نتابع بقلق الانفلات الاجرامي الذي شهدته مصر في محافظة المنيا مؤخرا، حيث هاجم عدة مئات من الرجال بيوتا لمواطنات ومواطنين مسيحيين واحرقوها وشردوا اهلها، ثم أهانوا وأذلوا سيدة مصرية مسيحية مسنة في السبعين من العمر، إذ جرت تعريتها والتجوال بها في الشوارع. هذا الانفلات ليس أول مظاهر النزعة الهمجية لتيار إسلامي سلفي يسعى لتصعيد الكراهية والانقسام الطائفي بمصر متسترا بالدين، ويكرر جرائمه مطمئنا لضعف مؤسسات الدولة المدنية وجهازها الأمني، ولظاهرة تفشي الأمية والتخلف وما ينجم عنهما من توفير فرص استغلالهما وقيادة جموع واسعة من المواطنين بأوامر قادة تيار الإسلام السياسي الأصولي الرجعي بالضد من مصالحهم الحقيقية القائمة على احترام القانون وسلطته ودور الدولة المدنية في إدارة الحياة العامة

هذه الأحداث تتطلب إجراءات سياسية عاجلة لتفادي تدهور أوسع في الأوضاع الامنية وانفجار صراعات تؤدي بالوحدة الوطنية إلى المزيد من التفكك وتعرض الدولة المصرية للانهيار.

ومن تجارب شعوبنا نؤكد المسؤولية المشتركة لكل المستنيرات والمستنيرين من بنات وأبناء بلداننا عن إحداث نهضة ثقافية شاملة تضيء بنور العلم والحرية طريق شعوبنا نحو التقدم الانساني وبناء نظم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتحرر عالمنا العربي من ركام التخلف والتعصب والتمييز الديني والمذهبي والقومي، وتحرر الايمان الديني من الاستغلال السياسي.

وكمواطنين من بلدان عربية يقدرون دور شعب مصر ويتضامنون معه متمنين له الانتصار في نضاله من اجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية"، نطالب الحكومة المصرية بالقيام بمسؤولياتها في حماية الدستور وأمن وحقوق المواطنين وأن تتخلى في قراراتها وأحكامها بشكل قاطع عن التصريحات والايحاءات الملتبسة التي تشجع التطرف الإسلامي السياسي. كما لا يجوز أن تلجأ الجهات السياسية والأمنية المسؤولة للمساومة مع عناصر إجرامية مسلحة اعتدت على مواطنين بدلا من تفعيل القانون.

وتؤكد تجربة السنوات الماضية ان ما يسمى "الجلسات العرفية" لا توقف الاعتداء المتكرر على المواطنات والمواطنين المسيحيين فحسب، بل انها أصبحت وسيلة خادعة وبائسة تمنع تفعيل القانون المصري وتفرض عملياً على المتضررين التنازل عن حقوقهم المشروعة.

إن هيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق تطالب:

 

** بتقديم الجناة للمحاكمة،

** وبالكشف عن البؤر التي يصدر عنها التمييز والتحريض الديني والطائفي والتحريض على العنف،

**وبنظام قضائي مصري يلتزم بالدستور ويرفض الخضوع للقرارات السياسية، ويمنع ادانة حرية رأي الكتاب والمفكرين بذريعة "ازدراء الأديان" السيئة الصت،

** وبمحاسبة كل مسؤول حكومي أو محلي حاول إخفاء حقيقة ما حدث أو تهاون في تفعيل القانون.

كما تناشد كل القوى الوطنية المستنيرة ومنظمات المجتمع المدني، ومنها منظمات حقوق الإنسان بمصر وبالدول العربية، أن تتخذ موقف الإدانة الشديدة والاحتجاج لما جرى في محافظة المنيا، وأن تشارك معنا في المطالبة بالتحقيق ومحاكمة جميع المسؤولين عنها، والعمل من أجل حماية وحدة النضال المشترك لشعوب الدول العربية ضد النظم المستبدة وغير الديمقراطية، وضد مصادرة الديمقراطية وانتهاك حقوق الانسان.

 

الأمانة العامة لهيأة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق

1/6/2016