في جو حميم التقت مجموعة من عراقيي وعراقيات العاصمة المجرية بودابست ، بدعوة من تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في المجر، في مساء السبت 15 تشرين الثاني 2014 ، لمشاهدة عرض الفيلم الوثائقي العراقي الطويل ( 73 دقيقة) - " نصيرات ".
تناول الفيلم موضوعا مهما لم يجر الحديث فيه كثيرا ، بل يجري عليه التعتيم ، لندرة الوثائق السمعية - البصرية عنه من ناحية وقلة الكتابات عنه من ناحية أخرى . انه موضوع مشاركة المرأة العراقية في الكفاح المسلح الذي خاضته فصائل الأنصار الشيوعيين العراقيين في كوردستان العراق ضد دكتاتورية وفاشية النظام البائد لسنوات 1979 - 1990.
وعلى الرغم من ان تلك الفترة مرت ولم يتم توثيقها كما ينبغي آنذاك .. فقد حرص صناع فيلم " نصيرات " على انجاز فيلمهم هذا والذي يأتي كعمل سينمائي ثان بعد فيلمهم الأول " سنوات الجمر والرماد " ، فأعتمدوا على الوثائق الشحيحة من صور فوتوغرافية وافلام أرشيفية نادرة وقديمة وكان الجسم الأساسي من الفيلم هو اللقاء بالنصيرات اللواتي توزعن على بلدان الشتات وأخريات بقين في الوطن .. ان فريق العمل السينمائي الذي عمل لفترة تجاوزت السبع سنوات وحمل كاميرته الى حيث النصيرات ، اينما وجدن ، واتاح لهن الفرصة للحديث عن تجربتهن ، بكل تفاصيلها .. فكانت النتيجة حيث تحدثت الشاشة عن سبب اختيار المرأة العراقية السلاح للكفاح ، عن دورها في حركة الأنصار ، عن قتالها عساكر النظام ، عن التحامها بأهالي القرى المكتوين بممارسات النظام البشعة ضدهم ، عن مد يد العون لهم في الكثير من الأمور الحياتية اليومية منها الطبابة ومحو الأمية وغيرهما .. وتحدثت النصيرات عن مصاعب التجربة والصراع مع العدو والطبيعة القاسية وظروف الحياة الجبلية الأستثنائية.
قدم عرض بودابست الدكتور ستار... مشيدا بجهود العاملين في الفيلم ومنوها على انهم في التنسيقية سيواصلون تقديم أمسياتهم الثقافية وتنشيط هذا المجال الحيوي للجالية العراقية في المجر.
ثم تحدث الفنان المخرج السينمائي ثامر الزيدي والمقيم في بودابست عن فيلم " نصيرات " وظروف عمله وكيف انه ساعد مع تقنيين مجريين في انجاز المراحل التقنية الأخيرة للفيلم ونوه ان الفيلم وضعت اللمسات الأخيرة عليه قبل ساعات قليلة من هذا العرض .. وشكر الزيدي باسم تنسيقية التيار الديمقراطي الحضور ورحب بمبادرة السفارة العراقية في المجر بحضور العرض بشخص السيد السكرتير الأول للسفارة والسيد القنصل و......
ثم تحدث الفنان الزيدي عن السيرة الذاتية لزميله وصديقه مخرج الفيلم علي رفيق وتعاونه مع الروائي كريم كطافة كاتب السيناريو للفيلم وأشار الى انهما
كانا من الأنصار وتجلت معايشتهما وخوضهما لتلك التجربة في انجاز هذا العمل السينمائي الوثائقي الذي يقترب باسلوبه ومعالجته من الدرامي ودعا الجمهور الى مشاهدة ممتعة للفيلم ومن ثم الحوار بشأنه بعد العرض.
تابع الحضور ما يعرض عليهم من على الشاشة الكبيرة باهتمام بالغ ، وكثيرا ماكانت تتعالى الضحكات لبعض المواقف التي ترويها النصيرات عن حياتهن وما حصل فيها من مفارقات .. وكان يشتد الأنتباه حين تعرض الاحاديث الشيقة للنصيرات وهن يروين ما اجترحن من بطولات وكيفية تجاوزهن لصعوبات جمة صادفنها في حياتهن الأنصارية ، وكذلك حين تحدثن بألم وبفخر وأعتزاز عن رفيقاتهن الشهيدات الخالدات اللواتي استشهدن ببطولة نادرة المثيل .
وبعد العرض قدم العديد من الحاضرين مداخلاتهم التي أشادوا فيها بالفيلم ومصداقيته في عرض الصفحة المشرقة التي تضيء نضال المرأة العراقية الباسلة ، واكد بعضهم انهم قد ذرفوا الدموع متأثرين بما شاهدوا في الفيلم من تسجيله للحظات انسانية متفردة.
وقال السيد سالم ..... انه على الرغم من ما احاط حركة الكفاح المسلح من صعوبات واعتراها من نواقص ، فأن فيها النقاط الأيجابية الكثيرة والتي اثبتها الفيلم ولا سيما مساهمة النسوة العراقيات في الكفاح الى جنب اخيهن الرجل.
ثم عقب السيد صادق العطار واشاد بهذا النشا ط الجميل الذي أعدته لجنة التنسيق للتيار الديمقراطي في المجر وقال: " ان الجانب الذي ينبغي التأكيد عليه في مداخلاتنا هو الجانب الفني " وجاء بمثال فنية نصب جواد سليم نصب الحرية وما تحلى به من مستوى فني عال، على الرغم من ان النصب يطرح قضايا سياسية ونضالات الشعب العراقي وأضاف :" اننا شاهدنا اليوم عملا فنيا بمعالجة سينمائية كانت قادرة على ايصال فكرته للجمهور وخاصة تقديمه لنضالات النصيرات الباسلات " وأختتم العطارحديثه بتقييمه الأيجابي للفيلم .
اما الدكتور شهاب أحمد فأشار الى انه سمع بعرض الفيلم الأول "سنوات الجمر والرماد" من أصدقاء له في المدينة السويدية يوتوبري وأعرب عن سروره لمشاهدته لفيلم " نصيرات"هذا المساء والذي هو الفيلم الثاني الذي يوثق للحركة الأنصارية العراقية وقال: " لا يسعني الا ان اهنأ مخرج الفيلم ومن خلاله الى كل العاملين فيه لما بذلوه من جهد ونكران ذات وعلى صبرهم الطويل لأتمام هذا العمل المهم".
ويرى الدكتور محمود كمال ان الفيلم الذي شاهدناه اليوم يأتي في الوقت المناسب :" انه رد على ما يطرح في عراق اليوم ، حيث يحاول البعض نشر الطائفية ، ويعملون على تهميش دور المرأة والتعتيم على جهدها وفرض الأفكار الظلامية في التعامل مع المرأة والتقليل من شأنها في المجتمع بابراز تخريجات تمعن في اذلال المرأة وابعادها عن الساحة " واضاف الدكتور محمود مؤكدا على : " ان هذا الفيلم " نصيرات " قال كلمة حق وبطرح صادق في اثبات قدرات وامكانيات تتحلى بها المرأة العراقية ، تجعلها صاحبة الكلمة " واقترح على ان تعمل مجموعة الفيلم على نشره في كل ارجاء العراق وحث الناس على مشاهدته ليروا ما استطاعت النصيرات من تقديمه وقال من الضروري البدء بطرحه على مؤسسة المدى لتساهم في ترويجه والبدء في شارع المتنبي الذي اصبح الأمل والضوء في ظلام يسود اليوم .
وعبرت السيدة باسمة حسين عن اعجابها بالفيلم وقالت : " كم بودي ان يجري العمل اليوم على تصوير فيلم في بغداد يكشف تلك الطروحات التي تشيعها بعض القوى المتحكمة والتي تهدف الى تحجيم دور المرأة في المجتمع وتعمل على سن تشريعات وقوانين تزيد من أذلال المرأة .. ان تصوير مثل هذا الفيلم يدعونا لمقارنته بفيلم "نصيرات " الذي يعكس المستوى العظيم لدور المرأة العراقية في نضال شعبنا .. اننا شاهدنا هذا اليوم فيلما رائعا ".
وفي الختام قال الفنان ستار الريحاني : " باعتباري سينمائيا .. ابارك هذا العمل الذي شاهدناه الان والذي نجح في ايصال فكرته واتمنى المزيد من انتاجات مشابهة له".