تشهد البلاد حراكاً واسعا من اجل إيجاد مخارج لآزمة النظام السياسي الراهن، القائم على التحاصص الطائفي والقومي، والذي أوصل العراق الى حالة كارثية وعجز عن إقامة دولة مؤسسات وفق مبادئ الكفاءة والنزاهة والعدالة. وقد تفاقمت طيلة (12) عاما من حكم التحاصص الطائفي، المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، واتسعت رقعة الخلافات المجتمعية وانهارت البنى التحتية وعجزت عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين والمواطنات، وتعرض الوطن الى غزو إرهابي إجرامي احتل أكثر من ثلث مساحة العراق، وتواترت الهجمات الإرهابية في المدن. وتواجه العاصمة بغداد اختراقات أمنية كبرى تحصد أرواح المئات من أبناء الشعب وتخلف آلاف الجرحى، فضلا عن الهجرات القسرية التي وصلت إعدادها الى أكثر من ثلاثة ملايين مهجر.
أن النتائج الكارثية لاتساع شبكة الفساد في كل مفاصل الدولة وغياب الرؤية الوطنية في إدارة المال العام وتوظيفه في تنمية مستدامة تحل مشكلات الفقر والبطالة والسكن والصحة والتعليم.. كانت العوامل الأكثر تأثيرا في انطلاق احتجاجات الجماهير في محافظات العراق كافة، مطالبة بالإصلاح والتغيير وحسم المعركة مع الإرهاب بتوجه وطني شامل.
وأعطت الاحتجاجات منذ بداياتها الأمل والقوة لاصحاب القرار، وفي المقدمة منهم رئيس مجلس الوزراء، للمباشرة في إجراء الإصلاحات دون تردد وبجرأة وإقدام. غير ان حصيلة العام ونصف العام منذ تشكيل الحكومة كانت مخيبة للآمال، ولم تستطع حزمة الإصلاحات الأولى ان تخرج من فضائها الإعلامي الى حيز التنفيذ، وظلت إرادة التغيير قاصرة عن إحداث تحول نوعي لصالح المجتمع. وفي السياق طرح مؤخرا مشروع التغيير الوزاري، وجاءت الدعوة الى تشكيل طاقم وزاري جديد من التكنوقراط..
ان التيار الديمقراطي، الذي يستند في تقييمه لمشروع التغيير الوزاري الى مطالب الحراك الشعبي، يرى ان التغييرات والإجراءات الجزئية على هيكلية مؤسسات الدولة، ينبغي ان تأتي وفق رؤية شاملة وبرامج اصلاح ذات مصداقية، وحسب توقيتات خاضعة للتقييم والمساءلة والمحاسبة. وبهذا المنظور يصبح التغيير الوزاري فاعلاً باشتراط توافقه مع مطالب الحركة الاحتجاجية المشروعة، وبموازاة السعي العام لتفكيك منظومة المحاصصة المقيتة. وذلك كفيل بانبثاق حكومة منسجمة وملتزمة ببرنامجها الإصلاحي، وبتشكيل وزارات مهنية ذات كفاءة ومخولة بصلاحيات مستقلة عن الجهوية والتحزب الضيق، وتعمل من اجل أبناء وبنات العراق دون تمييز وفق قواعد العدل الاجتماعي واحترام حقوق الإنسان وإعلاء قيم المواطنة.
ان الزمن ليس مفتوحا امام رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات حاسمة ووضع العراق على المسارات الصحيحة لمواجهة الإرهاب وحسم المعركة وطرد الغزاة أيا كانوا من أرضنا المقدسة.
انها اللحظة التاريخية التي لا تعوض، لفضح الفاسدين وإحالتهم الى العدالة، واسترداد الأموال المنهوبة. كما أنها فرصة للاصطفاف مع الجماهير الغفيرة المطالبة بنظام وطني عادل يحقق لها الحياة الحرة الكريمة والرفاه.
العراقيون يستحقون الأفضل
المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي
بغداد 29/2/2016