هادي الناصر

أقام مكتب الثقافة الكردية في الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، صباح الخميس  9 أيار 2013 على قاعة فندق (قصر السدير) ببغداد إحتفالية كبيرة بمناسبة اليوبيل الفضي لرحيل الشاعر الكردي الكبير عبد الله  كوران.

المهرجان الذي جاء ضمن فعّاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013، حضره جمع كبير من الأدباء العرب والكرد والتركمان وطيف من السياسيين والإعلاميين، من بينهم القياديان في الإتحاد الوطني الكردستاني فرياد راوندوزي  وخالد شواني، والأستاذ حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وعدد من المسؤولين.

بدأ الحفل بكلمة ترحيبية لعريف الحفل الشاعر إبراهيم الخياط، جاء فيها: "بإسم الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق وبإسم مكتب الثقافة الكردية أرحب بكم وانتم في دوحة الشاعر الكردي العراقي الكبير عبدالله كوران، ونعتذر سلفا إن كنا قد تأخرنا بعض الوقت عن الاحتفال في يوم رحيله بذكرى رحيله، ولكن ما يشفع لنا إن هدفنا الاستذكار والاستلهام والعبرة من حياة مبدع كبير في أمة الكرد".

مضيفاً: "فكما للفرنسيين ايلوار وللاسبانيين لوركا وللداغستانيين حمزاتوف وللترك ناظم حكمت وللعرب الجواهري فللكرد ولنا جميعا هذا الاسم الاثير ـ كوران".

ثم عزف النشيد الوطني، وتليت سورة الفاتحة على روح كوران وأرواح شهداء الكلمة والعراق.

 كوران قمة الشعر الكردي العراقي الجديد

وفي كلمة للأستاذ حسين الجاف، رئيس اللجنة المشرفة على الإحتفالية جاء فيها: "العراق.. خيمة المحبة وحديقة الزهو الاثني الرائعة، وطن العرب والكرد والتركمان والسريان الكلدو آشوريين والأرمن والصابئة.. وقاموس كل مفردات التآخي والمحبة". وأضاف: "وفوق كل ذلك وقبل ذلك وبعد ذلك تظل بغداد هي روح العراق.. بل وقلبه النابض بالمحبة.. ونقطة تجمع شرايينه ومحطة إستقرار أوردته الناقلة لعصير الحب ونسغ التآخي والحياة.. بغداد.. عاصمة العرب الثقافية لعام 2013 تحتضن اليوم الذكرى اليوبيلية لوفاة الشاعر الكردي التقدمي المجدد والمناضل الكبير عبدالله كوران (1904 ـ 1962) في اوج احتفالات اعراس تتويجها عاصمة ثقافية لكل العرب". وتابع: "اليوم أيها الاحبة تلبس في صباح هذا اليوم الايادي الزاهية ثوب التآخي الاصيل الزاهي وهي تستذكر كوران المناضل وكوران المبدع وكوران الانسان.. وإذا كان شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري.. هو نهر العراق الثالث مع الرافدين فان كوران قمة الشعر الكردي العراقي الجديد.. هو قمة كردستانية سامقة جنبا الى جنب كويره وبيره مكرون وازمر وهندرين وكورك وكارة وحصاروست”.

 ترك كلمات ثورية رائعة

وقال في كلمة إتحاد الأدباء العراقيين، الشاعر الفريد سمعان: "المبدعون الحقيقيون لا يمكن ان يهملهم التاريخ او يتوانى المجتمع في استذكار مواقفهم الفكرية التي تتعدى الرغبات الشخصية والتلويح بمناديل الرياء.. لاسيما من يُخلدون شعوبهم ويقفون في الطليعة عند الازمات  ويقدمون التضحيات من أجل إنتصار قضاياهم العادلة بعيدا عن الرياء والصراخ الارعن والادعاءات الفارغة، ولقد شهد مجتمعنا لاسيما في العهد المنحدر الذي اسقطته ارادة الشعب وتعاون كل الطيبين الذين  حملوا راية التحدي ورفضوا عنجهية المتسلطين والراكعين على الاقدام مقابل قبضات نتنة من النقود والاذلال".

