في البدء أستغلت الهيئة وأمانتهـا العامة وجميع الأخوة المؤتمرين تصادف عقد المؤتمر مع عيد العمال العالمي لذا رفعت بأسمهـا وبأسم جميع المؤتمرين التهاني والتبريكات لعمال العالم أجمع وإلى جميع شغيلة اليد والفكر في العراق وباركت الطبقة العاملة العراقية بعيدهـا الأغر الذي يحمل المعاني والطموحات الكبيرة وتمنوا أن يعمل الجميع من أجل تحقيقهـا ، هذا وعلى مدى يومي 1-2/5/2017 عقد في مدينة عنكاوة أقليم كردستان العراق المؤتمر الثاني لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق حضره جمع كبير من الضيوف والمندوبين من مختلف أنحاء العراق، ولاسيما من بنات وأبناء الذين انتهكت حرمات مناطقهم من جانب قوى الظلام والاستبداد والقهر والسبي والاغتصاب والسلب والنهب والقتل، من إيزيديين ومسيحيين ويهود وشبك وكاكائيين وبهائيين وزرادشتيين وتركمان، على أيدي عصابات داعش الإرهابية، إذ امتلأت قاعة المحاضرات الكبرى في الجامعة الكاثوليكية وقاعة مقهى السلام في مدينة تلسقف المدمرة في سهل نينوى في اليومين الأول والثاني على التوالي . وبحضور بعض أعضاء من الأمانة العامة والهيئة العامة من بعض الدول الأوروبية . وبعد الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء من ضحايا الطائفية المسلحة وقوى الإرهاب من تنظيم القاعدة وداعش وغيرهما.
قدم الزميل الأستاذ كامل زومايا عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر كلمة اللجنة المؤتمر الثاني حيث عرض فيها عواقب السياسات الطائفية التي كانت وما تزال تمارس في العراق والتي أدت إلى تغييب كامل لهوية المواطنة العراقية الموحدة والمتساوية والتشبث غير العقلاني بالهويات الفرعية القاتلة باعتبارها الهوية الرئيسة لكل فئة وطائفة والتي برزت في مناطق كركوك وديالى وحصل الشيئ ذاته في محافظة نينوى وقضاء سنجار ممـأ تسببت بوقوع الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين والمسيحيين والشبك والتركمان . ودعا إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بدعم النازحين والتصدي لعمليات التغيير الديمغرافي ومساءلة المسؤولين عما حصل في العراق منذ سقوط الدكتاتورية وحتى الآن.
ثم افتتح المؤتمر بكلمة الامانة العام لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب قدمها الزميل السيد نهاد القاضي الامين العام للهيئة ورئيس اللجنة التحضيرية ، حيث رحب بالحضور الواسع والمتنوع للضيوف والمندوبين وتمنى للمؤتمر النجاح، ثم عرج على المشكلات التي تواجه العراق في مجال انتهاك حقوق أتباع الديانات والمذاهب وما تعرضوا له من ابتزاز وتهديد وقتل وتشريد ونهب للدور ومحلات العمل وحرق وتدمير لأماكن عبادتهم ثم القتل على أيدي المليشيات الطائفية المسلحة قبل وبعد اجتياح الموصل، سواء أكان في وسط العراق، أم جنوبه في البصرة وفي محافظتي بغداد ونينوى، ومن ثم عبر الاجتياح لمحافظة نينوى على أيدي إرهابيي داعش ومن شارك معهم في عمليات الإبادة الجماعية. وطرح المطالب المهمة التي يسعى المجتمع العراقي إلى تحقيقها لإنقاذ العراق من براثن الطائفية السياسية والإرهاب والفساد والميليشيات الطافية المسلحة.
ثم القى الزميل القاضي السيد زهير كاظم عبود كلمة الهيئة الاستشارية لهيئة الدفاع حيث تطرق إلى العوامل التي تسببت في تشكيل هيئة الدفاع في العام 2004 والمهمات التي نهضت بها والتي يفترض أن تواصل النهوض بها بسبب طبيعة النهج والسياسات الطائفية التي التزمت بها الدولة العراقية بسلطاتها الثلاث والتخلي عن مفهوم المواطنة وخوض الصراعات الطائفية المدمرة لوحدة الوطن والشعب. وبرز بشكل خاص عواقب تجريم الإبادة الجماعية ولاسيما ضد الإيزيديين الذين تعرضوا للقتل والسبي والاغتصاب والتشريد والتهجير القسري، والذي لم يشهده العراق الحديث وبهذه الهمجية التكفيرية وباسم الإسلام، وكذلك ما تعرض له المسيحيون والشبك والتركمان من إبادة جماعية. وطالب بتغيير هذا الواقع المر والتخلي عن نهج الطائفية السياسي والتمييز الديني والمذهبي والفكري وضد المرأة، واستكمال تحرير الأرض والشعب وإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم وإعادة إعمارها وتعويض المتضررين ومساءلة كل المسؤولين الذين تسببوا بما جرى ويجري بالعراق ولاسيما من سهل اجتياح الموصل.
