مسودة مطالب المتظاهرين ورؤيتهم بالإصلاح

المطروحة للنقاش العام والتي سيتم إقرارها في مؤتمر

حركة الاحتجاج العراقية المزمع عقدة في نهاية شهر كانون الثاني الجاري

في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا، انتصارات كبيرة ومفرحة تجسدها قواتنا الأمنية ومقاتلو الحشد الشعبي والعشائر، آخرها في مدينة الرمادي، نؤكد أهمية تعزيز الدعم الكامل والمتنوع لكل القوات المرابطة في جبهات القتال، لتحقيق النصر على الإرهاب، وصولاً إلى عراق أمن ومستقر.

تستمر تظاهرات واحتجاجات واسعة في البلاد ردا على اشتداد الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب من نهج المحاصصة الطائفية الأثنية الذي يعتبر اس أزمة النظام السياسي وفشله الذريع في بناء الدولة وادارتها وتوفير ابسط متطلبات العيش الكريم للمواطنين. لذا لا بد ان يكون هدف الخلاص من هذه المحاصصة وإعلاء شأن مبدأ المواطنة عنصرا رئيسا في اية رؤية جدية الى عملية الأصلاح وتحقيق العدالة الأجتماعية ، وهو احد اهم مطالب وشعارات الحراك الشعبي ، والذي ينبغي أن يكون دليلا مرشدا في تحديد اولويات الاصلاح والتعيير المنشود واجراءاته التنفيذية.

واستجابة لمطالب التظاهرات الجماهيرية في بغداد والمحافظات تقدّم رئيس الوزراء بحزم اصلاح لاحوال الدولة، كما طُـُرحت ورقة اصلاحات من قبل رئيس مجلس النواب.وبعد مضي أكثر من خمسة اشهر على اصدار حزم الاصلاح المذكورة، ظلت تصطدم بمقاومة المناوئين للاصلاح من قبل القوى المتنفذة في السلطة وراحت تتذرع باشكال مختلفة لتسويفها. ولابد من الاشارة والتأكيد بانه بات الإصلاح ضرورة غير قابلة للتأجيل بسبب صعوبة الأوضاع التي تمر بها البلاد، واشتداد التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية ومخاطر تَمزيق النسيج الوطني وتعاظم التدخلات الخارجية وتفجر الأزمات الاقتصادية- الاجتماعية، كما وان تشمل عملية الاصلاح مختلف جوانب بناء الدولة وعملها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن ضمنها تحقيق مصالحة وطنية حقيقية، وإعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة على أساس المواطنة والولاء للوطن والنزاهة والمهنية، والعمل جديا من أجل حصر السلاح بيد الدولة، وحشد الطاقات الوطنية في الحرب ضد الإرهاب.

وكنا نتطلع إلى أن تحقق المعركة ضد الفساد، نجاحات تواكب انتصارات قواتنا، وتقوي معنويات أخوتنا المقاتلين وتشد من عزيمتهم، لكن سياسة الالتفاف والتسويف والمماطلة كانت النهج الذي قوبلت به مطالب الشعب العادلة.

ويدفع التردد والبطء في عملية الاصلاح جموع المتظاهرين إلى مزيد من الأصرار على التظاهر والتعبير عن احتجاجها بوسائل سلمية متنوعة، سعيا للضغط من اجل الحصول على مكتسبات حقيقية وملموسة واحداث التغيير المطلوب.

أن تراجع السلطتين التنفيذية والتشريعية عن الإصلاحات، بل التخلي حتى عن ورقتي الإصلاح التي طرحتهما قبل نحو شهرين، عبر قرار البرلمان الصادر بتاريخ 2/11/2015، يؤشر إلى قوة الرغبة السياسية في وأد وجهة الإصلاح وهي في مهدها، وأثبت عدم جدية مجلس النواب، في تمثيل أبناء الشعب، وعجز السلطات الثلاث عن تحقيق الاستقرار السياسي المطلوب، الذي هو شرط أساسي للاستقرار الأمني.

