أكد ضرورة اجراء دراسات جادة تتقصى أسباب خسارة الشركات العامة

حذّر الحزب الشيوعي العراقي من التعامل مع شركات القطاع العام من خلال مواقف سياسية مسبقة، ومن أن تكون نتائج خصخصة القطاع العام بائسة ومؤذية لاقتصاد البلد.

وفيما شدد على ان علاج الشركات والمنشآت الخاسرة لا يتم من خلال بيعها "خردة" وبأبخس الاثمان، أكد ضرورة اجراء دراسات جادة تتقصى أسباب الخسارة.

وفي تصريح لـ "طريق الشعب" أمس الثلاثاء، قال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حسان عاكف: إن "موضوع خصخصة الشركات العامة يبقى من المواضيع الاستراتيجية الحساسة التي ينبغي عزلها عن الموقف الآيديولوجي المسبق تجاه القطاع العام والحساسية منه، ويجب ان لاتكون ردة فعل على اقتصاد مركزي بيروقراطي ساد في زمن النظام الدكتاتوري السابق، وإلا فالمحصلة ستكون نتائج بائسة ومؤذية لاقتصاد البلد، ولنا في سياسة الانفتاح المصرية وسياسات الخصخصة أيام السادات أنموذج واضح لذلك".

وأشار الرفيق عاكف إلى ان "لنا امثلة قريبة في بلدان اوربا الشرقية وهرولة منظريها الاقتصاديين نحو الخصخصة بحجة اصلاح الاقتصاد فكانت النتيجة نمواً سريعاً لفئات وشرائح طفيلية نهمة وشرهة مرتبطة بوشائج عدة مع مافيات محلية ودولية".

وبين أنه "إذا كان التوجه الحكومي الجديد يستهدف جرد الشركات الخاسرة وتمييزها عن الشركات الرابحة، فان العلاج لا يتم من خلال بيع الشركات والمنشآت الخاسرة (خردة) وبأبخس الاثمان، بل المطلوب اجراء دراسات جادة تتقصى أسباب الخسارة المتعلقة بالحروب التي مر بها البلد والحصار الاقتصادي الذي فرض عليه وبالاهمال المتعمد الذي تعرض له القطاع العام بعد التغيير في عام 2003، الحلول تكون من خلال اعادة هيكلة هذه الشركات والاصلاح الاداري التي هي بأمس الحاجة اليه".

وشدد على ضرورة تقديم "كل الدعم للقطاع الخاص باعتباره رافعة اقتصادية اساسية الى جانب قطاع الدولة في استنهاض الاقتصاد وإطلاق عملية تنمية اقتصادية وبشرية في العراق. ولا جدال في هذه الحقيقة، مع ذلك لماذا يربط البعض مسألة دعم القطاع الخاص بتطفله على قطاع الدولة"، معتبراً "دعم القطاع الخاص واجبا مطلوبا من الدولة وهناك آليات ووسائل كثيرة يمكن للدولة ان تدعم بها هذا القطاع بعيداً عن آلية عرض منشآت القطاع العام في المزاد العلني".

ورأى أن "دعم القطاع الخاص يمكن له ان يتم من خلال تقديم التسهيلات او الاعفاءات له فيما يتعلق بالقروض والتخفيضات الضريبية والاعفاءات الكمركية وتقديم القروض الميسرة وغيرها، هذا الى جانب تطبيق قوانين التعرفة الكمركية وحماية المنتج الوطني والمستهلك التي اصدرها البرلمان العراقي في وقت سابق".

وأكد أن "محاربة الفساد وتحسين الانتاجية لا تتم بالتخلص من قطاع الدولة عن طريق بيعه بالمزاد العلني، من واجب الدولة الاحتفاظ بملكيتها في الصناعات والمنشآت الستراتيجية في الكهرباء والنفط والطاقة والسكك الحديد والموانىء والمطارات وكل المنشآت ذات العلاقة بالأمن الوطني والقومي".

واضاف أنه "اذا كان الحديث يجري عن تجربة النمور الآسيوية فانه ينبغي معرفة ان النهوض الاقتصادي الذي شهدته هذه البلدان لم يكن بمعزل عن دور اساس للدولة وقطاعاتها، ولم يكن الامر مقتصرا على دور القطاع الخاص على الرغم من اهمية هذا الدور".

وقال الرفيق عاكف إن "علينا ادراك ان الامر ينبغي ان يخضع الى دراسة معمقة مراعاة لمصالح الشغيلة وعموم فئات الشعب وللحفاظ على ثروات الدولة من الهدر والضياع، كما ان هناك حاجة ماسة الى التشاور مع اطراف العملية الانتاجية والصناعية في البلد".

إلى ذلك، قال الامين العام لاتحاد نقابات عمال العراق هادي لفتة في حديث مع "طريق الشعب" امس الثلاثاء: ان "الاتحاد يرفض هذا التوجه والتعامل مع الشركات بهذه الطريقة".

واضاف لفتة ان "قسما من هذه الشركات معروف وكان منتجا وحقق ارباحا حينها على الرغم من سوء الادارة التي لم تلتزم مع ما تريده شريحة العاملين في هذه المؤسسات".

وبين ان "هذه الاجراءات تنسجم مع النهج الذي لا يرغب في تطوير الصناعة المحلية ولا يريد عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلد، والتي من المفترض ان تسير على وفق خطة علمية ممنهجة".

ولفت الامين العام لاتحاد نقابات عمال العراق الى ان "التحجج بان الشركات خاسرة هو ذريعة، فمن المفترض دراسة اسباب خسارة هذه الشركات، ومن ثم اعداد خطة لعملية التطور, وهذا غير موجود بسبب الذهنية العامة التي لا تريد صناعة وطنية متطورة تنسجم مع اهداف الشعب العراقي".

من جانبه، بين المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح ان "هذه الشركات معطلة منذ 13 سنة واصبحت مكلفة وعبئا على الاقتصاد الوطني مستدركا بالقول " لكن الهدف الأساس هو في احتواء العاملين سواء في التشغيل او التقاعد، اي ضمان راتب لهم".

واضاف صالح في حديث لـ "طريق الشعب" امس: "يمكن لهؤلاء العمال اذا كانوا يمتلكون خبرة فنية العمل في هذه الشركات بعد تأهيلها حيث ستكون لهم الافضلية، وان التاهيل ورفع كفاءة الشركات سيتم بالتعاون مع البنك الدولي، حيث تصنف هذه الشركات الى مساطحة او مشاركة او حتى خصخصة ".

فيما اعرب عن امله في ان " يكون للعاملين بالاجور اولوية في التعيين في الشركات بعد التاهيل لان الكثير منهم جيدون".

وختم بالقول: "لن نضحي بأي عامل، فالذي بلغ السن القانونية سيحال الى التقاعد، والذين لم يبلغوا السن القانونية فبالتأكيد لن يسرحوا، وإنما سيتم توزيعهم على هذه الشركات بحسب الاحتياجات بمن فيهم العاملون المؤقتون الذين ستكون لهم الاولوية".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب" ص1

الاربعاء 30/ 9/ 2015

محمد علاء