صراع الشبع مع اللأشبع/  علي الخالدي

تتكشف لنا ، يوما عن يوم ظواهر جديدة، البعض منها لا تُدرك حيثياتها  وآثارها على حياتنا اليومية إلا لاحقا ، والبعض اﻵخر نُجبر على التعايش معها ، متحملين مخاطر تواصل ما تنتجه من مآسي وويلات ,   تحف بنا من كل جانب . ونحن نقترب من أبواب اﻹنتخابات ، يتزايد الشعور بمسؤولية التضامن والعمل  على تجفيف منابعها ، وإيقاف تواصل مؤثراتها السلبية على العملية اﻹنتخابية نفسها ، لانه يُطمح الى العبور بها الى ما بعد اﻹنتخابات ، فتستمر معاناتنا لسنين أخرى . و لكشف الدهاليز التي تتبعها للقفز على اﻹنتخابات القادمة بوسائل خبرناها في اﻹنتخابات السابقة  ، يتطلب شحذ الهمم في المساهمة الجماعية في اﻹنتخابات ، وجعلها حدود غير قابلة اﻹجتياز من قبل صانعي هذه الظواهر , ممن تعرفنا عليهم من خلال نهجهم  المحاصصاتي الطائفي ، وتأكد لنا أنهم سيمارسوا كل أساليب اﻹحتيال والرشا وبألوان جديدة ، تختفي وراء عباءة التوبة والورع الديني ، مع تَحليتها بوعود اﻹستفادة من الماضي ، بصناعة جديدة لشعارات براقة ، قد تنطلي على البسطاء من أبناء شعبنا ، بغية إدامة مصالحهم الذاتية ، التي أرهقت كاهل الكثير من شرائحنا اﻷجتماعية . وأوصلتنا الى ما نحن عليه الآن . وإذا ما غفلنا عن ذلك ، سيشتد أيضا التزاحم والركض المتواصل نحو سراب الشبع المادي ، ونرجع الى المربع اﻷول للصراع العدائي بين الذين لا يشبعون من طالبي المال والكرسي ، وبين طالبي العلم والثقافة والعمل ، الذين يصوغوا قيم الشبع الروحي ، الذي يقف وراء الرفاهية والقناعة والرضا بين الناس ، وشبع اللاشبع ( يتصف به طالب المال والكرسي ) الذي يقف وراء أتساع رقعة الفقر ، والبلاء والمآسي التي تُنَغص حياة الناس . فما هو الشبع واللاشبع ، وكيف يفهم الناس حقيقتهما

من الغرائب التي تحصل في عراقنا ، هو مع تصاعد ورادتنا من النفط ، يزداد الغلاء ، ونسبة التضخم والبطالة , و تتصاعد فرص طالبي المال والكرسي ، لدخول سباق العدو نحو الشبع المادي ، مشحونون بقوة الجشع واﻷنانية، فيسقطوا صرعى مرض اللاشبع ، كلما تراكمت ثروتهم المنقولة وغير المنقولة , و تبقى مشاريعهم السرطانية تنخر جسد المجتمع ، وهي تتماهى مع بعض لنيل المزيد والمزيد ، على حساب أفقار طالبي العلم والعمل ، فهؤلاء يُهمشوا ويُعَرَضوا الى اﻹهمال واﻹزدراء ، فتضيق فرص إنعاش الثقافة الروحية ، وتصبح عصية المنال ، ويهمل البحث العلمي ، وتنهار دعائمه ، ويتوقف  إرواء جذور الثقافة ، فتتيَبس أغصانها ، وتتجمد جذورها ، ولا تقدر على التحرك بإتجاه الناس ، ولكي يتواصل أشباع حاجات الناس ، يتصاعد عطاء طالب العلم والثقافة والعمل بالغوص في بحار البحث والمعرفة والعمل ، وقد لا يصلوا الشاطيء سالمين من أذى طالبي المال والكرسي ، ويكونوا ضحايا إشباع غريزة نهل العمل والبحث والثقافة التي لن تتوقف الى اللحد  

  هؤلاء تزكي خدماتهم الجليلة للبشرية ذكرهم الطيب ،  ولدورهم هذا يكرمهم المجتمع , ويكونو محط إفتخار شعوبهم , ويقلدون أرفع اﻷوسمة تشجيعا ﻷعمالهم الخالدة تلك ، وإكراما لتضحيتهم بالمنافع الذاتية ، تخصص بإسمهم الجوائز على المستوى العالمي والقطري ،  ويخلدون مع المناضلين من أجل العدالة اﻷجتماعية ، والداعين الى توزيع الثروة الوطنية بالعدل على الناس ، أما طالبي الكرسي والمال فلا يتركوا خلفهم سوى اللعنة لتجبرهم  وإنفرادهم بالرأي ، وإزدياد تعلقهم بالغش والسرقة واﻹحتيال و الركض نحو الشبع الموهوم ، وهو يهرب منهم كالسراب . مما يرفع من حنقهم على طالب العلم والثقافة والعمل  فيشددوا الحبل على أعناقهم . إنهم يشتركون بظاهرة اللاشبع ، كما تبلور لنا ذلك خلال العشر سنوات العجاف الفارطة ، عند القائمين على السلطة  من طالبي الكرسي والمال ، الذين  لا يشبعهم كرسي واحد , فيجمعوا تحت مظلتهم ، أكبر عدد من الكراسي ُليُجلسوا عليها مريدوهم من اﻷقارب والمتملقين وأصحاب إمكانية النط من مستنقع الى آخر ، ليكونو مساند تدعم كرسيهم الى ماشاء الله . ويُحجموها عن طلاب العلم والثقافة والعمل ، ويستمر تعاون اﻹثنان ( طالب المال والكرسي ) ضمن قوانين المنافع المتبادلة بينهما ، فيتصدوا سويتا للتحالف ، الذي يضمن تمتع الناس كافة ، بمذاق الشبع الحقيقي الذي توفره العدالة اﻹجتماعية 

  وحتى لا يبقى الصراع  بين طالبي العلم والثقافة والعمل وبين طالبي المال والكرسي متواصلا ، على الجميع أن يشارك في اﻹنتخابات المقبلة ويجعلوا منها حاجزا منيعاً يصعب إجتيازه من قبل طالبي الكرسي والمال . وحتى ﻻ تتكرر المعانات من ظاهرة شبع اللايشبع  . فمفتاح توجيه الغلبة لصالح ناشدي العدالة اﻹجتماعية من طالبي العلم والثقافة والعمل بيد الناخب في إختيار النزية ذي اليد البيضاء    بذلك فقط يتحقق المستقبل الزاهر ، وإن موعده لقريب