ومن خلال رؤيتنا ومتابعتنا لإجراءات السلطات الثلاث والتوجهات اللاحقة في تنفيذ المطالب المشروعة للمظاهرين وأبناء الشعب، نؤشر النقاط التالية:

أولاً/ السلطة التنفيذية:

  1. لقد أيدنا حزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، في 8/10/2015، رغم تحفظاتنا على بعض نقاطها، واعتبرنها خطوة أولية في الاتجاه الصحيح، غير أننا لم نلمس جدية في تنفيذ الإجراءات التي تضمنتها الحزمة، مثل طرح مشاريع قوانين تعالج الفراغ القانوني الذي تخلفه الإجراءات ومنها (مشروع قانون إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، مشروع قانون دمج الوزارات، مشروع قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث.. ألخ).
  2. نرى ان تعمل الحكومة والسلطة التنفيذية على ضمان الامن والاستقرار وبناء مؤسسات الدولة المدمية والعسكرية على قاعدة المواطنة.
  3. العمل على التخلص من نهج المحاصصة الطائفية الاثنية واعتماد معايير النزاهة والكفاءة والاخلاص، وإنهاء كل مظاهر الاستقطاب الطائفي، وتكريس الوحدة الوطنية.
  4. السعي الحثيث لتحسين العلاقة مع اقليم كردستان وانهاء الخلافات على قاعدة المصالح الوطنية العليا وما يكفله الدستور.
  5. تكثيف وتوحيد الجهود من اجل تحقيق المصالحة الوطنية والتوصل إلى رؤى مشتركة بشأن اهدافها وطبيعتها وآلياتها، واعتبار الاسراع في اصدار التشريعات المتعلقة بها ( قانون العفو العام، تعديل قانون مكافحة الارهاب، قانون هيئة المساءلة والعدالة..) من اولويات عملية الاصلاح.
  6. لم يطرح رئيس الوزراء برنامجا شاملا وحقيقيا للإصلاح يُنفذ على أرض الواقع، واكتفى بإجراءات إدارية غير جذرية. وهذا يؤكد ان الفريق الحكومي لا يؤمن بنهج الإصلاح، بما في ذلك أعضاء مجلس الوزراء.
  7. عجز د. حيدر العبادي ومجلس الوزراء بشكل كامل عن بناء إستقطاب سياسي، تتكون في ضوءه كتلة برلمانية إصلاحية، تساند بقوة جهود محاربة مافيات الفساد الكبيرة.
  8. اتخاذ قرارات تقشفية، تمس بلقمة عيش المواطنين، للحد من الأزمة الاقتصادية، بدلاً من استعادة الأموال المنهوبة، وهي بمئات المليارات من الدولارات.
  9. ان تعمل الحكومة والسلطة التنفيذية على ضمان الامن والاستقرار وبناء مؤسسات الدولة المدمية والعسكرية على قاعدة المواطنة.
  10. تشكيل "هيئة الاصلاح " من مستشارين ذوي اختصاصات ومهنيين وشخصيات سياسية ومن المجتمع المدني ومن الناشطين في الحراك الشعبي ، مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، تكون مهمتها متابعة تنفيذ برنامج الاصلاح.

ثانياً/ مجلس النواب:

