بمبادرة من اتحاد الجمعيات الديمقراطية في هولندا ( البلاتفورم ) ورابطة المرأة العراقية في هولندا، أقيمت أمسية أستذكار أربعينية المهندسة المعمارية الراحلة زهاء حديد ملكة المنحنيات ، يوم السبت 14-05-2016 في مدينة لاهاي الهولندية وفاء لعبقريتها وأبداعها وأعجازها ، وما تركته من بصمة في العمارة والتصميم والفن والموضة... متحدية كل ماهو تقليدي ...وكانت تخلق من المستحيل في مجال المعمار ، أعمالا أبهرت العالم ،وقد أضافت مفاهيم هندسية جديدة ، أُقر تدريسها في المحافل التعليمية المعمارية .... في هذه الأمسية، تمت استضافة مجموعة من المهندسين، للتحدث عن الراحلة زهاء حديد ، وهم المهندسة المعمارية بادية نصيف والمهندس المعماري عماد رمو والمهندس الاستشاري نهاد القاضي الذي أدار الامسية .
بدأ الامسية المهندس القاضي بكلمة ترحيب بالضيوف الكرام مستذكرا ضحايا التفجيرات الذين سقطوا ويسقطون في بلدنا الجريح العراق ودعا إلى وقفة دقيقة صمت حدادا على ارواح الضحايا وروح المهندسة المعمارية زها حديد، ثم ألقى المهندس القاضي كلمة بأسلوبه الخاص أسماها ... كلمات وفاء في أربعينية حديد ، ملكة المنحنيات ، دمج في كلمته بين ماسي وضحايا التفجيرات في الوطن واسباب نزوح وهجرة شعب العراق من المبدعين والمثقفين والعلماء إلى دول الشتات ، وكيف اصبحوا يوارون الثرى في مقابر دول العالم ولا يحظون بمساحة قبر بسيط في وطنهم الام وقال أيضاً
وطني فيك أنظمةٌ بدماءِ الشعب تتاجر... وشعبي أجبر منذ عقودٍ أن يهاجر
أنظمةٌ غدرت وطعنت الظهرَ بالخناجر...وأخرى بكاتمِ الصوت أرتوت وبخنقِ الحناجر
واليوم سوقُ المفخخاتِ وعجلاتُ موتٍ غادر...كلُ هذا وغيره أجبرَ شعبي منذَ عقودٍ للوطنِ أن يغادر
وأختار مبدعو شعبي في الغربةِ لهم مقابر...واليومُ نحن في أربعينيةِ حديد
في أربعينيةِ الابداع نحاضر
زُهاء أسمها أو زَهاء ... عراقيةٌ ابنةُ أكابر
لقبُها حديد صنعت في العالمِ مجداً تليد ... تفاخرت بريطانيا العظمى بمِواطنتِها
ومَجدت آل حديد
لها في أغلب دول الشتات صرح جديد ...إلا في وطنها العراق ليس لها إلا ذكرى طفل وليد
ووطنها الام لم يصحو بعد من نومِهِ العتيد ...ومازالت انظمةُ العراق بالدماءِ تتاجر
وينزح المزيد
ومبدعوه وعباقرتُه وشخصياتُ أدبِهِ ومثقفوه مازالوا مثلَ حديدٍ... يُدفنون في الافقِ البعيد .... وتبقى أربعينيةُ حديد صخرةَ حضارةِ المعمارِ الجديد
هناك من سماها زٌهاء وتعني مقدارُ الشيء وآخر سماها زَهاء وتعني تألق الشيء
وكلاهما يعنيان أبداعُ المرأةِ العراقية.
ثم قدم السيد القاضي ... نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية للضيفين الكريمين بدأها ، بالمهندسة المعمارية بادية نصيف ، وهي خريجة جامعة بغداد كلية الهندسة قسم المعمارية عام 1991، وحاصلة على شهادة الماجستير من جامعة دلفت الهولندية في 1998 ...مارست مهنتها منذ التخرج في مكاتب هندسية متعددة في بغداد ثم عمان وتنتهي في هولندا ، ليستقر بها المطاف تأسيس مكتب هندسي خاص في روتردام، ولها مساهمات في تصميم وتنفيذ العديد من المشاريع المتنوعة في هولندا.
اما المهندس المعماري الأستاذ عماد رمو وهو من مواليد ناحية ألقوش / نينوى خريج كلية الهندسة قسم المعمارية جامعة الموصل 1987 الحاصل على شهادة ماجستير هندسة معمارية وتخطيط المدن من جامعة أيندهوڤن الهولندية ، بأطروحة ( مستنجع سياحي في بابل ودراسة العمارة البابلية في 2003) ، له العديد من التصاميم وتنفيذ المشاريع في ألقوش والموصل وبغداد، عمل في مجال توثيق أديرة ومساجد ضمن المكتب الهندسي الاستشاري في جامعة الموصل، وفي هولندا تمكن من أثبات وجوده من خلال عمل تصاميم في شركة متخصصة في التصميم الداخلي /هولندا ، أضافة لعمله كأستاذ للعمارة والبناء في المعهد التقني الهولندي منذ عام 2005 .
بدأت الاستاذة بادية نصيف حديثها عن المعمارية الراحلة زهاء حديد عارضة عبر شاشة كبيرة اعمال الراحلة زهاء حديد ، موضحة بأنه ليس من السهل احتواء هذه الشخصية وما أنجزته خلال أكثر من ثلاثين عاما من العمل الجاد والمثابرة والجرأة والتحدي الكبير في تصاميمها... استطاعت زهاء حديد من خلال دراستها علم الرياضيات من الجامعة الامريكية في بيروت ، ثم دراسة المعمار في بريطانيا ...أن تستخدم فن المجسمات الرياضية في تقسيم المكعب إلى مثلثات وعلقته في الهواء ، أنها إرادة تعبر عن ديناميكية المحيط ، اٍستطاعت زهاء من أستخدام الفضاءات وطوعت علم البارومتري والباربلويك وكيفية اصغائه للمعماري.
كما طورت المهندسة زهاء برامج الرسم الانسيابية ... لآن زهاء كانت متمردة على التقليد والمعتاد وهي تعود إلى المدرسة التفكيكية... كانت بداياتها المعمارية متميزة بالزوايا الحادة ثم تحولت إلى الانسيابية ثم حررت المجمسات إلى درجة انسيابية عالية ولمساحات واسعة، هذا بحد ذاته تفرد وتحدي كبير في ترجمتها إلى واقع. كانت أفكار زهاء حديد من الصعب على مهندسي التنفيذ أستيعابها لذا جوبهت بانتقادات كبيرة ومحاربة من زملاء مهنتها ، إلا المهندس المدني الالماني (شموخر) أستوعب أفكارها وتم التعاون معا ليصبحا فريق عمل رائع ، سخرت المهندسة زهاء علم اللوغارتمات الرياضية في الرسم الهندسي ، وبطرح الفكرة على زميلها شموخر الالماني ، تمكنا من التوصل إلى وضع برنامج الرسم ثلاثي الابعاد وأستعمال مواد وتكنولوجيا في تطوير مفاهيم العمل الهندسي.. تقول المهندسة بادية أن كل ما قامت به زهاء حديد يبقى مثال رائع للاجيال القادمة.
ثم تحدث المهندس المعماري الأستاذ عماد رمو عن الجانب الفني والتصميمي للمعمارية زهاء حديد، من خلال عرضه لكثير من اعمالها المختلفة من اعمال البناء والديكور والحلي والحقائب والاحذية . زهاء أثرت على العالم لأنها أنسانة قوية ،ساهمت عوامل عديدة في بناء شخصيتها ، أهمها انها أبنة بلاد الرافدين ، أرادت أن تعود إلى الاصالة إلى الطبيعة، لديها لغة الرسم وفن التصميم. أستلهمت اعمالها من الحركة والطبيعة بما تحويه من كهوف ومغارات وأقبية وفضاءات.... أستطاعت زهاء بأعمالها أن تلعب بعواطفنا وتشد ألانظار والانبهار. ..كانت حياة المهندسة زهاء مليئة بالجهد والتعب والارادة والتحدي، لاقت الكثير من المحاربة من قبل زملائها لكونها أمراة أقتحمت عالما ذكوريا ومن العراق ايضاً... لكنها أثبتت وجودها من خلال التنافس المهني ، ثم استعرض الأستاذ عماد من خلال عرض مصور موجز لأعمالها في مجال البناء والتصميم في مجالات مختلفة من السيارات إلى الاثاث وكافة مستلزمات الحياة، كما خاضت في مجال الموضة والاكسسوار والرسم ، لينهي حديثه أن زهاء ليست صعبة بل هي أسهل ما يمكن في علآقتها مع الآخر، تعتبر مشاريعها أستراتيجية أستثمارية للمدن التي نفذتها ومزار لجذب الزوار ، كما أن كون أغلب المشاريع من متاحف ومعارض وأبنية عامة ومراكز رياضية ضخمة.
