ببالغ الحزن والأسى تلقينا خبر وفاة العم حنا زلفا المعروف على نطاق واسع، وبأنه احد رافضي انقلاب 8 شباط الدموي عام 1963، التحق في جبال كردستان مقارعاً النظام ولعدة سنوات وبمناطق مختلفة من جبل القوش الى منطقة برواري وزاخو، احبه واحترمه الانصار والبيشمركة لاخلاصه وتفانيه في عمله خصوصا في المجال الطبي، الذي كان امتداداً لوالده المرحوم حسقيال زلفا وهو في زمانه بمثابة طبيب شعبي بارع لبلدته والقرى المحيطة بها.
اتذكره جيداً في مقر الأنصار بدير الربان هرمزد عام 1963 بقامته المديدة والسلاح الخفيف الذي كان يتمنطق به، فالعاملين في الاعلام والطبابة عادةً يشدّون مسدساً بارزاً في جانبهم الأيسر، هكذا رأيته امامي ولم تفارق مخيلتي هيبته وهو في قمة عطائه وشبابه، لقد افتتح شبه غرفة عمليات للمرضى والجرحى من قوات الانصار، فتحت مراقي الاربعين( درواثه دأربي) هناك صومعتين للرهبان( قلياثه) متجاورتين اتخذهما كمستشفى صغير وكان الى جانبه شقيقه عبد الجليل الذي كان هو الاخر ثائراً في تلك الايام المجيدة من حياة المناضلين. كان يمتلك الخبرة الجيدة في اجراء عمليات جراحية ناجحة، أتقنها في عمله ببغداد على ايدي أطباء ماهرين، هكذا تمت معالجة العديد من حالات الاصابة في صفوف الانصار، اذكر منهم المرحوم بطرس سليمان گولا الذي عالج جراحه العديدة جراء اصابته البليغة جراء قصف طائرات الحكومة منطقة( برگاره) في أعلى الدير، وكذلك عالج اصابات الجرحى في كمين تعرضوا له في مدخل وادي الدير وهم كل من : هرمز داود، سعيد سليمان بطّه، وأيشعيا أيشو( ابو نبيل) من سرسنك.
هناك حادثة وقعت في وادي الدير آنذاك اي قبل حوالي النصف قرن، النصير عابد دنحا من عنكاوا( عنكوايا) وهو كهرائي في مهنته قبل الالتحاق بالثوار، حاول صنع مدفع وهكذا وصل الى مرحلة تجربته، فوضع القنبلة وأطلق فانفجرت قبل خروجها من السبطانة واصابت العديد من الانصار بجروح، ومنهم الرفيق الخالد توما توماس حيث اصيب في احدى رجليه، وتمت معالجتهم بنجاح على يد( دكتور) حنا والذي ذاع صيته وليس مصادفة بأسم الدكتور حنا زلفا، من الملفت في ذلك الحادث ان أبا جوزيف لم يبلغ أسرته بما حصل، ولكنهم عرفوا باصابته عندما ارسل ملابسه للغسل في البيت، فكانت آثار الدماء ظاهرة في سرواله الانصاري( پشمه) فهرع اولاده حالاً الى الدير الأعلى للأطئنان عليه، فوجدوه يتعالج على يد خالهم حنا زلفا.
في فترة لاحقة عمل قريبا من القائد الكردي المعروف أسعد خليل خوشفي في مقره بوادي( قمرية) شمال قرية( تشيش) في منطقة برواري بالا وكذلك عمل قرب آمر هيز زاخو عيسى سوار البارزاني في گلي زاخو، وصار معروفا بإمكاناته الطبية والمستشفى الجبلي! الذي اقامه هناك وقد عالج فيه عشرات البيشمركة، وكان معه من بلدته كل من المرحوم اوگر ابونا وعابد هرمز كادو، اصبحت له علاقات واسعة مع اهالي تلك المنطقة، ولذلك لم يكن عفويا حضور كادر الحزب الديمقراطي الكردستاني هيرش عيسى سوار البارزاني مراسم التعازي التي اقيمت في القوش، وكذلك الحضور الواسع لمراسم التعازي التي اقيمت له في اماكن متفرقة وبالخصوص ديترويت التي اصبحت مثواه الاخير، يلزم بنا ان نشارك اهله احزانهم وفي المقدمة عائلته واولاده وبناته واحفاده، ثم شقيقه العزيز عبد الجليل في الوطن الحبيب، واولاد اخته الاصدقاء: جوزيف توما توماس، سمير، صلاح، سردار، منى ، ماريا، وكل من أحبَّه وارتبط معه بالصداقة او القرابة، لقد ترك اسماً طيباً في قلوب الناس وسمعة حسنة يشهد لها القريب والبعيد وكل من عرفه او سمع به، فالرحمة والمغفرة له على الدوام والصبر الجميل والعزاء الخالص والسلوان لأهله وذويه.
كاليفورنيا في 23- 10- 2013