
هل من صحوة ضمير تُنْصر أحلامنا / د .علي الخالدي
اﻹنسان لا يستطيع الكف عن اﻷحلام ، أو يتوقف عن تحقيق الآمال الذاتية المرتبطة بالمعطيات المجتمعية والوطنية ، فكلاهما غذاء للروح وحافز للسير نحو حياة أفضل له ولناسه . لكن غالبا ما تخيب آماله ، وتموت أحلامه ، ويتواصل تعفنها فيه ، إذا إبتعدت عن المصلحة العامة ، وإقتصرت على الذاتيات فتحوله ، الى إنسان قاسي ، لا أبالي بما يدور حوله ، ولا يهمه غرق السفينة التي تحمل الجميع وخيباتهم ، طالما تملك لوحده والمحيطين به أدوات النجاة . ورغم معرفته المسبقة أن هذه القسوة ترتد في النهاية عليه ، إلا أنه يواصل ألتزام العناد والتزمت بالمواقف ، لا يوقض حواسه الوطنية عذابات الناس ومهاناتهم والنكسات التي تأتي عليهم من هنا وهناك ، وبالنتيجة تتحول العلاقة بينه وبين الجماهير ، وخاصة الفقيرة منها ، الى خصام مستديم حتى يتم التخلص منه ، هذا ما إتصف به أغلب الحكام الذين مروا بكرسي السلطة ، منذ تأسيس الدولة العراقية ، وهذا ما سيحل بورثة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، الذين فلحوا بقتل أحلامنا . وعندما إستنهضنا دواخلنا كي نتحرر من ما فرض علينا بإسم أﻹستحقاق أﻹنتخابي ، تحايلوا علينا بأساليب جديدة تؤدي الى السير بنفس الطريق
لقد لعبت أدوات اﻹنقاذ التي تملكوها خلال عشر سنوات ليصبح كل شيء بحوزتهم ، فيسدوا بها طريق عابري الطوائف الذين عزموا على تحقيق أحلامنا ، وصهر مصلحة الجميع في بودقة الوطن ، ضمن قناعاتنا و واقعيتنا التي تفرض التكامل بصراحة دون لف ودوران وتسويف ، كما يشير برنامجهم .
ومع غياب صحوة ضمير البعض ، في إعطاء المسؤولية الوطنية حقها ، يتم تجاهل حكم الشعب ضد كل من تسول له نفسه العبث بمصالح الناس والوطن ، من عاشقي الكرسي و التمسكين به ، على حساب غرق السفينة وضياع الوطن
قد يعلن البعض من المسؤولين ، تراجعه ويعترف بمسؤوليته الشخصية عن الفشل الذي وضع البلاد في المزالق الراهنة ، كي يتجنب المسائلة القانونية ، ويتغطى بيافطة الحديث عن المسؤولية الجماعية لمواجهة ما يتعرض له الوطن من كوارث . لكن يبقى اﻷعتذار للشعب ، واﻹعتراف بأن ما حصل من إنهيارات على كافة المستويات ، وقف وراءها نهج المحاصصة الطائفية سيد الموقف ، و بدون إدراك هذه الحقيقة ، سيستمر صب الزيت على النار المشتعلة ، ولا يتم إطفائها ، إلا عبر إعتبار الحرب التي تخوضها قواتنا المسلحة ضد داعش وأخواتها حرب وطنية ، وليس طائفية ، بالتصدي لعملية التجييش الطائفي الذي تسارع في اﻷنتشار ، عند غزو داعش لبعض مددنا ،
لقد شخص شعبنا إن من إغتال أحلامنا هم المتذمرون من ضيق الوقت ، وقصر نهار شتاء السنوات العشر ، ليبرروا التمسك بويلاية ثالثة ، و بإنعاش نهج المحاصصة الطائفية ، ليتواصل نفخ الجيوب ، وتكور الكروش ، بينما الذين اﻷكثر إنشغالا بهموم الشعب والوطن ، يملكون الوقت الكافي لتوضيح كل شيء للخلاص من المآزق التي وضعونا فيه (المتذمرون من ضيق الوقت)، غير آبهين بنتائج ما يفعلوه . إنهم يطبقوا مبداء كل شيء أو لا شيء ، لذا يسوقون تطبيق نصوص العودة الى النهج المحصصاتي وإعتباره عرف إجتماعي في توزيع المسؤوليات . كما تشير الجلسات اﻷولى للبرلمان ، فخميرة المحاصصة قد جُهزت من قبل الطامعين بخيرات بلادنا من الدول القريبة والبعيدة لتتطيح بأحلامنا الوردية ، يُفعلها أﻷعتداد بالنفس ، والعدالة في توزيع الكراسي والمغانم بين الطوائف ، ولا يتعدى أسوار محيطهم ، وعندما ينظرون الى أبعد من ذلك ، فلا يروا إلا فراغا واسعا ينتهي بسراب من عشاه النهار ، وأعماه الليل الحالك ، فهم يروا القشة في عيون الآخرين ، ولا يروها في عيونهم ، لذا لا يستنهضهم أزيز الرصاص ورائحة البارود ، والجثث الملقاة في الشوارع ، وتعاضم إسقاطاتنا الكبيرة بضياع البلاد
تبقى آمالنا وأحلامنا عالقة بصحوة الضمير الوطنية ، التي يتوقع إحياءها وإنعاشها عابري الطوائف ( أصبحوا 19 ) من النواب الجدد ، فمشاريعهم التي وضعوها أمام ناخبيهم تصب في عملية التصدي للمشاريع الطائفية ، وتَعْليم معالم طريق الوطنية الحقة ، للتقرب من ما حرمنا منه من مردودات سقوط الصنم ، كما وتؤكد على أن تبقى مصالح الوطن العليا فوق أي إعتبار . هذا مايريده كل مكونات الشعب العراقي القادرة على دعم جيشنا الباسل في معركته ضد اﻹرهاب وتحقيق اﻹنتصار . سيبقى صوت ( عابري الطوائف) عاليا في قبة البرلمان ، يستنهض غفوة الضمير عن مصائر الناس وويلات البلاد .