استقبلنا بفرح مع جماهير شعبنا الخطوة المهمة المتمثلة بإصدار مجلس الأمن قراره المرقم 2017 بإجماع أعضائه وبتوصية من الأمين العام للأمم المتحدة، بعد تسلمه مذكرة مشتركة من العراق والكويت حول اتفاق البلدين بشأن القضايا العالقة بينهما، فجراء غزو نظام صدام حسين الكويت الشقيق كان مجلس الأمن قد اصدر قرارا، في الثاني من آب 1990، برقم 660 لسنة 1990، ثم أعقبه بالقرار 661 (آب 1990)، الذي وضع العراق بموجبه تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بما يتضمنه من أحكام قاسية والتزامات كان على العراق أن يفي بها ويتحمل ثمن حماقات صدام وبطانته، صدر القرار الجديد يوم الخميس الماضي (27حزيران المنصرم 2013)، لينقل حالة العلاقة بين العراق والكويت من الفصل السابع إلى السادس، وليفك اسر العراق، وهو ما يعد تتويجا لجهد عراقي، رسمي وشعبي، مثابر للخلاص من تبعات القرار (661) لمؤلمة للشعب العراقي، الذي دفع أثمانا غالية وصبر وتحمل حتى تخلص منه، عاش شعبنا أياما صعبة تحت طائلة هذا القرار، وما رافق تطبيقه من دمار وخراب وضحايا وضياع للأراضي والأموال والممتلكات، لقد تحقق، أخيرا، ما كان يصبو له شعبنا باستعادة سيادة البلد وفتح الطريق لاستكمالها، وهو ما يستوجب عمل الكثير داخليا، واستثمار زخم القرار ومعانيه ومعطياته الهامة، للسير قدما على طريق إعمار بلدنا وإعادة بنائه، عبر تفعيل كل الأدوات والمستلزمات الوطنية في سبيل ذلك، وفي بناء علاقات دولية، سياسية واقتصادية، عنوانها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، سعيا لتعويض سنوات الحرمان وما خلفته من تخلف علمي وتكنولوجي، وما بدا واضحا على الكلف العالية لأجور التأمين والنقل، وأيضا، تسهيل تعامل مؤسسات الدولة الاقتصادية والتجارية، العامة والخاصة، مع مثيلاتها من المؤسسات العالمية، كما إن القرار الجديد يفسح المجال واسعا لإقامة علاقات سليمة، ويفتح أجواء رحبة لتعزيز أواصر العلاقات الثقافية والعلمية والعلاقات الدبلوماسية، الرسمية والشعبية، بما يعيد للعراقيين دولة وحكومة وشعبا ـ الحضور اللائق والمساهمة الفاعلة في حياة المجتمع الدولي، ورغم أهمية هذا المكسب المعنوي تبقى علينا مهمة الاستفادة من القرار ـ حكومة وشعبا وأحزابا وكتلا سياسية ـ وما يوفره من أجواء وانفراج لصالح إطلاق مبادرات لإعادة ترتيب أوضاعنا الداخلية لجهة تعزيز المصالحة والوحدة الوطنية، وإصلاح العملية السياسية، والسير الى أمام، نحو ترسيخ المؤسسات الديمقراطية، وبناء دولة المؤسسات والقانون الحقة، وحل المشاكل المستعصية بين الحكومة الاتحادية والإقليم والمحافظات، كل ذلك لا بد من أن يتوج بالتوجه إلى عقد المؤتمر الوطني العام للمراجعة النقدية المطلوبة للعملية السياسية وتخليصها مما يعتريها من مثالب وأخطاء ونواقص سعيا وراء إنقاذ بلدنا من أزمته المستفحلة التي وضعته في ظروف خطرة غاية في الحساسية والحراجة، لنجعل من مناسبة خروج بلدنا من الفصل السابع حافزا للجميع من اجل العطاء والعمل لخير الشعب والوطن ومصالحهما العليا، وتعزيز مسيرة العراق نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، المستقلة وذات السيادة الكاملة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب" ص 1

الاثنين 1/ 7/ 2013