وسنحتفل بعيد ميلادك الثمانين / د: علي الخالدي

 لقد كُتب على الشيوعيين على امتداد تاريخ نضالهم أن يكونوا محرقة لكل اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية  ومع هذا لا زالت مفردات لغة معاداتهم تحتل عقول الكثير من من يدعون الوطنية , يطلقونها بين حين وآخر

 ومع قرب موعد اﻷحتفال بالعيد الثمانين لمولد الحزب, يشتد التبارى بين البعض من لبس لباس التدين, بكيل التهم والصاق المواقف غير اللائقة , للأخذ من هذا الصرح الشامخ الذي أعتلى موقعه بين أوساط شعبنا بما قدمه من شهداء ﻹعلاء شأن الوطن , وتحقيق حياة أفضل لحماهير شعبنا , ومع هذا لم ينفك هؤلاء البعض من تشويه كينونته باعتبارها المنبع الوحيد الذي لا ينضب للقيم الوطنية . متناسين أن من اوساطه خرج العديد من العلماء المرموقين والكتاب والفنانين , و غيرهم من رجال الثقافة والعلم الذين اغنوا التراث الشعبي العراقي بابداعهم , ذلك لانهم  كانوا يأخذون انتاجهم من كنز الابداع الشعبي العراقي الذي لا ينضب.

وﻷن الحزب كان كذلك ,فلم تستطع  وحوش اﻷنظمة الرجعية , والدكتاتورية ان تقتلع  جذوره من تربة الوطن , وتعزله عن ساحة النضال . إن سر ذالك يكمن في تماهيه مع الحماهير , فلا غرابة ان تتهياء جماهير شعبنا وابناء الوطن,  اينما وجدوا في بقاع العالم للإحتفال بالعيد الثمانيين لولادة شيخ الاحزاب الوطنية العراقية الحزب الشيوعي العراقي  .

وأخر تقليعة من هؤلاء البعض , ما خرج به أحد علامة المسلمين من أبو ظبي قائلا بما معناه أن الحزب جاء به اﻷحتلال , وأنه إنتصر للحرب ﻷسقاط النظام …,  فندت مقولته تلك حقيقة ما صرح به سكرتير الحزب حميد مجيد موسى , في مقابلة له مع صحيفة الشرق اﻷوسط  ( لم أعد أتذكر تاريخ صدورها وعددها , جاء فيها ,( أقتبس منها ) قوله أن الحزب وقف ضد الحرب , لا رحمة بنظام صدام , لكن رحمة بشعبنا لمعرفته المسبقة بما يمكن أن تجره من مآسي , كنا نتمنى أن طريق آخر لتغيير النظام وإزاحته, وإقامة البديل الديمقراطي , وأما مبررات دخوله مجلس الحكم, قال السكرتير باغيا من وراء ذلك تقليص عمر الاحتلال  والتعجيل في نهاية سريعة له , معتبرا أن مجلس الحكم مناسبة أو ميدان للنشاط من أجل استعادة اﻷستقلال  والسيادة . (أنتهى اﻷقتباس ) . هذه المواقف المستمدة من موضوعية حركة متطلبات المجتمع العراقي , تواصلت في الظروف التي  تولدت بعد سقوط الصنم , وهي مستمرة بمنتهى العقلانية والواقعية والمرونة المشفوعة في العمل مع كل من يضع في أهدافه خدمة الشعب والوطن

ومع قرب التحضيرات لإحتفالنا بالعيد الثمانين , تفرض  ذاكرة إحتفالنا بعيد ميلاده الخمسين نفسها على ذاكرتنا ولا تنسى .كنا في صنعاء والتحضيرات بالعيد الفضي للحزب على قدم وساق , تستنهض فينا كل مجسات ضرورة المشاركة فيها . وكنا على علم مسبق بأن رفاقنا في عدن يعدون ﻷحتفال جماهيري بالمناسبة , ومشاركتنا فرحتهم ستكون مناسبة للإلتقاء بمن أبعدنا عنهم حراس الحدود, فاقتحمت مخيلتنا فكرة الذهاب لهناك , على الرغم من أن العلاقات بين صنعاء وعدن كانت على أشدها توترا , ومع هذا تحايلنا على مسؤولينا بأن لدينا رغبة التعرف على مخيمات اللأجئين في عدن , وقد أستجيب لطلبنا ومنحنا فيزا الى اليمن الديمقراطي . في مطار عدن أخبرنا ضابط المطار بحقيقة خلفية مجيئنا كسائحين لعدن , ويبدو أنه كان على معرفة باﻷحتفال , فنصحنا بإستعمال تاكسي, و سيعرف سائقه أيصالنا الى مبتغانى , عند خروجنا من المطار , جلب إنتباهنا سائق تاكسي بدى لنا أنه من بقايا اﻷحتلال اﻷنكليزي , كما تدل هيأته ولون بشرته وشعره اﻷحمر اﻷوروبيتان ,طلبنا منه أن يقودنا الى مكان يتواجد فيه العراقيون , فقادنا الى بناية . طلب منا اﻷنتظار على مدخلها ودلف اليها , بعد برهة خرج بصحبة   الرفيق المرحوم  دكتور رحيم عجينة الذي أبدى إستغرابه من حضورنا لعدم معرفته المسبقة بوصولنا , فأخبرناه جئناك سائحين , ابدى إستغرابه لكنه , ساعدنا في العثور على فندق مع بطاقتين دعوة لحضور مهرجان اﻷحتفال . كان حضورنا اﻹحتفال عامل شد بحزبنا بالرغم من أن  جريدة الحزب كانت تصلنا بطرق تدل على حذاقة مرسلها , تُطلعنا عن أخباره , وأعتقد إنها ﻷول مرة في التاريخ تدخل جريدة طريق الشعب السرية الطبع صنعاء , أبتهجنا باﻹحتفال حيث الفرقة البصرية واﻷناشيد الوطنية والرقص الشعبي , عشنا معها فرحة شعبنا وهو تحت نير الدكتاتورية , وتحقق أملنا بأن لا يفوتنا عيد ميلاد حزبنا الخمسين , أمضينا بقية اﻷيام في ساحل عدن الذهبي , والتجول في كورنيشها البحري , وشاهدنا ما إعتدنا على مشاهدته في أوروبا الذي إفتقدناه في صنعاء  عند قرب موعد رحيلنا , إعترض اﻷطفال على مغادرتنا عدن , وهكذا تواصلت مشاركاتنا بعيد ميلاد الحزب حتى في بلد , رفع شعار من تحزب خان , وسنستمر وأحفادنا نحتفل بعيد ميلاده الميمون