نصائح للزاحفين نحو .. -2 / د.علي الخالدي

الحقيقة بنت الزمن , لا يصنعها اﻷشخاص , ومهما حاول اﻷنسان التحايل عليه ﻹخفاءها , إلا أنها تظهر عاجلا أم أجلا , عندها يبداء اﻷنسان بتقدير قيمتها , وخاصة عندما , يبداء الزحف نحو الشيخوخة , أو عندما  يتطلع اﻷنسان في المرآة ويكتشف من خلالها بصمات الشيخوخة على شكله العام , فيسرع (البعض ) الى تغطية , ما صنعه الزمن من مطبات في وجهه , فيلجاء لتزييفها , بعميات تجميلية , ليخفي بها ما صنعه الدهر , غير مدرك للعواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك فسيولوجيا وإجتماعيا , و لربما يلجاء البعض الى زرع الشعر في قحفة الرأس بعد أن غادرها , و الى صبغ ما ( تفضض )منه , مشوها بذلك إﻷنتاج الطبيعي للشيخوخة , ومحاولا إقناع ذاته , والآخرين , أن الشباب باﻹمكان إعادته بالرتوش الشكلية , التي تخفي هجرة الشباب له و إلى أﻷبد ,  بينما تبقى حركته , وعدم تناسق أجهزتها, وطريقة سلوكه وتفكيره  له , فاضحة لتصابيه . ناطقة بالعد التنازلي, فيندب حظه على ذلك , وكأن شيئا ما قد سرق منه وبمعرفته .

يتطلع لما حوله , ويقارن مشاهداته الحالية مع مراحل الزمن , سائلا نفسه , لماذا تراجع الوطن الى الخالف , وكل البلدان تقدمت الى اﻷمام , ولماذا إزدادت رقعة الفقر بين الناس , و لا زال الضمان اﻹجتماعي والصحي يتباطيء بالوصول اليه , ولماذا في آواخر حياته يتدافع مع الآخرين حول شبابيك الدوائر الرسمية للحصول على تقاعد بائس لا يسد أجور النقل اليومي , ولا أحد يوقف تجواله بين مجلس الوزراء والنواب ﻷن ذوي الشأن لا تروق لهم بعض مواده , ويستولي عليه الخوف من المستقبل الذي ينتظر أحفاده , رغم معرفته بغزارة ثروات وطنه الطبيعية والبشرية .

,  في بلده يعيش الناس وهم مشدودون الى الخوف من اﻷنفجارات والمفخخات , ومن تشريع قوانين لا تنظر الى مقدار ضررها على مصالحهم , بقدر ضمان مصالح اﻷغنياء والكتل والطوائف . قد تكون تلك اﻵمور هي أحد اﻷسباب تعجيل شيخوخته . وهي وراء إنخفاض معدل أعمار أبناء جلدته بالقياس لسكان بلدان أخرى أفقر منه إقتصاديا  

 لقد أشرت سابقا في حلقات سني التقاعد , الى أن حركتنا عند الشيخوخة وبعد التقاعد مباشرة تقل , وما نتناوله من  سعرات حرارية لا نستهلكها بالعمل والحركة , فتختزن مكوناتها التي لا تحرق في خلايا وأنسجة الجسم مؤدية الى تكوين الكروش الناهضة والترهل , ولتفادي هذا اﻷمر أنصح باﻷبتعاد عن اﻷكل الدسم خاصة اللحوم الحمراء , وأوكدعلى تناول اللحوم البيضاء, و اﻷكثار من تناول الفواكه و الخضراوات وشرب المياه الصالحة للشرب  

 ولتلافي العديد من منتجات الشيخوخة , ما علينا إلا بتطبيق الحكمة التي تقول في الحركة بركة , فالخلود الى التقوقع في البيت , بحجة التقاعد وإنتظار ما تجلبه اﻷيام ,عامل مساعد في تعجيل السأم واﻹكتآب, وبالتالي زيادة بروز منتجات الشيخوخة …. ويصورة خاصة في الغربة , فأحد أسباب القيام بالحركة , هو توزيع العمل المنزلي بينه وربة البيت , شريكة حياته التي كانت تنهض به لوحدها قبل سني التقاعد ,  كالقيام بغسل الصحون, وتنظيف البيت والشبابيك وغير ذلك من اﻷعمال البسيطة ,التي كان يَترفع القيام بها , متحججا في السابق بإرهاق العمل , ( بينما هناك ربات بيوت يعملن ويربين , وينهضن بأعباء المنزل) ,  إن هذه اﻷعمال لا تنشط خلايا ووظائف أعضاء الجسم فحسب وإنما تحرق السعرات الحرارية التي نتناولها بدون حساب حاجة الجسم اليها,

إذا كانت هناك حديقة صغيرة في بيتك , فسابق ربة البيت بالعناية بها ,كالحراثة والإرواء , ولا تنسى التمشي معها في أوقات الفراغ , والذهاب سويتا للتسوق , وغير ذلك من اﻷمور التي تؤدي الى تعزيز الروابط والعلاقات العائلية , وتنمي المسؤولية المتبادلة عن شؤون البيت , وتشعرك بقيمة ما تقوم به بعد تقاعدك ليستمر عطاءك في الحياة .

هناك أمور كثيرة ممكن النهوض بها لا تجبرك على الحركة فحسب وإنما تحتم عليك اﻷلتقاء بزملائك من ابناء جلدتك , وتقضي على سلبيات التقوقع في البيت الذي يقود الى اﻹكتئاب, ولها مردود ثقافي ومتعة نفسية , وهي القراء , فتش عن أقرانك وتبادل معهم الكتب التي لا تملكها , لتقرأءها  وعند اﻷنتهاء من قراءتها , تلتقي بهم ,لترجع ما إستعرته منهم , وتحصل على ما أعرته لهم , بعيدا عن مقولة من يُعير كتاب أحمق, ومن يرجعه لصاحبه أكثر حمقا , كما سمعتها من أكثر من عراقي أيام زمان عندما كان ولعا بالقراءة