الأفعى لاتؤذي من لايؤذيها لكني لم أصدق ذلك من قبل ولا الآن ، يتوجب عليّ أن لا أطمئن لحسن نوايا أفعاي وهي التي تلوت بغيظ قبل لحظات ! كيف لك أن تثق بأفعى جبلية وهي مضرب المثل بالقدرة على المكر والقتل؟ عدو جديد كان يتوجب عليّ أن أحتاط لحركته قد أضيف الى جبهة أعدائي. أعدائي الآن هم السلطة بجحوشها وجواسيسها وهذه الأفعى فقد خلقت لنفسي عدواً خلال لحظات. لم أنم وقضيت ليلتي ساهراً بعد أن خشيت إنتقام الأفعى، وللحظة خالجني هاجس سريالي أن هذه الأفعى في طريقها لأن تشي بي فهي قد مضت بإتجاه تلك الجبال البعيدة ! كنت أسأل نفسي : الى أين مضت أفعاي؟ لربما كان لها أهل هنا وأفاع صغار ،ما أبشعني  لقد خربتُ عليها سلامها العائلي فهل تراها مضت مستنجدة ببني جلدتها؟ كنت كلما داهمني النوم أرى الأفعى وقد تسللت مرة ملتفة حول عنقي وثانية زاحفة ببطئ على ساقي فنهضت في عمق الليل وانا أتحسس ملابسي . شغلت رأسي بالأسئلة بإنتظار فجر جديد: هل يخطر ببال أحد ممن هم هناك، من النائمين على أسرتهم الوثيرة خلف هذه الجبال، أنني هنا ؟ أزاحم الأفعى في مأواها؟ أنا إبن بلاد النفط والنخيل ....رحت أصغي لهمسات الليل الغامضة وأناشيد جنادب الجبل وعقاربه تملأ سكون الليل، وصصصصصصصصصص..صيييييص ........وصصصصصصص ، لعلها كانت تتناقل حكايتي .

أتى الصباح . إنتظرت الى الضحى، كم أشتهي الشاي؟ وقليلاً من الخبز؟

مرت ساعات النهار سريعة وأضطربت جيوش الجوع في معدتي الخاوية مطالبة بالطعام وكادت الشمس مرة أخرى أن تسقط خلف الجبال فشعرت بالقرف من وجودي كله بعد أن بلغت من الضعف الجسدي مبلغاً بسبب المرض وغياب الطعام، صرخت بوجه نفسي: هل أنا ثائر أم متسول؟ جمعت حوائجي وعزمت على طرق أبواب القرية مهما كلف الأمر ..حين وصلت بساتين القرية كان الفلاح " عبد الله" الذي حدثته يوم أمس مايزال في البستان منذ الصباح، ما أن بادرته بالتحية حتى إستغرب عودتي و إقترب مني متفرساً بوجهي وهو يقول:

" أمريض أنت ! ماهذا الوجه الأصفر ؟ ماالذي أتى بك وحيداً بعد أن كنت هنا يوم أمس؟ تعال معي الى البيت!

كانت ملامح "كاك عبد الله" وطريقته في الكلام تثير في ذاكرتي صوراً لفلاحين وديعين أعرفهم من أقصى الجنوب كان لابد للمرء أن يثق بهم، ولذلك أسلمت مصيري له بعد أن عجزت عن إيجاد حل بمفردي ومضيت معه أجر خطاي المتعبة  بإتجاه بيته.

هناك بادرني "كاك عبد الله " بطلب تسليم سلاحي له لإخفاءه منعاً للشكوك فما كان مني الا الإستجابة. لقد كان وجودي مسلحاً في بيته "وهو يمتلك دكاناً صغيراً يتبضع منه أهالي القرية " أمراً مثيراً للشكوك . أمسيت الآن أسيراً . نعم أنا أسير وآسري هو  ثقة " كاك عبد الله" وإستعداده لتحمل تبعات إخفائي، فلولا الثقة به لبقيت على قمة الجبل ومثلما سيتحمل هو ماسيترتب على إكتشاف السلطة وجودي في بيته عليّ أنا تحمل حصتي من ذلك فأسلمه سلاحي.

ماهي صفتي الآن في بيت "عبد الله"؟ لاجئ أم ضيف أم مقاتل نزيل كما كنا نفعلها حين ندخل القرى؟ وكيف سأتدبر أمري مع هؤلاء الفلاحين الذين يأمون المكان مستطلعين كما خيّل الي ؟ ندمت على موافقتي تسليم سلاحي لعبد الله ، ولكن هل كان بوسعي رفض ذلك؟ كلا ..عبد الله هو الأعرف ، هي قريته ومن يريد أسري سيتمكن حتى مع وجود السلاح لديّ ..أنا في قفص ...فلو كانت بندقيتي معي هل كان بمقدوري منع هؤلاء الرجال الخمسة من الجلوس والإحاطة بي ؟ لقد كان..دخول القرية والمجئ مع عبد الله يعني وضع مصيري بين يديه، ما يقرره هو عليّ تقبله..لكن كل حواسي كانت واثقة أن "عبد الله " ليس نذلاً ، ليس هو فقط بل ان نظرات عيني زوجته المتعاطفتين واللتين إمتلأتا بالدموع لمجرد رؤيتي وسعيها السريع لإسعافي من ما كان بي كانت أكثر من ضمان آمان لي . وهذا ما تأكد بعد ساعات قلائل حين سمعت أصواتاً تتحدث العربية:

قال عبد الله : "أها ...هافالان هاتين...كاك وليد!

لقد وصل الباحثون عني ....

حين رووا لي حكايتي، بدأت الشكوك تنتابني بأنني لست أنا:

" قال آمر الفصيل " أبو ناديه" أنه أيقضك بنفسه من نومك ورآك تمشي معنا مثل غيرك..حتى حين تجاوزنا القرية كنت معنا ، ثم حين وصلنا لم نجدك معنا ! أما آمرنا "أبو طالب" فقد قال بعد سماع القصة أنك ربما "سلمت نفسك الى السلطة"...فإبتعدنا عن المنطقة كي لا ننكشف!"

حين إنتحى بي " أبو طالب" فيما بعد محققاً ،  حولت عينيّ عن سحنته السلحفاتية وعينيه المنطفئتين وإبتسامته الباهتة، نظرت الى وسط السماء، رأيت غرباناً تدور، ولاحت لي قامة الأفعى المتلوية ووجه "محمود التكريتي" يضبّط أوتار الفلقة إستعداداً لبدء العزف، مرت في رأسي كل المعارك الصغيرة والكبيرة التي خضتها والليالي التي كنت أحتمي بعتمتها، وأنا أتسلل من مخبأ لآخر والورقة التي كتب عليها مسؤول منظمة البعث: قرار الأعدام الفوري النافذ خلال يومين إن لم  "تسلم نفسك الى السلطة"، كانت الورقة قد وصلت ليدي أمي، وأنا أرد الجواب لمسؤول منظمة البعث: "لديك مسدس ولي مثله".. داهمني برد أقسى ليال شتاء عشتها في حياتي حين كنت ملتفاً في العراء بدشداشتي في صحراء المطلاع الكويتية، وأحّر أيام الصيف حين كنت منحلاً تحت جحيم شمس تموزية لاترحم في العراء قرب الحدود السورية وكلاب وشرطة الحدود تغلق المنافذ. وددت لو أنطح نفسي ، أو أرفس رأسي، أو أنهش كتفي ، أما كان عليك ياعلي أن تبقى في بستان كاك عبد الله؟ ..لقد كان شريفاً لايساوره شك في أنك تروم تسليم نفسك للسلطة، أو أن تقيم في كهف.. تجاور أفعى الجبل فهي رغم كل شيء كانت أفعى كريمة ضحت بمأواها لكي تنام أنت ثم تعود مقاتلاً "لا تسلم نفسك الى السلطة" ..آه على روحي التي داسوا عليها !

________________________________________________________________

* مايعني في العربية : أوووووي...هذا جريح!

أتمنى أن لاتكون ذاكرتي التفصيلية قد أغفلت شيئاً عن تلك الواقعة (حزيران 1981 ) وتحية لمن يكمل التفاصيل المنسية.