منوهاً: "ولذلك فان المدافعين عن حقوق المجتمع بأقلامهم الجريئة وأصواتهم النابعة من القلب والتمنيات المحلقة في الاجواء القاتمة.. وبين باقات الزهور أو الاغصان المتشابكة وكل ما ينير طريق الظلام لكي تحمل الحياة نكهة إنسانية رائعة".

موضحاً: "من هؤلاء الافذاذ، شاعرنا الكبير كوران الذي ترك وراءه بطولات ومآثر وكلمات ثورية رائعة تعبر عن الامنيات المتراكمة في الصدور الحزينة، لقد غنى للقضية الوطنية.. هو كردي ولكنه لم يغنِ للكرد فقط، بل تغنى وغرد للانسانية وحلق نسرا عظيما يصد الرياح العاتية ويرسم طريق المستقبل للطيور المهاجرة والنسمات التواقة للحرية وبناء مسلات الكرامة والزهو بالنضال الوطني".

أخي العربي

وقدم الفنان القدير عزيز خيون بصوته الشجي قصيدة الشاعر الكبير عبد الله كوران (أخي العربي) والتي يقول فيها:

آه ٍ أخي العربيٍ

كم من عباءة ٍ

كم من لبـّاد ٍ

مزقـْنا

آنَ كنا نعمل بالسخرة للظالمين.

 تقاسيم على العود وأغنية

ثم قدم الفنان ستار الناصر تقاسيم على العود مع أغنية (هربجي.. هاي وحدتنا وتاريخ إنكتب)، والتي تفاعل معها الجمهور بشكل كبير.

وأختتمت فعاليات الجلسة الصباحية بقراءة البحوث المقدمة من قبل الأساتذة، د.رؤوف عثمان، جمال بابان، د.كمال غمبار، د.عبد الرزاق بيمار، الفريد سمعان.

 شعر  وغناء

في الجلسة المسائية أقيمت جلسة شعرية على قاعة الجواهري، لتنتقل الفعالية الى حدائق الإتحاد بحفل عائلي شارك فيه عدد من الفنانين.

 آراء حول المناسبة

وتحدث القاص محمد خضر الحمداني رئيس إتحاد أدباء كركوك قائلاً: "عبدالله كوران علامة بارزة في عالم الثقافة العراقية والعالمية وهو رائد الحداثة في الشعر الكردي الحديث واليوم يشارك اكثر من (30) شاعراً وناقداً من كركوك في هذا المهرجان الذي نتمنى ان يقام سنويا لاستذكار هذا الجبل الشامخ ويكون ملتقى للتلاقح الثقافي بين الثقافتين العربية والكردية، وكوران نبراس لليسار العراقي الذي حافظ على عراقيته وافكاره من اجل الحركة الثقافية التقدمية فشكرا الى إتحاد ادباء العراق والمكتب الكردي في الاتحاد لهذا المهرجان الناجح ..مهرجان كوران".

 كوران صوت الشعب

فيما قال الأديب مؤيد البصام: "يمثل الشاعر عبدالله كوران احد الاعمدة المهمة في الشعر العراقي الكردي، وينبع من عمق الاحساس بمشاعر بسطاء وفقراء الشعب، وهذا هو الاساس الذي يُبنى عليه قمة ابداعه، لانه يحمل معاناة الناس ليحولها الى قيم جمالية يتغنى بها، وبها يتوسع الوعي الجماهيري.. لقد كان الشاعر عبدالله صوت الشعب وروحه، وقصائده توضح هذه العلاقة الحميمية.. واقامة احتفالية بذكرى ولادة او وفاة الشاعر عبدالله كوران هو ترسيخ لنضال المثقفين في كل مكان من اجل حياة حرة وعيش سعيد لعموم البشر كي يرفرف عليهم السلام والطمأنينة".

 كفاح الجبلي في كردستان

وأخيراً تحدث القاص والفنان كفاح الامين فقال: "مثلما كان السياب والبياتي والجواهري ضمير الالم والثورة، مثلما وقف نيرودا وايلور وناظم حكمت الى جانب الكادحين، ومثلما هي الحرية عاشقة الانسان، كان كل ذلك عبدالله كوران الذي منحنا دفء القصيدة وروح الانسانية وكفاح الجبلي في كردستان".