شهدت بلادنا، طوال الاسابيع الاخيرة، سلسلة من الهجمات الاجرامية المروعة، سقط خلالها المئات من المدنيين بينهم كثير من النساء والاطفال ورجال الشرطة، وكشفت قوى الارهاب والجماعات الاجرامية، اكثر فاكثر، عن عزمها على تحويل العراق الى غابة من الخراب والهمجية والفلتان، وكان الهجوم المنظم على سجني التاجي وابو غريب، واطلاق عتاة المجرمين، وبالرغم من تكرار اقتحام السجون في بغداد والبصرة وغيرهما، قد سجل اختراقا خطيرا للمنظومة الامنية الوطنية، واضاف برهانا ساطعا على ضعف وعجز وفشل هذه المنظومة، وعدم اهلية ادارتها، وتخبط مراجعها العليا، حيث نقف الآن على حافة سقوط النظام الامني وترك مصير البلاد وحياة المواطنين الى سيطرة الارهابيين والجماعات الطائفية المنفلتة.
وبدلا من التنادي الى التعبئة الوطنية وتوحيد الصفوف والارتقاء الى الشعور العالي بالمسؤولية لالحاق الهزيمة بمخطط اشعال الحرب الاهلية الطائفية فان الطبقة السياسية المتنفذة بالسلطة ومعارضيها دخلت معا في تراشق محموم حول المسؤولية عما يحدث من مذابح يومية وانخرطت في سباق لتسجيل النقاط على بعضها البعض، ومضت في مسعى غاشم الى تبرئة النفس من حماية ارواح المواطنين، فيما يتأكد للملايين العراقية ولكل من يتابع وقائع الانتهاكات والكوارث الامنية بان الاحوال السياسية المضطربة والصراعات الفئوية والشخصية على السلطة والنفوذ اعطت للجماعات الارهابية المختلفة فرصا ومجالات وثغرات واسعة لكي توجه منها ضرباتها الاجرامية، بل والاخطر من ذلك كله ان هذا الصراع عرّض ويعرّض المنظومة الامنية الوطنية الى الاختراق والتسلل وشراء الذمم وتجنيد قيادات وموظفين وافراد في خدمة الارهابيين، هذا عدا عن تأثيرات الصراع السياسي على الشارع الذي لا يجد حماسا للتعاون مع خطط امنية اثبتت عقمها وفشلها، وبخاصة حين اصبحت تلك الخطط بمثابة عقاب للمواطنين وامعان في الضغط على حياتهم المدنية.
على ان السؤال الاستباقي الذي تطرحه هذه الاحداث الدموية هو ماذا ينتظر بلادنا في حال استمرت الجهات السياسية المتنفذة في اندفاعاتها الانانية وغير المسؤولة، وما هي الحدود التي سيتوقف عندها المتصارعون للالتفات الى المحن التي يعانيها الشعب والى الخدمات التي ينتظرها والى عملية اعادة البناء المعطلة منذ عقد من السنين؟ والسؤال يجيب عن نفسه إذْ يغلق المتصارعون المسارات السليمة لمعافاة الوضع السياسي ويعملون على تحويل الازمة السياسية الى ورقة ابتزاز لفرض نفوذهم، واقصاء القوى الشعبية عن المساهمة في صياغة السياسات العامة، ويفضلون سياسة الصفقات لتوزيع المغانم والمواقع بدلا من حكمة الحلول العملية القائمة على المراجعة وانهاء نظام المحاصصة والفساد وبناء اجهزة ومؤسسات تقوم على الكفاءة والولاء الوطني.
ان قوى وشخصيات التيار الديمقراطي، تنظر بقلق لهذا التدهور الامني، المسبوق بالتدهور السياسي، وترى ان المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق ادارة الحكومة التي ينبغي ان تخضع الى الحساب، فيما تشاركها الفئات الاخرى التي تخاصم الحكومة حيث تكتفي بتسجيل الانتقادات والاستنكارات فيما تخلق اجواء العنف والاحتقان الطائفي بطرق مختلفة.
اننا نعتقد بانه لا احد من اطراف العملية السياسية خارج المسؤولية، ولا مبرر للتنصل من هذه المسؤولية لوقف الهجمة الارهابية الطائفية الاجرامية.
المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي-
بغداد 23/تموز/ 2013