
التحالف المدني من يسعى لدولة ../ د.علي الخالدي
جاءت فكرة التغيير , وكنس موروثات الدكتاتورية والمحاصصة الطائفية , كنتاج لرؤية الواقع السياسي العراقي, و من إدراك كنه قوانين التطور اﻷجتماعي التي إكتشفها اﻷنسان, وصاغتها الثوابت الوطنية , التي إضطلع بها التيار والتحالف المدني الديمقراطي , والغير بعيدة عن تطور اﻷدوات العلمية للأفكار الجديدة التي خُلقت من ضرورة التغيير وصيرورته , وبالضد من المواقف السياسية السطحية الجامدة لبعض القائمين على نهج المحاصصة , التي أعاقت التحولات الجذرية لمردودات التغيير خلال عشر سنوات عجاف, بعيدا عن الطرح الصحيح لمسالة تصفية موروثات نهج اﻷنظمة المقبورة. لقد شخصت أدوات عملية التغيير ( القوى الوطنية والشخصيات النزيهة العابرة للطوائف ), بعد أن وضعوا ايديهم على جذور أسباب تواصل اﻷزمات الموروثة والمعاشة حاليا ,هو غياب نية بناء دولة المواطنة . وعليه أكد بيانهم المشترك اﻷخير ,على ضرورة إحداث تحول مغاير في مجرى بناء الدولة العراقية , نحو الدولة المدنية الديمقراطية , الخادمة للشعب , راهننا إياه بتحقيق الرخاء والعدالة اﻹجتماعية المغيبة على حساب إنعاش المصالح الذاتية ﻷطراف الشراكة في الحكم , مشخصا (البيان) أن هذا يتوقف قبل كل شيء على منع إستمرار هيمنة المحاصصة والفساد على مقادير مجلس النواب . التي يضطلع بها ثمة أطراف من صفوف ما سُمي بالشراكة الوطنية , التي تملكها العجز وأصابها الفشل في إمتلاك ناصية المعرفة , بما تريده عموم الجماهير , واهمين الناس أن مآربها وطموحاتها تتحقق عبر النهج المحصصاتي الطائفي, لهذا فهي غير مستعدة للمساهمة في التغيير.
فالحديث اليوم لا يدور حول مجرد صنع عبارات التجميل المثيرة للعواطف كالمظلومية والتهميش الطائفي التي تُعلن بدون وجل , من قبل من جاء بغفلة من الزمن وتسلط على مقادير مجلس النواب وخدع بها الناس البسطاء, ويبعدهم عن تفهم ضرورة المشاركة في التغيير الجذري في الحياة السياسية واﻹجتماعية التي تُوقعت من وراء سقوط الصنم
قد يتحقق ذلك , بفعل شحذ همة أدوات التغيير وتصليب مواقفها , على قاعدة المباديء الواقعية الموزونة بواقع الظروف التي عايشها الشعب العراقي منذ إسقاط الصنم , مع معرفة ما يمكن , وما لا يمكن اﻷتفاق عليه , تحت راية التحالف المدني , سيما وأن بيانهم أكد , على إن ما جمعهم هو إرادة التغيير الشامل لكل موروثات نظام الدكتاتورية المستبد ونظام المحاصصة البغيض , وإنهم سيعملوا من جميع المواقع , وفي كل اﻷحوال على ترجمة تحقيق هذا التوجه باﻹستناد الى الجماهير صاحبة المصلحة بالتغيير .
وعليه فإن تحشيد الجماهير من أجل التغيير يصبح مهمة يومية بالنسبة لكافة قوى التحالف الديمقراطي , مع اﻷخذ في الحسبان دينامية المبادرات المخلصة والواقعية المتماهية مع إمكانية تحقيقها في ظل ثقل الموروات المتراكمة, التي تتطلب القصدية في اﻹرادة الطيبة والنوايا الخيرة . من هنا يعتبر برنامج التحالف من أجل التغيير, مفتوحا , لكنه مبنيا على أساس طرح أولويات محددة , لها آفاق مرهونة بالعدالة اﻷنتقالية , و ليس محايدا تجاه القضاء على الفقر والصعود الصاروخي للغنى الفاحش , ينطلق من إمكانية صيرورة التغيير , الذي مؤكدا سيجلب تأييدا لاحقا من فئات واسعة تُغريها عملية التغيير اﻹجتماعي والسياسي وخاصة من تعنتت بالتمسك بمراسيم الطائفة التي وجدتها متعارضة مع الروح الوطنية
إن مسألة التغيير تلك ملزمة للكل , بكونها مطمح جمعي لقضايا ملحة يعيشها شعبنا , فالمحاصصة أضحت مكروهة لأنها جلبت الفساد والجوع والرشوة والمحسوبية والإنفلات اﻷمني , وتصاعدا في الشد والتجييش للصراع المنفلت بين الطوائف , بطروحات تجلت بتصعيد الحملات الطائفية والمذهبية , التي أغلقت اﻷبواب أمام اﻹصلاح نهائيا .
فالطائفية السياسية لم تعد قادرة على إستمرار كيان سياسي جامع بين أطرافها على أشلاء العملية السياسية , التي إنتزعت عنها أهدافها, وروحها الوطنية , وإبتعد أطرافها القائمون على الحكم , بصيغة الشراكة الوطنية, عن إمكانية التشاور في إصلاح الإعوجاج الذي ساد اﻷوضاع والعملية السياسية طيلة عشر سنوات , وأعتبر موقف رافضي ذلك يقع ضمن اﻹصرار على عدم وجود حسن النية في إخراج البلاد من دائرة اﻷنتماء الطائفي شرقا أو غربا , الى دائرة اﻹنتماء الوطني المتقاطع أساسا مع أطروحات إقامة أقاليم طائفية مذهبية على أساس جغرافي, من هنا تأتي القناعة الراسخة للقوى العابرة للطوائف في إطار التحالف المدني الديمقراطي , بضرورة العمل على فرض الطروحات الوطنية العامة, المتفقة بالكامل مع مفهوم التفكير السياسي بإقامة دولة المواطنة المنبثقة من الشعب , وفق مبداء التغيير , الذي سيفرض العدالة اﻷجتماعية التي غيبها نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية