
حروب يديرها الله / هادي جلو مرعي
بإسم الله يقاتل الناس بعضهم، وبإسمه يقتلون ويهجرون ويسبون ويغتصبون ويشرعون تعاليمهم الباطلة ويحكمون ويسودون ولاقبل لأحد برد من يتحدث بإسم الرب، فهو الحاكم الأوحد، ومن يحكم بإسمه فهو حاكم أوحد وكأنها قسمة بين شريكين، واحد في السماء والآخر في الأرض، بينما حقيقة الدين إن الوجود المطلق لله وحده، والملك الكامل له وحده، وهو السيد الأوحد الذي لاينازعه في ملكه أحد، بينما يتحدث أدعياء الدين عن قربهم منه، وصلتهم به، ودنوهم من قدسه وعلى الجميع الرضوخ لكلمة الله فهي العليا والغالبة التي دان لها سكان السموات والأرضين من مخلوقات إنسية وجنية ونباتية وهوائية وجمادية، لكن الحاكمين بإسم الرب سواء في قرية، أو مدينة، أو حتى في حي صغير هم المفوضون لوحدهم بتمثيل الله والقتال نيابة عنه.
قالها اليهود قبل الجميع، إن الله لهم وحدهم، وهو معهم في كل المواعيد، وإنه يخطط لهم وجودهم وحركتهم، وكان يأمرهم على الدوام بقهر أعدائهم بإسمه المقدس، ولقد تحمل العرب الفلسطينيون من مسلمين ومسيحيين الويلات منهم، وسموهم الأغيار فهتكوا أعراضهم، وسرقوا مواشيهم، ونهبوا أموالهم، وحرقوا زروعهم، وإقتلعوا أشجارهم، ولم يسمحوا لهم بالإستقرار في أرض فصاروا مشردين مطاردين عراة جياعا تعج بهم الدروب وتضيق بهم المخيمات في البلدان القريبة والبعيدة.
تتحرك جموع الله اليوم في كل الطرق السالكة، وتلك المليئة بالحفر والمطبات، وتدخل القرى والمدن، وتقتل الناس، وتدمر ممتلكاتهم وتحيلهم الى عبيد، ويتباهى المقاتل من بينهم إنه يشتري الأيزيدية الكافرة بسيجارة، بينما يضحك الآخر فيمتلك الفتاة المغلوبة على أمرها والمخطوفة من أهلها ويضاجعها ويحولها الى غيره حتى لاتعود تعرف كم من الرجال المجاهدين ضاجعت، هذا عدا عن اللاتي أغراهن المزيفون الدجالون وعلموهن طريق القتل والموت والسفر الى ساحات القتال بإسم الله.
البيوت والزروع والضروع وأجساد النساء، مثلها مثل الآثار القديمة والمقتنيات الإنسانية التراثية هي متاحة لهم فلديهم تفويض مطلق من الله، وحتى القتل يتحول الى تسلية فهم يريدون أن يلهوا قليلا ويلعبوا ويفرجوا هموما من همومهم المتطاولة بسبب الحرب والتنقل والتعب الذي أصاب مجاهدي الله في أرضه ولأنهم مكرمون، فالكل عبيد في خدمتهم من رجال ونساء وأطفال، ومن شاء منهم أن يفعل الموبقات فهي جائزة له لأنه مختلف عن بقية العباد.
هم يريدون القول لنا، وإقناعنا إنها حروب الله، وهم مجرد جنود مطيعون فيها يتنقلون بين الجبهات إستسلاما لمشيئة الرب وسطوته المطلقة.
هادي جلو مرعي
المرصد العراقي للحريات الصحفية
نقابة الصحفيين العراقيين