في حفلٍ رسمي أقامته السفارة العراقية يوم الأربعاء 19 تموز في ستوكهولم، في بناية المركز الثقافي العراقي في السويد، أحيت فيه الذكرى الـ 26 لجريمة حلبجة في كردستان العراق، حضر الحفل السلك الدبلوماسي في السفارة العراقية يتقدمهم السفير العراقي في مملكة السويد الأستاذ بكر فتاح حسين، كما حضر عدد من الدبلوماسيين المتواجدين في السويد منهم سفير الكويت وإيران ولبنان واسبانيا والسلفادور وبوليفيا وعدد من ممثلي السفارات الأجنبية المتواجدة في السويد، كما حضرت عضو البرلمان السويدي السيدة آن لينا سورلينسون، وعدد من أعضاء البرلمان السويدي والشخصية السياسية الرئيس السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي السيدة منى سالين، وعدد من الشخصيات السياسية والثقافية العراقية والسويدية، وجمهور من أبناء الجالية المتواجدين في ستوكهولم.

شملت الفعالية العديد من الفقرات منها معرض للصور تعكس بشاعة الجريمة، وفي المدخل أقامت الفنانة نيان قادر تجسيدا فنيا يصور مدينة حلبجة الجريحة، حيث قام النظام الديكتاتوري البعثي بقصف المدينة يوم 16 آذارعام 1988 بالغازات السامة والمحرمة دوليا، راح ضحيتها خمسة آلاف شهيد من المدنيين العزل اطفالا ونساء وشيوخا، وإصابة عشرة آلاف آخرين، وتم تهجير الآلاف من المواطنين الكرد قسرا من بيوتهم، لقد هزت هذه الجريمة الضمير الإنساني في كل مكان.

بدأت الفعالية بكلمة ترحيبية قدمها مدير المركز الثقافي العراقي في السويد الدكتور أسعد راشد، الذي دعا الجميع للوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء حلبجة، ومن ثم تم قراءة آيات من القرآن الكريم، بعدها تم عرض فلم عن حلبجة حاكى تاريخ المدينة ومن ثم ما تعرضت له من جريمة نكراء وهو من إخراج عبد الله حسن، وتابعت السيدة لمى تقديم فقرات البرنامج، والتي توالت تباعا، فقد قام الفنان أري كاكائي بتقديم أغنية عن حلبجة.

ومن ثم كلمة السفير العراقي الأستاذ بكر فتاح حسين التي أشار فيها إلى أبعاد الجريمة وآثارها، والتداعيات التي حصلت بعدها من أعمال إجرامية أخرى، وعمليات الأنفال سيئة الصيت وما حصل بعد ذلك في الانتفاضة الشعبية في آذار سنة 1991م، شاكرا الحضور لتلبيتهم الدعوة لأحياء ذكرى هذه المأساة وداعيا للعمل كي لا تتكرر مستقبلا.

وكان للموسيقى التي قدمها الفنان فيربوز من آلة السكسفون وقع حزين على الحضور وكأنها الناي الجبلي الحزين يحكي مأساة شعبنا.

ومن ثم كانت كلمة سفير دولة الكويت الأستاذ علي إبراهيم النخيلان والذي أستذكر جرائم المقبور صدام، مؤكدا أن جرائمه ليس ضد العراقيين فقط، مستشهدا بكتاب الأستاذ كنعان مكية الذي يوثق تلك الجرائم.

 وكان لممثلية حكومة إقليم كردستان في السويد وشمال أوربا كلمة ألقاها السيد شورش قادر رحيم، والتي أشار فيها إلى حجم الدمار والخراب الذي لحق بمدينة حلبجة ومأساة أهلها وتشرد من بقي حياً منهم، وفي ختام كلمته قدم الفنان الشاب دَرون من أبناء حلبجة، الذي كان طفلا عندما تعرض وأهله إلى الغازات السامة ففقد بصره، ، وقد حضر ليساهم بالحفل، و لتصدح حنجرته مع زميله السويدي فكتور لوندبيري  حيث يقدما معاً أغاني ألهبت مشاعر الحضور جميعا، وفي الختام القى كلمات معبرة أكد فيها على انه يأمل عدم تكرار الجرائم وعلينا تغيير العالم وهذه هي رسالته للجميع.

وآخر المتحدثين كانت عضو البرلمان السويدي السيدة آن لينا سورلينسون، ومع الموسيقى الحزينة انتهت مراسيم الحفل، وشكرت السيدة لمى الجميع على مشاركتهم الفعالية الخاصة بجريمة حلبجة، ودعتهم لتناول الطعام.

كانت مدينة حلبجة الوديعة وأبناوها يعيشون بسلام في ظل تعايش إنساني ، حيث تعايشت فيها مختلف الطوائف الدينية من المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود سابقا، ولكن للدكتاتورية وللنظام البعثي رأي آخر، ففي الوقت الذي كانت المدينة  واهلها المسالمون يستعدون فيه للاحتفال بعيد نوروز يوم 16 آذار سنة 1988، ، ولم يظنوا أن الحقد الأسود وروح الإجرام لدى قادة النظام ستصل إلى حد قصفهم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا، لكن هذا النظام لم يتردد على استخدام غاز السيانيد السام جدا في ضربه المدينة، فسقط الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح ومصاب، وأضطر الآلاف إلى الهجرة تاركين بيوتهم وأملاكهم ومدينتهم.

لقد سكت العالم عن تلك الجريمة ولم يقف أحدا لا من الشرق ولا من الغرب ليدين النظام الفاشي ولم يطلب أحداً من تقديمه للمحاكمة، فجريمة حلبجة والسكوت عنها في حينه لهو دليل على مساهمة المجتمع الدولي فيها، فمن أين حصل النظام المقبور على الأجهزة والمواد السامة لإنتاج الأسلحة الكيماوية، ولماذا هذا الصمت، لقد شجع ذلك النظام على المضي بجرائمه، فقام بضرب عدة أماكن أخرى وفي عمليات الأنفال سيئة الصيت أستخدم المجرمون تلك الأسلحة الفتاكة مرة أخرى.

لقد تعرضت مناطق عديدة في كردستان ومناطق في الأهوار إلى الهجوم الكيماوي من قبل النظام المقبور، وتم تشريد مئات الآلاف، واليوم إذ تستعيد حلبجة عافيتها وتنهض من جديد، ولتتحول إلى محافظة ويخلد أسمها في التاريخ، وذهب المجرمون الطغاة إلى حتفهم، فنقول نعم أن هنالك أمل بالعيش الكريم، وعلينا عدم نسيان درس حلبجة البليغ، علينا أن نتذكر الضحايا ونستذكر جرائم صدام والبعث الذي أرتكب آلاف الجرائم بحق السياسيين من كل جهة، وبحق شعبنا من كل الطوائف والقوميات والأديان، واليوم يحاول البعض للأسف إعادة عتاة البعثيين ممن ساهموا بتلك الجرائم للسلطة وبطرق مختلفة وملتوية ليعبثوا من جديد بمقدرات شعبنا الأبي.

 لتبقى حلبجة رمزاً لجرائم البعث وصدام.

 وزهور حمراء على قبور ضحاياها ولكل قبور شهداء مشعل الحرية الذي لا ينطفئ.