  1. لم يتابع المجلس تنفيذ ورقته الإصلاحية، التي لم نسمع عنها مطلقاً بعد إعلانها في تاريخ ( 9/10/2015). مثلما لم نسمع لغاية الآن بالحزمة الثانية التي وعد المجلس بإطلاقها.
  2. لم يبذل مجلس النواب اي جهد، لمتابعة الوعود الحكومية والإجراءات التي اتخذت وقيل عنها "إصلاحية"، وكان دعمه إعلامياً فقط.
  3. غياب الجهد التشريعي لسد الثغرات الموجودة في ورقتي الإصلاح، الحكومية والبرلمانية. ولم يشرع المجلس أي مشروع قانون مهم سوى قانون الأحزاب، والذي يعاني من ثغرات غير قليلة.
  4. نرى ان يتوجه المجلس بتشريع القوانين التي تمس حياة الناس وتضمن تطور البلاد ومنها:اعادة النظر بقانون لسلم الرواتب على قاعدة الشهادة والخدمة، بما يضمن تقليص الفجوة في الاجور ويحفز حسن الأداء، وقانون الضمان الاجتماعي،و تعديل قانون التقاعد الموحد، وقانون النفط والغاز، وقانون الخدمة العسكرية الالزامية ومراجعة مشروع قانون الحرس الوطني،و تعديل قانون انتخابات أعضاء مجلس النواب،و قانون الحصول على المعلومة، وقانون عفو عام يستثني من ثبت ارتكابه جرائم ارهاب وتورط بسرقة المال العام.
  5. القيام باستجواب حقيقي لمسؤولي الدولة، رغم تلكؤ الخدمات ووجود ملفات فساد عالقة منها (قضية سبايكر، صفقة الفساد في الأسلحة الروسية، الإستيلاء على عقارات الدولة، مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، جهاز كشف المتفجرات، الحسابات الختامية للسنوات الماضية، خاصة عام 2014 .. الخ).
  6. تعثر انعقاد جلسات المجلس، وغياب واضح لعمل اللجان البرلمانية، التي لم تقدم شيئاً يذكر على الاقل منذ أنطلاق الاحتجاجات.

ثالثاً/ السلطة القضائية:

  • اعادة تشكيل هيئة القضاء الاعلى وذلك بمصادقة مجلس النواب على قانون مجلس القضاء الاعلى وقانون المحكمة الاتحادية، وتخليص القضاء من نظام المحاصصة الطائفية - الاثنية، وضمان استقلاليته، وإبعاده عن الفساد على قاعدة الكفاءة والنزاهة واحترام القانون.
  • استكمال مجلس النواب اقرار قوانين المنظومة القضائية بتشريع قانون المحكمة الاتحادية، وقانون مجلس القضاء الاعلى، وقانون الادعاء العام، وقانون التنظيم القضائي وقانون الاشراف القضائي.
  • لم يأخذ القضاء دوره في إصدار الأوامر القضائية بعد استلامه ملف التحقيق بقضية سقوط الموصل في تاريخ 17/8/2015.
  • لم يقف القضاء ضد الانتهاكات التي طالت الناشطين والمتظاهرين، من اعتقالات إلى تغييب قسري، واخذ تعهدات من المعتقلين منهم تلزمهم بعدم التظاهر.
  • العمل على تهيئة قاعدة معلومات عن اداء القضاة وفق الكفاءة والمهنية، واستكمال شروط نزاهة القضاء.

رابعا :مكافحة الفساد

  1. ملاحقة الفاسدين والمفسدين بقوة القانون، وإحالتهم إلى القضاء بغض النظر عن مواقعهم في الدولة ومراكزهم الوظيفية ، واسترجاع كل الاموال المسروقة من قبل المتورطين في صفقات الفساد. والتصدي للفساد الاداري والمالي وباشكاله الاخرى ، الحليف الموضوعي للارهاب، عبر اخضاع ملفات الفساد الى اجراءات قضائية واحالتها الى هيئة النزاهة.
  2. تفعيل عمل الاجهزة الرقابية: ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ودوائر المفتشين العموميين ، وتفعيل دور الرقابة الشعبية والرأي العام ومنظمات المجتمع المدني، وضمان حرية الاعلام والشفافية في الاعلان عن المعلومة.
  3. .متابعة الكشف واتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن الملفات الاتية:الحسابات الختامية للوزارات العراقية منذ 2004 ولغاية الآن، ملف جريمة سبايكر،ملف سقوط الموصل،ملف اجهزة كشف المتفجرات وملف الاسلحة الروسية.