بعد ذلك قدم الزميل أمين عام هيئة الدفاع عن أتباع الديانات المهندس الاستشاري نهاد القاضي تقريرا تفصيلياً شاملاً عن أوضاع أتباع الديانات والمذاهب، ولاسيما أتباع الديانات التي تعتبر ضمن ما يطلق عليه بـ "الأقليات الدينية"، في مختلف المجالات والمستويات، والعواقب المرعبة التي لحقت بالإيزيديين والمسيحيين والشبك والتركمان وسقوط ألاف الضحايا من النساء والأطفال الذين تم سبيهم واغتصابهم وبيعهم في سوق النخاسة الإسلامي ، وما نشأ عن ذلك من نزوح لمئات الآلاف من سكان المناطق التي تعرضت للاجتياح في محافظة نينوى، إضافة إلى نزوح مئات ألوف أخرى من مناطق غرب العراق. كما حدد الأسباب الكامنة وراء هذه الهمجية في التعامل مع أتباع الديانات والمذاهب والتي لا تمت إلى القرن الحادي والعشرين في ظل حضارة الإنسان الحديث، وتحت وطأة ذهنية التكفير والنهج عدواني والعنصري المقيت والتمييز بين "الأنا" و "الآخر"، وطالب بمعالجة جادة وسريعة لأوضاع العراق باتجاه إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية الحديثة التي تفصل بين الدين والدولة، وبين السلطات الثلاث واستقلال القضاء ومساءلة المسؤولين عما ارتكبوا من جرائم ضد الإنسان العراقي على مدى الفترة المنصرمة، واكد على المواد والقوانين الموجودة في الدستور العراقي والتي تنص على حقوق الاقليات ولكنها لم تطبق وان طبقت لم تطبق بالصورة السليمة التي تضمن حقوق الاقليات و قدم المواد الدستورية التي تتعارض مع حقوق المكونات وحرياتهم وطقوسهم وتترجم التمييز بين حقوق الاغلبية والاقليات واكد على اشكاليات التغيير الديموغرافي الحاصلة في وقت النظام السابق والنظام الحالي. كما وتطرق الى صمت المرجعيات الدينية عما حصل ويحصل للمكونات العراقية .
تم بعد ذلك اختيار رئاسة المؤتمر من الزميل الدكتور كاظم حبيب رئيسا وعضوي الزميلة االسيدة راهبة الخميسي والسيد حسام عبدالله
وبعد الانتهاء من إلقاء التقرير دعا الأمين العام للهيئة السيدة ميسون الدملوجي والسيد جوزيف صليوا ، وهما عضوان في مجلس النواب العراقي، وكذلك السادة مريوان نقشبندي وخيري بوزاني من مديرية الأوقاف العام بالإقليم، ونائب رئيس مجلس محافظة كركوك ادورد البير لمناقشة التقرير والإجابة عن أسئلة الحضور. وتميزت الندوة بالجرأة والصراحة والحيوية في طرح الأسئلة وفي الإجابة عنها. بعدها رفعت الجلسة الأولى لليوم الأول.
وفي الجلسة الثانية قدم البروفيسور الدكتور قاسم حسين صالح مشكوراً محاضرة مهمة بعنوان "التطرف الديني وصناعة الموت"، مؤشراً العوامل الكامنة وراء حصول التطرف في السلوك اليومي لدى أتباع كل الأديان والمذاهب وفي فترات مختلفة، وعواقب ذلك على المجتمعات وسبل مواجهتها. ثم طرح الحضور الكثير من الأسئلة لغرض المناقشة.
وفي نهاية الجلسة كرّمت الأمانة العامة مجموعة من نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق اتباع الديانات والمذاهب في العراق من الداخل والخارج.
وفي اليوم الثاني من المؤتمر غادر المندوبون مدينتي أربيل وعنكاوة باتجاه سهل نينوى في محافظة نينوى لعقد جلسات المؤتمر الثاني في مدينة تلسقف المحررة. وبعد زيارة مدينة باتنايا المهدمة بنسبة تزيد على 80% منها ورؤية ما فعله المجرمون الأوباش في بيوت وكنيسة المدينة الرئيسية من تخريب وإساءات وكتابات تعبر عن نهجهم العدواني والعنصري عادوا المندوبون إلى تلسقف وعقدوا جلستهم الأولى حيث قدمت الزميلة الدكتورة كاترين ميخائيل تقريرها عن مستقبل الإقليات في العراق وأشارت في خلاصتها إلى الكوارث التي ارتبطت بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون بشكل خاص والمسيحيون والشبك والتركمان والكاكائيين وغيرهم من أتباع الديانات وطالبت بذات المطالب التي عرضها المشاركون في المؤتمر وأكدت على ضرورة الاستماع لمطالب النازحين وأتباع الديانات بما يحمي كياناتهم في العراق ويصون حقوقهم القومية والدينية والثقافية والإدارية.
ثم عقدت الجلسة الثانية حيث تم طرح التوصيات التي يرى المؤتمر تدوينها وإيصالها إلى الجهات المعنية بها وملاحقة تنفيذها لصالح الضحايا وأهلهم والنازحين والمهجرين، ولصالح حماية حقوق جميع مواطني ومواطنات العراق، ولاسيما أتباع الديانات الذين تعرضوا للإرهاب والاجتياح والسبي والاغتصاب، وكلف المؤتمر الثاني الأمانة العامة بتحرير تلك التوصيات ونشرها على أوسع نطاق ممكن وإيصالها لكل الجهات المسؤول عنها.
قدم رئيس المؤتمر باسم المؤتمرين التحية والشكر لأعضاء الأمانة العامة السابقة على نشاطها ولكل الذين ساهموا في ذلك النشاط وخاصة الأخ كامل زومايا والأخ حسو هورمي والأخت السيدة راهبة الخميسي. بعدها عقدت الامانة العامة الجديدة المنتخبة لانتخاب الامين العام الجديد وتوزيع المسؤوليات و انتهى المؤتمر بشكر الامين العام للجميع .
الامانة العامة لهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق
03-05-2017