كما قدم السيد نهاد القاضي عرضا مفصلا عن حياة الراحلة زها حديد ونشأتها التي من خلآلها تم بناء شخصيتها .
بعد ذلك فتح باب المداخلات والاسئلة من قبل الحضور .. بدأت السيدة باسمة بغدادي رئيسة رابطة المرأة العراقية في هولندا مداخلتها.
حيث قالت ... زهاء حديد الراحلة الباقية ... قرأت عنها الكثير ، وكتب عنها كثيرون ، كتبوا وتحدثوا عن إبداعها كّتاب الغرب قبل الشرق ... لذا تركت لخواطري اليوم العنان ... زها حديد ، غطت أنوارها أرجاء المعمورة ولا أريد تعداد منجزاتها ، بل الدول التي إستقبلت الإنجازات ... هونغ كونك ، المانيا ، باكو ، اليابان ، روما ، لندن ، الإمارات العر بية ،أمريكا، المغرب ، النمسا ، الأردن ، الرياض ، مصر .
دول العالم وما تزخر به الإمكانيات الفنية ، لجأت الى زها حديد التي زعزت بتصاميمها العمارة التقليدية ، وذلك لإيمان تلك الدول ، بأسس العمارة التي تسعى اليها زها حديد .
الدول العربية ... المغرب ، الإمارات ، السعودية ، الأردن ، مصر ... تطلعت الى تصاميم زها حديد ، وتفتخر بها وبإسمها ، كونها ( عربية)، ولكن حين تقدمت زها حديد الى العراق ، لتصميم دار الإوبرا العراقية ... رفضت تصاميمها ... العراق الذي كان أملها أن يقام فيه صرح من أعمالها ، لتفتخر هي به وتعود لإنتمائها ، ولنفخر نحن بها ، كعراقية ... ولكن العراق الذي يذبح فيه الأبداع والثقافة والفن ... كيف ممكن أن يفتح ذراعيه لإبداع زها حديد ...!؟
ثم تكلمت الاستاذة مي شوقي ، حيث عبرت فيها عن بكائها حين سماعها بوفاة زهاء حديد، رغم انها لا تعرفها شخصيا إلا من خلال متابعتها لمقابلات تلفزيونية مع زهاء أتسمت هذه الشخصية بالبساطة لها موهبة كبيرة حياتها المترفه قد تكون قد لعبت دورا في تفوقها، كما أن قوة شخصيتها وقوة عملها ساهما في التغلب على المنافسة.
جاءت مداخلة المهندس طارق الحمامي مبنية على معلومات من مقربين وأصدقاء زهاء قال فيها أن قابليتها على الرسم كانت مدهشة تأثرت بالفن الروسي في فترة بداية القرن العشرين، كانت منذ الطفولة عنيدة وتفصل ملابسها وملابس دوماها بيدها . اول مشروع نفذته كان محطة أطفاء فيترا في المانيا، كما أختير تصميمها لدار الاوبرا في ويلز البريطانية كأفضل تصميم ، غير إن البلدية رفضت الاختيار لكونها عراقية كما رفض تصميمها لملعب كرة القدم في قطر لأسباب واهية ، كانت ترفض أن يقال عنها المعمارية الانكليزية بل تؤكد عراقيتها.
الأستاذ محمود عثمان كان له سؤال لماذا هناك نقص في النقد الفني في حين هناك كم هائل من النقاد في الادب والسياسة. يرى في أعمالها العنصر الانثوي.
واجاب المحاضرون عن الاسئلة والمداخلات التي اغنت الامسية ، وبقى سؤال واحد يدور في فضاء القاعة ويخالج شعور الجميع ماذا كان مصير ابداع زهاء ، لو كانت في العراق ..؟ ترك المنهدس الاستشاري نهاد القاضي الجواب لحكومة العراق برئاساتها الثلاث .
انتهت الامسية بعد أن شكر المهندس الاستشاري نهاد القاضي الحضور وضيوف الامسية على ما قدموه وفاء للابداع وزعت رابطة المراة العراقية و اتحاد الجمعيات الديمقراطية في هولندا ( البلاتفورم ) باقات ورد على المحاضرين الثلاث .
رابطة المرأة العراقية / هولندا
17-05-2016