جمهور الثقافة العراقي في هولندا كان على موعد ,  مساء الرابع من تموز , وعلى فضاء النادي المندائي  الثقافي بمدينة دنهاخ " لاهاي " . تلبية لدعوة منظمة الحزب الشيوعي والبلاتفورم العراقي , للاحتفاء بالفنانة ايمان خضر وبفلمها " مقاهي بغداد "  الذي انتج في اطار مهرجان " بغداد عاصمة للثقافة  " , الفلم الذي  حجب عن العرض ., حينها , ولاسباب لم تستطع وزارة الثقافة ببغداد لم تبررها لحد الان .

 الفنانة ايمان خضر , القادمة من ذي قار , بيروت , دمشق , لندن , القاهرة , الدوحة .. ومن بغداد اليها : حلت نسيما عراقيا  عذبا , بين مواطنيها , اصدقاؤها , و رفاقها , الذين ماتزال ذاكرتهم تحتفظ بصورة ايمان خضر : جديتها وتنوع انشغالاتها الفنية في المسرح , الاذاعة , التلفزيون واخيرا في السينما ..

احتفى الجمهور ايضا بالحضور الهام للفنان المخرج السينمائي المعروف قاسم حول , الذي منح الامسية عمقا وحيوية , من خلال اضاءته للعديد من مفاصل الوضع الثقافي والفني الراهن في العراق  والسينمائي منه بخاصة , ومستوى الخراب العميق الذي يضرب منجزات الثقافة العراقية التي تراكمت عبر عقود من 

السنوات , بسبب نظام المحاصصة والفساد والارهاب الثقافي .

 ​" مقاهي بغداد

عصية هي الكلمات في وصف انشداد الجمهور للفلم , وحتى ما بعد انهاء عرض الفلم ... وكنت ترى دمعا يذرف , آهة حزن عراقية , وصمت يضج بكلام كثير ..  ربما بسمة شاردة , ضحكة , اختلاط عواطف , تعليق من صدر لم يستطع حبس انفعاله .. ذلك لان الفلم كان جردة حساب لتاريخ بلد باكمله , عبر بغداد المدينة ومقاهيها الكثيرة والمتنوعة الطبقات والانتماءات والزبائن ..

 الفنانة ايمان خضر , استطاعت ان تتنقل برشاقة ودراية بين طبقات المكان وتواريخه , بين اشتباك السياسي بالاجتماعي والثقافي .. بين محطات الابداع الادبي والفني والسياسي , حيث كتبت قصائد هامة في هنذه المقهى , وكتب بيان سياسي بتلك , كان عنوانا لتظاهرة معرضة كبيرة , الى تلك التي احتفظت بحضور متميز لاسماء وعناوين شكلت محطات بارزة في خرائط الوطن .. مقاه مثل : الزهاوي , البرلمان , الشاهبندر ,  حسن عجمي , المعقدين ..الخ كانت ولم يزل بعضها يحتفظ باريج التاريخ رغم دخان الحروب والارهاب ..

لغة الفلم السنمائية , وعلى اتساع ثيمة الفلم ومشقات العمل السينمائي  في بغداد اليوم , كانت تتسم بالبساطة والعمق الكافيين , ما يتيح فضاءا واسعا للمشاهدين , على اختلاف اهتماماتهم  ,  للعبور بين كراسي المقاهي , تخوتها , عطور شايها , دخان اراكيلها , الى رؤية بانورامية للمشهد العراقي , رغم كل تعقيداته وتفاصيله العصية على العد .. وبالرغم من ذكورية تيمة الفلم , الا ان المخرجة ومن خلال الاعداد الدقيق والعميق لمادتها استطاعت ان تمسك بمادتها بشجاعة واستاذية , كما لو كانت زبونا دائما لتلك المقاهي !

 المخرجة ومن خلال شهادات اختيرت بعناية . ان تضيء مفاصل عملها بالضروري من التفاصيل التي هي رهن ذاكرات تحفل بالكثير : زهير الجزائري " روائي وصحفي "  ,  هاشم حسن  " استاذ اعلام " , اسماعيل زاير " صحفي "  , محمد الخشالي  " صاحب مقهى الشاهبندر " واخرين .. ذلك لان المقهى كمكان تنوع اطياف معناه بالنسبة لرواده , من مكان لاستقبال الضيوف , الى باحة لخيال الظل , قراقوز , الجالغي البغدادي , القصة خون .. وهو ايضا المكان الذي شهد معارك ادبية بين شعراء كبار , وظهور اتجاهات ادبية وفنية , وايضا كملاذ بعيد عن جبهات قتال بغيضة ..

كانت الاستراحة التي اعقبت عرض الفلم , مساحة للحوار بين المشاهدين والمخرجة , امتد الى الوقت المخصص لاسئلة الجمهور وملاحظاتهم التي جاءت نتيجة للتواصل الشغوف مع الفلم .

انتهى الوقت المخصص للامسية , لكن الحوارات لم تنته , اذ تواصلت خارج المنتدى , تحركها قوة الفن وضرورته , ايضا قوة التاريخ التي منحت بغداد , والعراق باسره طاقة حب لاتنضب عابرة للحدود ومشقات التعبير عن ماض وحاضر ومستقبل تتصارعه مئات الاسئلة والاحتمالات ..

منظمة الحزب الشيوعي العراقي والبلاتفورم العراقي , راعيتا الامسية , التي اقيمت على شرف الذكرى السابعة والخمسين لثورة 14 تموز المجيدة ,  توجت المساء بباقات ورد جميلة للفنانة ايمان خضر ولفلمها اللافت , وايضا للفنان الكبير قاسم حول على حضوره الجميل ..

ادار الامسية : الفنان قاسم الساعدي