على مدى سنوات عدة نعت "مثقفون مأزومون" او لنقل "اشباه مثقفين" او الاصح من تخيل نفسه انه اصبح "مثقفا" بمجرد تأبطه مجموعة كتب لا نعرف ان كان يفقه ما فيها ام لا، هؤلاء نعتوا الشعب المصري الذي امهل ولم يهمل، بشتى النعوت، فقلب هذا الشعب المقدام حسابات هؤلاء راسا على عقب فاختلت المعايير والمقاييس عندهم وهؤلاء انفسهم اليوم يركبون الموجة ويريدون اعماما ارادويا، ذاتيا لاي حراك مجتمعي على كل شعوب الارض، بل لا يتورعون عن تقريع شعوب باكملها، كما كانوا يفعلون، لا لشيء الا لانها، وحسب مقاسات بعض هؤلاء المتحذلقين، تاخرت عن هذا الحراك الذي رسموا له موعدا افتراضيا في مخيلتهم التي اصابها العطب ودخلت في مرحلة الهلوسة.

المصيبة ان هؤلاء لا يتورعون عن تقريع شعبنا ولومه، وربما بحالة اشد واسوأ من نقدهم وتوجيه سهامهم الى من اوصلنا جميعا الى الحال الراهن، فهو العقوق بعينه، وعدم الدراية، وان حسبنا البعض قد نضج، فيبدو انه في السياسة ما زال مراهقا و ينطبق عليه "لا يندل ولا يخليني ادليه".

والمصيبة الاكبر انك تعرف هذا البعض العاق جيدا، وكيف لا وقد علمته كتابة حتى اسمه، وانت من اخترته كي تساعده في الوقوف على رجليه فاذا به يخيب كل الظنون ليس بالمعنى الضيق، بل الخيبة بمعناها الواسع الانساني، ولا يغير من حقيقة هذا الامر ان يحتل هذا البعض مواقع معينة في صحف، او انه من  هواة التنقل بينها، وربما بسبب المزاجية المفرطة الملازمة.

على اية حال هذا البعض ليس بالجديد فقد مرت على العراق وعلينا نماذج كثيرة من هؤلاء، والبعض قد انزوى بعد ان عرف حقيقة نفسه، فيما يواصل اخرون تسويد اعمدة صحف في مسعى لتعميم ما يختلج في النفس  من يأس واحباط، كان وما زال ملازما لهم.

على اننا كنا وما زلنا نقول بغنى الحياة وعمقها، والثقة العالية بالناس، وهي تعلمت الكثير من تجاربها،  والجماهير ليست تحت طلب هذا البعض النزق، والطلائع لا تقاتل بنفسها، ولكن الحق مطلوب منها المبادرة المدروسة الواعية، وليس الطائشة المتهورة لمجرد اشباع نزوات هذا البعض المريضة، وفي حراك نضجت اسبابه او في طريقها، ولنسمه مدنيا، كما كتب هذا البعض، لا ينتظر تعليمات لا من هذا المثقف الهمام، ولا من ذاك "المدني"، ولا من أي "مكتب سياسي" كما جاء في العمود المتهافت.

يبقى اخيرا ان نعتذر للقارئ على اقحامه في موضوع ليس هو ابن ما يعيشه الان، ولكن ماذا نعمل وقد فسر البعض سكوتنا على بذاءاتهم طويلا بانه ضعف، ونحن منغمسون بهموم الوطن والمواطن، ولا نريد الانجرار الى قضايا ثانوية يبدو انها غدت من ديدن البعض من اجل التكسب، ومعذرة ثانية لاستخدامنا "التورية" فقد حاول كاتب العمود عن "الحراك المدني" التشاطر علينا بان لا يذكر اسم حزبنا الشيوعي فيما هو المقصود، وهو الحزب الذي علمه أبجدية السياسة والكتابة، ولكن لا بأس ففي العوائل، ايضا، هناك عاقون.

على ان الفرق شاسع بين ما يكتبه هؤلاء المأزومون، وبين النقد الحقيقي البناء فهو كان وما يزال الابواب مشرعة له.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريده "طريق الشعب" ص 2

الاحد 18/ 8/ 2013