خامسا: اصلاح الخدمات العامة

  1. بناء نظام الضمان الاجتماعي وتطبيق قانون الرعاية الاجتماعية بشكل عادل، وتشريع قانون الضمان الاجتماعي بما يؤمّن توفير الخدمات المجانية للصحة واصلاح النظام التعليمي، ومعالجة ازمة السكن. وأن يقترن ذلك بتعزيز اجهزة الدولة الفنية المعنية بادارة ومراقبة الشراكات مع القطاع الخاص.
  2. التدقيق في خطط تجهيز الكهرباء واولوياتها، وتفعيل اطر التخطيط والتنسيق لجميع الجهات الادارية الحكومية المعنية بقطاع الطاقة عموما، والكهرباء بشكل خاص.
  3. الاهتمام المكثف باصلاح الادارات المعنية بالخدمات البلدية ، وبشكل خاص في العاصمة بغداد، ومكافحة الفساد المنتشر في مختلف مؤسساتها بصورة جدية، وتذليل المعوقات التي تحول دون توفير الخدمات البلدية الاساسية كوجود الكتل والحواجز الكونكريتي.
  4. اتخاذ اجراءات حازمة لمعالجة الفساد المالي والاداري في الادارات المعنية بخدمات الكهرباء والماء، واقصاء الفاسدين ومحاسبتهم.
  5. تسهيل الاجراءات والمعاملات الادارية المتعلقة بالحصول على الخدمات، وتقديم مزيد من الدعم لادخال تطبيقات الحوكمة الألكترونية.

سادسا: اصلاح الاقتصاد الوطني

  1. تبني استراتيجية تنمية مستدامة وخطط لتنويع وتوسيع قاعدة الاقتصاد، واستثمار القدرات البشرية بشكل كفوء لتحقيق حياة افضل للمواطنين، والتخلص من احادية الاقتصاد باعتماده على الموارد النفطية.
  2. تشجيع الانتاج الوطني والمنتجات المحلية باتخاذ اجراءات حاسمة لتطبيق قوانين التعرفة الكمركية وحماية المستهلك والمنتج الوطني، وتقديم القروض الميسرة للمشاريع الانتاجية، مع الاسراع باعادة تأهيل وتشغيل الشركات والمصانع المملوكة للدولة، والتشجيع المطلوب للقطاع الخاص.
  3. خفض وترشيد الانفاق الحكومي، واستحداث وتطوير ادوات تشجيع الادخار الوطني، والحد من مستويات ومعدلات الاستهلاك العام والخاص المرتفعة.
  4. رفع أعباء الاجراءات التقشفية عن اصحاب الدخول الثابتة الواطئة والمتوسطة عبر اعتماد الضرائب التصاعدية، وتحسين نظام جبايتها من غير العاملين في الدولة،
  5. ضمان توفير مواد البطاقة التموينية ووصولها إلى المواطنين بالكميات والنوعيات المقررة.
  6. اعطاء الأولوية في تخصيص الموارد وفي توجيهها لتلبية المتطلبات الأساسية للأسر تحت خط الفقر والنازحين، ومكافحة البطالة وخاصة بين الشباب.

إذ نؤكد إستمرارنا بالإحتجاجات الشعبية السلمية المطالبة بالإصلاح ضمن أطر الدستور العراقي وتوفير الخدمات، فأننا نحذر السلطات الثلاث، والطبقة السياسية الحاكمة، من استمرار التسويف للمطالب الحقة، الذي بدأ يثير غضب الناس ونقمتهم، نشدد على تنفيذ النقاط اعلاه، نؤكد في نفس الوقت على رؤيتنا في الاصلاح التي تنطلق من اعادة بناء النظام السياسي على وفق المواطنة وتخليصه من المحاصصة والفساد.

نقدم شكرنا لقواتنا المسلحة ومتطوعي الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر.

ونشكر المرجعية الدينية في النجف الأشرف. على دعمها للتظاهرات السلمية بشكل مستمر، ومساندتها لمطالب الشعب دون النظر إلى انتماءاتهم الدينية والعرقية والطائفية.

اللجنة التحضيرية للمؤتمر

بغداد

1-1- 2016