
اساس التغيير صيانة الديمقراطية../ علي الخالدي
من أكثر المفارقات غرابة بأن من كانوا متمسكين بنهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، بعد اﻹنتخابات حملوا راية التغيير شعارا , و بدأوا التلويح بها يمينا ويسارا ، شمالا وجنوبا ، ليجمعوا تحت ظلها كرسي من هنا و آخر من هناك ، ليشكلوا أغلبية كتلية برلمانية في مجلس النواب ، من باب صيانة الشراكة (الوطنية) الطائفية ، وتحديد معالم عملية سياسية جديدة ، مُتَبلة بقليل من بهارات يسارية ويمينية ، فقدت مفعولها منذ زمن ليس ببعيد إستجابتا لسقوف العطاءات العالية ، في سوق مزاد نتائج اﻹنتخابات ، لتشكل حكومة أقل ما يقال عنها ، أنها بعيدة عن تمثيل أﻹجماع الوطني ، وغير قادرة على إخراج بلادنا من المصير المجهول الذي يحف بها حاليا . وإذا ما تواصل اﻹصرار على بقاء نفس الوجوه التي لم تستطع النهوض باﻹصلاح والقضاء على موروثات الدكتاتورية ، خلال عشر سنوات من الضياع وعدم أﻹستقرار ، فأن عسرة ولادتها ، سيقع بين مطرقة الجماهير المطالبة بتغيير حقيقي ، وسندانة الكتل الرافضة لويلاية نفس الوجوه ، التي وقفت وراء فصم العلاقة العضوية للتغيير عن متطلبات حكومة شراكة وطنية حقيقية ، تشيع الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية ، و تصون حقوق اﻷنسان ، و تلتزم بالدفاع عن اﻹستقلال الوطني وحماية النسيج اﻹجتماعي ، وجغرافية البلد من خطر التمزيق ، و من أطماع الدول القريبة والبعيدة ، الداعمة لنهج اﻹستئثار بسلطة ، تقوم على تغيير شكلي مبهم المعالم ، ليتواصل عقد اﻹتفاقيات اﻹقتصادية والعسكرية معها ، و إبقاء أبواب أسواق بلادنا مفتوحة أمام بضاعتها البايرة ، وخاصة منتجاتها الزراعية .
وبالتزامن مع ضعف النية في إنعاش المصانع وتقويم عملية اﻹصلاح الزراعي وغياب المطالبة بإستحقاقاتنا من المياه ، وعدم تشريع قوانين كمركرية تحمي إنتاجنا الوطني ، وأنعدام الرقابة على الحدود ، ليدخل ما لا نرغب به من أشخاص ليعيثوا بأمننا وإستقرارنا ، وإدخال مواد غذائية تنافس إنتاجنا الزراعي . كل ذلك كان وراء خلق تحفظات على مفهوم التغييرالذي ينشدوه ، لكونه لا يتماهى وأسس المفهوم الوطني للتغيير الحقيقي ، القائم على عدم التنافر ومتطلبات المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد ، والتي تتصف بإنفلات أمني متواصل ، وتنامي نفوذ فلول داعش ، مما يتطلب أن يقوم أي تغيير على نمط وطني عام ، قادر على معالجة المآسي واﻹختناقات التي تحف بالبلاد ، وعلى إسلوب اﻹستماع الى نداءات الجماهير ، بتحسين الخدمات المقدمة اليهم ، على أساس إستنباط معالم جديدة على أرض الواقع في التعامل مع الجهاز اﻷداري واﻷمني ، ليضم أﻷطراف الوطنية اﻷخرى ، و إستغلال ما تملكه من أمكانية وقدرة في إيجاد الحلول للمشاكل واﻷزمات السالفة الذكر .
فعمر التغيير ما تم بأيدي لا تؤمن به ، و لا بأيدي من لا يملك القدرة على تحقيقه ، كما أنه لا يتحقق باعتماد الطائفية و العشائربة و المحسوبية ، مالم لم تتم مصاهرة فكر الناوين عليه بالثقافة الوطنية وخدمة الشعب ، وبإشراك من له باع في الدفاع عن حقوق الجماهير الفقيرة . عبر ذلك فحسب يتم التقرب فكريا وعمليا من أصحاب من رفعوه وأعطوه مغزا إجتماعيا وإقتصاديا ، ليتشكل إجماع سياسي على نهج مجمعي ، يدور في فلك خطط ومسارات معلومة اﻹتجاه ، كفيلة بإخراج البلاد من اﻷزمات ، و وضعها على سكة التخلص من اﻷصطفاف الطبقي والطائفي، واﻹنفلات اﻷمني المتصاعد ، الذي خطط له ليكون الصفة الملازمة لعراق ما بعد رحيل المحتل
سيقف ألطامعون بخيرات البلاد ، لعملية التغيير الحقيقي بالمرصاد ، وسيواصلوا تخريب وحجب منشطات ما تبقى من أطلال العملية السياسية ، بعد أن مزقت جسدها سكاكينهم ، عند موتها سريريا ، تمهيدا لتمزيق البلاد الى إقطاعيات ، يتقاسموها مع الدول التي تشجع اﻹصرار على أحقية التمسك باﻹستحقاق اﻷنتخابي ، لتشكيل حكومة تضمن إستمرار التستر على الفساد والفشل بالهروب من المساءلة ،وإيقاف ملاحقة سارقي المال العام وتهريبه للخارج ، بينما ستبقى قوة الشعب ومثله العليا بعيدة عن التمثيل ، الذي يليق بها في السلطة التنفيذية ، وهذا ما سيوقع الحكومة المشكلة (باﻷصرار على اﻷستحقاق الرئاسي ) ، تحت طائلة قوة الشعب وحجم حركتة الجماهيرية ، القادران على هز اﻷساس الذي ستقوم عليه أية حكومة تشكل بهذا الشكل ،و ستتعرض قواعدها اﻷمنية واﻹجتماعية والسياسية وحتى اﻷنتخابية للتمزق ، و مستنداتها اﻷساسية الى التقلص مع مرور كل يوم ، في حين سيصبح اساس النضال في سبيل البديل الديمقراطي أكثر إتساعا بمطاليبه ، نحو تشكيل حكومة ديمقراطية للإنقاذ الوطني ، قادرة على حل القضايا الوطنية الكبرى العالقة واﻷكثر الحاحا ، باﻹعتماد عل إمكانيات ما تملكة قوى شعبنا الوطنية من دراية وكفاءة وطنية وعلمية ، في العثور على مخارج في مجرى عملها اليومي من المآزق التي تمر بها البلاد ، والموجه قبل كل شيء ، نحو تعديل الدستور ، وأقرار القوانين التي تصب في صالح الشعب ، والتي تعمد القائمون على نهج المحاصصة الطائفية المقيت بوضعها على الرف ، بما في ذلك الغاء قاعدة سانت ليغو الغير عادلة في أحتساب اﻷصوات ، وبعكسه سَتبح حناجر حاملي التغيير الحقيقي في البرلمان ضد بقاءنا في آخر الصف بدون صدى ، و سيطول الزمن الذي ستتعرف فيه اﻷغلبية المخدوعة من الناس بمظلومية طوائفهم على إستحقاقاتها الوطنية ، وإختيار من يوطد سلمها اﻷجتماعي ويصون جغرافية الوطن