بتاريخ 18/ 7/ 2014 وعلى شرف الذكرى السادسة والخمسين لثورة تموز المجيدة، وتزامنا مع الذكرى 60 لتاسيس حركة انصار السلام في العراق، ضيّفت منطمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب ليلقي الضوء على مجمل الاوضاع السياسية والازمات الخانقة التي تعصف بجميع انحاء بلدنا وتنذر بكوارث خطيرة قادمة، وذلك في ندوة سياسية شاملة حضرها نخبة من السياسيين والمثقفين وممثلي بعض الاحزاب العراقية العاملة على الساحة الدنماركية.
بدأ الرفيق اللبان حديثه بعد ان حيّا ذكرى ثورة تموز ودروسها الملهمة، بالظروف التي مرّ بها العراق خلال السنوات العجاف منذ 2003 وحتى يومنا هذا، حيث مازالت السياسة المحاصصاتية والحزبية والفئوية هي السياسة السائدة في عمل مؤسسات الدولة التشريعية منها والتنفيذية، وعلى الرغم من علم الجميع ومن خلال تصريحاتهم العلنية بان هذه السياسة هي سبب البلاء والفساد والتدهور، لكن القوى صاحبة النفوذ والهيمنة مازالت مصرة على سلوك هذا الطريق الذي لم ينتج سوى الازمات المتتالية والمعقدة، كما ان سياسة المحاصصة الطائفية من شأنها ان تجلب معها اشخاصا غير اكفاء ولايجيدون فن ادارة الدولة، وفي نفس الوقت فانها تستبعد جميع الاشخاص الوطنيين والحريصين واصحاب القدرات التي تؤهلهم لان يكونوا في مركز القرار، وبسبب اعتماد هذا النهج أُتيح لذوي النوايا الشريرة بأن يعمقوا الشرخ الاجتماعي وان يحاولوا تقطيع اواصر العلاقة القائمة بين مكونات المجتمع العراقي المتعايشة بسلام منذ فجر التاريخ، وشرح الرفيق اللبان مواقف الحزب في جميع القضايا الجارية اليوم في بلادنا منوها الى دور الحزب الكبير والمهم في تقارب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين واضعا بذلك مصلحة الوطن والمواطن في مقدمة كفاحه ونضالاته.
ثم انتقل الرفيق اللبان في الحديث الى الازمة الراهنة التي استجدت بعد سيطرة داعش على محافظة الموصل والمدن الاخرى ومارافق ذلك من انهيار للقوات الامنية والعسكرية ، ذلك الانهيار وتلك الهزيمة المخجلة كشفت عن مدى عقم القيادات الغير مهنية والغير نزيهة، كما كشفت عن قدراتها الفاشلة وعن تواطؤها الواضح مع اعداء الشعب العراقي، حيث ان داعش لم تكن سوى عنوانا ولافتة لقضية اكبر من ذلك بكثير تشترك فيها قوى داخلية وخارجية بهدف الانقلاب على العملية السياسية والعودة الى سياسة الدكتاتورية والاستبداد التي اذاقت الشعب العراقي الويلات، كما ان على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها لانها تعاملت بسذاجة وسطحية مع جميع التحذيرات التي اطلقتها قوى كثيرة محذرة من خطر داهم يهدد امن العراق وسلامة اراضيه ومواطنيه ، كما حذرت من بعض القيادات التى مازالت مستمرة في ولائها للبعث والحقبة الماضية ومازالت تتبوا مراكز مهمة في الدولة وخاصة في المؤسسة العسكرية والامنية، واكد الرفيق اللبان على ان الحزب لم يتفاجأ بتلك الاحداث فقد حذر عدة مرات من خطورة الاوضاع والانزلاق الى المجهول اذا ما اصرت القوى صاحبة القرار على نهج المحاصصة في ادارة البلد.
وتطرق الرفيق اللبان في هذه الندوة الى التدخلات الخارجية ودورها في التاثير على مسيرة العراق السياسية، حيث ان جميع هذه الدول وبسبب من خوفها على امنها القومي او بسبب من مصالحها الاقتصادية والسياسية لاتريد ان ترى عراقا ديمقراطيا ومتماسكا، وانما من مصلحتها ان يكون العراق دولة ضعيفة تتعدد فيها مراكز القوى في الميادين كافة ، لكن هذه التدخلات لا تجد لها طريقا سالكا الى العراق لو كانت لدينا جبهة داخلية موحدة ورصينة وحكومة وطنية موحدة قادرة على وضع استراتيجية امنية وعسكرية وسياسية واقتصادية لمعالجة جميع الازمات.
اما عن حق تقرير المصير، فقد اكد الرفيق على سياسة الحزب وايمانه الثابت بحق الشعوب في تقرير مصيرها ومن ضمنها حق الشعب الكردي في دولة مستقلة عندما تتوفر الظروف الملائمة لذلك، وعن المادة 140 فان الحزب يرى انها مادة دستورية ويجب التعامل معها من هذا المنطلق ولايمكن اسقاطها بتقادم الزمن.
وخلص الرفيق اللبان الى القول، بأن نهج المحاصصة الطائفية والفئوية لم ولن يقود البلاد الى شاطئ الاستقرار والامان، مؤكدا على ضرورة السعي الى تغيير الفكر السياسي السائد والانتقال به من سياسة التحاصص والمغانم الى الممارسة الديمقراطية الحقيقية التي يبدو انها لاتتحقق الا بالضغط الشعبي المتواصل وهذا مايعمل عليه الحزب من خلال دعمه الكبير لمنظمات المجتمع المدني وجميع الفعاليات الاخرى التي تعمل في هذا المجال.
وبعد استراحة قصيرة، عاد الحاضرون ليغنوا الندوة في المداخلات والاستيضاحات المتعلقة بالشان السياسي العراقي والحلول التي يراها الحزب مناسبة ويعمل من اجل تحقيقها، واجاب الرفيق اللبان على كافة الاسئلة التي عبرت من دون شك عن قلق الحاضرين على مستقبل العراق وسلامة مواطنيه.
كوبنهاغن: المكتب الصحفي لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي