
بدعوة من الجمعية العراقية لدعم الثقافة وجمعية المهندسين العراقيين، تحدث المهندس المعماري والكاتب د. خالد السلطاني، أمس الأول السبت، عن "عمارة الحداثة في بغداد" في ندوة أقامتها الجمعيتان على قاعة نادي المهندسين ببغداد.
أدار الندوة رئيس الجمعية العراقية لدعم الثقافة مفيد الجزائري، الذي نوّه بأهمية موضوع الندوة، غير المعروف للكثيرين، كما نوّه بالمتحدث د. السلطاني، الأكاديمي المتخصص بالعمارة والهندسة المعمارية، والكاتب الناشط في نشر الثقافة المعمارية، والتعريف بالانجاز العمراني العراقي الحديث، والدفاع عن الموروث العمراني وصيانته وحفظه.
وقال الجزائري عن الضيف المحاضر انه واحد من مثقفينا العراقيين الذين يصح ان تطلق عليهم تسمية "مثقف عضوي"، بالنظر الى انغماره في الشأن العام وتفانيه في الذود عن الموروث العمراني العراقي بقديمه وحديثه، قدر انشغاله بمواضيع تخصصه الأكاديمي.
وفي بداية حديثه تناول د. السلطاني مفهوم "عمارة الحداثة" في بغداد والتساؤلات في شأنه.
ولخص جوابه بالقول ان المقصود به هو "النشاط البنائي الذي بدأ يظهر جليا في النشاط المعماري البغدادي والعراقي اعتبار من عشرينيات القرن الماضي، أي بالتساوق مع تأسيس الدولة العراقية في أوائل خريف 1921، وكان ظهوره متسما بالجدة والاختلاف، وحتى القطيعة مع سياق الممارسة البنائية السابقة له"، وأضاف ان هذا المفهوم لا يشمل ما تم انجازه بالفعل من بنايات ملموسة وقائمة، بل كذلك ما تم تداوله من أفكار ومخططات ومواضيع بنائية لم يتم انجازها لسبب أو لآخر.
وذكر في سياق حديثه ان التصاميم والوثائق البنائية المشار أليها أحرقت خلال أحداث 2003 ما شكل خسارة كبيرة وأضر بدراسة وتتبع مسيرة المعمار العراقي.
واعتبر د. السلطاني ان مسار عمارة الحداثة في بغداد مر بمرحلتين: المرحلة الأولى تمتد من العشرينيات حتى بداية الأربعينيات، بينما تبدأ الثانية مع نهاية الحرب العالمية الثانية وتمتد حتى نهاية الخمسينيات.
وقال عن المرحلة الأولى أنها "كانت بمثابة صدمة حضارية سريعة ومفاجئة، نظرا لما تم انجازه مقارنة بما كان سائدا قبل تلك المرحلة، فالمتغيرات شاملة وكثيرة وجذرية، ليس في نوعية العمارة فقط، وانما في جميع ما يمكن ان نسميه بالأعمال اللوجستية التي تخص البناء والتعمي، والتي أسهمت بدورها في تسريع ظهور المتحقق وتكريسه".
وأشار في هذا الخصوص الى أنشاء هيئات أدارية ضمن الجهاز الحكومي معنية بالتصميم والأشراف، وأضاف انه ظهرت آنذاك لأول مرة مهنة أو وظيفة "المعمار" لا كبنـّاء أو "اسطة"، بل هذه المرة بصفته مهندسا وخريج مدارس معمارية عالية، وأورد في حديثه ذكرالعديد من الأبنية التي أنجزت في تلك الفترة، ومنها مبنى الكلية الطبية في 1930، ومبنى مطار المثنى1931، وقصر الزهور في الحارثية 1933، ومبان عديدة أخرى .
أما المرحلة الثانية فتميزت بظهور مفهوم المجمع "الكومبلكس" الذي يعد فيه "المبنى المنفرد جزءا من مجمع تكويني مركب ومعقد"، كذلك بدأ استخدام معدات جديدة مثل المصاعد الكهربائية، وأنظمة تكييف الهواء، ومنظومات الماء والمجاري المعقدة.
وجاء تطور العمارة في العراق في هذه المرحلة، الممتدة من النصف الثاني للأربعينيات حتى أواخر الخمسينيات، في سياق نهوض عام في الآداب والفنون كافة، بعد ذلك عرض السلطاني مجموعة صور لأبنية وعمارات ودور مختلفة تحدث عنها في مجرى مداخلته.
وفي الختام دار حوار مع د. السلطاني شارك فيه عدد من الحاضرين، بينهم عضوه مجلس النواب ميسون الدملوجي والكاتب حيدر سعيد، وأجاب المحاضر في أثنائه على ما طرح من استفسارات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طه رشيد
جريده "طريق الشعب" ص الأخيرة
الاثنين 6 /5 / 2013