NUIJ/نبراس احمد 

اشر اكاديميون ومثقفون واعلاميون عراقيون، اهمية الدور الذي يلعبه المثقف وتأثيره في حركة الاحتجاج الجماهيري التي عمت البلاد بعد عام 2003 والحاجة الى الانخراط في فعل احتجاجي حقيقي كجزء من ممارسة ممنهجة تؤدي الى تشكيل وعي اجتماعي جديد بفكرة الاحتجاج ، وهي تتحق من خلال اعلام ومؤسسات ثقافية مستقلة.

 جاء ذلك خلال الندوة الثقافية الشهرية التي نظمتها النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين اليوم السبت 19/12والتي حملت عنوان (المثقف وفعل الاحتجاج:قراءة سوسيو_اتصالية في مواقف المثقفين العراقيين من تظاهرات 2015)، حاضر فيها الباحث عبد الرزاق علي وقدم لها الاعلامي والقانوني حسام الحاج، وبحضور عدد من الاعلاميين والمثقفين الذي ناقشوا وتداخلوا خلال الندوة..

 المحاضرعبد الرزاق تحدث في بداية كلامه عن مفهوم المثقف وطبيعة هذا المفهوم وعلاقته بالبنية الاجتماعية،وطبيعة المثقف المحتج والعلاقة بينه وبين الاحتجاج، كذلك تاريخ الاحتجاج منذ ثلاثينيات واربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، و انخراط المثقف بالعمل السياسي، حيث قدمت الثقافة العراقية عشرات الاسماء المهمة التي دخلت في معترك العمل السياسي سلبا او ايجابا على المجتمع. وانقسام مشهد الثقافة العراقية الى موالي السلطة ومعارض وهذا معروف في الشعر والرواية والقصة القصيرة والفنون بمختلف صورها حيث كان المشهد منقسماً على الدوام بين معارض وتابع للسلطة.

 وعرف الباحث عبد الرزاق المثقف المحتج بأنه :" وعاء اجتماعي ثقافي حمل عبر تجليات وصور متعددة لتطلعات وامال شرائح اجتماعية متعددة" مبيناً ان المشهد بعد عام 2003 كشف ان المثقف لم يستطع مغادرة تاريخية المشاركة من عدمها وفشل في الانخراط مع هذا التغيير الشامل الذي ينتج معه اتصال مع البنية الاجتماعية التي شهدت خلال ثلاث عقود من الزمن اسوء فترة يمكن الحديث عن التغيرات الهائلة فيها ،والتي تتمحور ببنية الثقافة والاقتصاد وعلاقة المجتمع بالسلطة وعلاقته بماتبقى من الدولة.

 واوضح ان المثقف العراقي لم يستطع ان ينخرط في فعل احتجاجي حقيقي كممارسة ممنهجة تؤدي الى تشكيل وعي اجتماعي جديد بفكرة الاحتجاج وبذلك استمر المثقف في منفاه القديم الجديد و التحق جزء من جسد الثقافة العراقية في المنافي الجديدة وبالتالي هذه اخذت منه الكثير بمعنى انه بعد عن البنية الاجتماعية حتى يؤثر فيها او انه انخرط في تشكيلات جديدة قامت قبل هذا التاريخ تشكيلات سياسية تمثل طوائف واقوام لا ان تمثل هاجس وطني عام..

 واعتبر الباحث ان احتجاجات 2015 والوطن على اعتاب كارثة وطنية لان الجرح الذي تسبب فيه فقدان اربع او خمس مدن بهذه الطريقة هوجرح غائر في الكرامة الوطنية، يرافقه المستوى المتندي للعيش والانسانية والخدمات وقد ساهمت بشكل اساسي في انتاج هذه اللحظة التي برزت بشكل واضح في 31 تموز 2015

 ولفت عبد الرزاق الى ان:" الخلخلة التي احدثها زلزال 2003 جعل الامور تتكون بشكل جديد ليتوزع فعل المثقف على عمل هنا وهناك بسبب ان العشرات بل المئات من الاسماء التي يمكن رصدها مساهمة بفعل الاحتجاج على سلطة سياسية فشلت في ارساء مشروع وطني حقيقي للحكم و اشاعت جو غير مسبوق من الفساد وقدمت اداء بائس في جميع المجالات وهذه نقاط اساسية تمحور عليها فعل احتجاج تموز، والمشكلة ان حتى الاحزاب السياسية استخدمت الاحتجاج بطريقة تخدم مصالحها، لكنها فشلت في ترسيخ مفهوم الاجتجاج كمفهوم مدني حضاري.

 الصحفي حسام الحاج، قال ان :" دور المثقف بعد 2003 دور كبير ومثبت ولكن انعكاسه على المجتمع كان قليل بسبب حجم الخراب الاجتماعي الذي كان كبيرا باكثر من ماقدمه المثقف الى جانب الاحباط العام الذي يجعلنا في نقد ذاتي. ولفت الحاج الى التظاهرات الاخيرة انفرزت مابين تيارين تيار اصلاحي وتيار اخر اصولي او تقليدي تناغم مع التمظهر الجديد مع السياسة العراقية وهذين التيارين حالة الفصل بينهما حالة عميقة وليست متواصلة من الممكن ان تذهب التظاهرات باتجاه الصراع الايدلوجي ودور المثقف في مواجهة هذا الصراع.

 بدوره اكد القاص والاعلامي عبد الستار البيضاني خلال حضوره الندوة بأن دور المثقف العراقي كان معروفاً قبل 2003 وحتى عام 1991 كانت المعارضة العراقية معارضة ثقافية صرفة، حتى اننا لانتذكر زعيماً سياسياً بل نتذكر الجواهري و سعدي يوسف ومظفر النواب واخرون، بعدها ظهرت الزعامات ، وكانت زعامات دينية صرفة، بعد 2003 كان نتوقع ان يكون فعل المثقف اكثر على اعتبار انه خاض غمار التظاهرة نتاجاً وفعلا، والمثقف العراقي كان مقاتل ومنتج واعلامي وغيرها ، لكن ماحصل اننا جميع شرائح المجتمع العراقي كانت تذهب للتظاهرات الا المثقفين، وبقى المثقف على الهامش وفشل حتى في تكوين مؤسسات خاصة به، والدليل اننا لانمتلك حتى الان اعلاماً مستقلأً وبقى على هامش السياسة، لذلك ارى ان الحديث عن دور المثقف العراقي في التظاهرات هو دور اجتماعي اكثر مما هو ابداعي ، ونحتاج اليوم الى فعل ثقافي مساند للتظاهرة كأصدار الكتب والصحف والبرامج الاعلامية وغيرها.