هل سيُعطى الخبز لخبازته / د . علي الخالدي                      

 يخشى من يود أن تعود الحياة للعملية السياسية ، من أن تنحرف عن إتجاهها وتسير وفق ما يراد لها ، كما حصل لها سابقا ، ذلك ﻷن جميع الكتل التي تبنت نهج المحاصصة الطائفية المقيت ، لا زالت تدور في فلكه الذي نحرها ، وهي لا زالت تحبو ، سيما وأن الكتل جميعها ، بدأت مشوار تشكيل الجكومة بوضع شروط ومطالب ، بعيدا عن مستلزمات التصدي لتمدد داعش ، وأيقاف أعمالها البربية ، بتحرير المدن من غزوها ، وتمكين المهجرين قسريا من العودة اليها مع تلبية إحتياجاتهم ، هذه المطاليب بدأت بشحن اﻷجواء ، وخلق العثرات أمام إتمام تشكيلها ضمن المدة الدستورية ، لتعبر الفترة الزمنية المحددة لولادتها ، حيث سيشهر الدستور إعلان فشل المكلف بتشكيلها ، ونجد الوطن و هموم الشعب تراوح في المربع اﻷول ، فتتاح الفرصة للطائفيين وإخصائي السحت الحرام والفساد من تطبيق مشاريعهم القافزة فوق الدستور ، ليفسحوا المجال أمام مواصلة تطلعاتهم بالعودة الى النهج الطائفي في توزيع المناصب ، وليبقوا إحتكار حقوق منح فيزة خروج القوانين والقرارات التي تتماهى ومطاليب الجماهير الفقيرة بيدهم ، وإلا ما معنى رفع  سقف مطاليبهم في مثل هذه الظروف التي تجعل من الكارثة التي يعيشها شعبنا ثانوية ، غير المعرفة المسبقة أن هذا ، سيعرقل إحداث التغيير الذي يريده الوطن ويتوقعه الشعب من الحكومة الجديدية     

لقد استبشرت قوى شعبنا الوطنية ، وحتى شعوب الدول القريبة والبعيدة خيرا عندما شُخص الدكتور  العبادي ، وكلف بتشكيل الحكومة ، حتى أن الكثير من الدول أعربت عن إرتياحها ، بما قدمته من دعم معنوي سيتحول الى دعم مادي ، يستطيع اﻷستقواء به ، ويحدد الشكل السياسي و الوطني و الكفاءة في إختيار كابينته ، التي تحقق التغيير الذي تنشده الجماهير  الفقيرة . إذ لم يعد كافيا امامها التاريخ النضالي ضد الدكتاتورية على أهميته ، إذا لم يكن مصحوبا بالنزاهة ، واليد البيضاء كشروط أساسية في المرشح للمناصب الوزارية ، خاصة بعد أن عرف الجميع بأن الذئب ، قد سُمح له بالوصول الى اﻷبواب ، في فترة الصمت المطبق للعالم العربي والدولي وحتى اﻷسلامي ، تجاه زحفه اليها ، ليصبح   سيد الموقف في سوريا والعراق ، فبفضل الدعم المادي والمعنوي لهذا الزحف الذي بات يهدد أبواب  الجميع  ، و في عقر ديارها . و مما يزيد الطين بلة هو تواصل البعص في المنطقة من الدول التنصل من المسؤولية القانونية واﻷدبية للتصدي لهذا الذئب المصاب بداء الكلب ، وأيقاف تحركه هنا وهناك ، ناهيك عن تواصل السكوت عن إرتكاب اﻷخطاء ، التي أوهمت الناس أن إمكانية إشاعة الديمقراطية وبناء الدولة المدنية والعدالة اﻹجتماعية ، و حتى بناء اﻷشتراكية مهمة ممكن أن تنهض بها أحزاب التشدد اﻷسلامي والقومي ، على الرغم من أن تلك اﻷحزاب كما يؤكد الواقع في المنطقة قادت بعض شعوب المنطقة الى حروب أهلية ، ومآسي ، دون أن تعترف بأخطائها ، وإنما تحاول تبرير ذلك باﻷستناد الى التأييد الطائفي والقومي ، الذي ترسخه في مفاهيم الناس الفقيرة ثقافيا وإقتصاديا ، من باب وأطيعوا أولي اﻷمر ،  وهي المتهمة بدفن قيم المواطنة الذائبة بأنسجة المجتمات ، فهي من وقفت وراء مسؤولية الطعن بالثقة فيما بينها من جهة وبين مكونات مجتمعاتها من جهة ثانية ، بإنعاش تجييش  العنف بين المذاهب والطوائف  

 لقد علمنا علم اﻹجتماع أن اﻷنسان عبارة عن علاقات إجتماعية يتبدل سلوكه بمجرد إنسلاخه فكريا وأقتصاديا عن طبقته وتتبلور شخصيتة ضمن المحيط الذي يعيشه ، وهؤلاء ذوي الكروش والوجوه المنتفخة ، كما أثبتت الوقائع كانوا وراء الظروف التي يعيشها المواطن هذه اﻷيام ، فقد أوقفوه حائرا بين إنعدام كيفية التصدي للهجمة اﻹرهابية ، وعمليات النزوح والتهجير ، وماهية تفسير وضع الشروط المسبقة للإشتراك بالحكومة ، فاﻷولوية أمام كل حريص على وحدة الوطن والتعجيل بتشكيل الحكومة   تتطلب إتخاذ مواقف حاسمة ضد اﻷشخاص الذين تفوح منهم رائحة الفساد و السحت الحرام ، مهما كان تاريخهم النضالي ضد الدكتاتورية وثقل إستحقاقهم اﻹنتخابي ، لضمان جهود إبعاد العملية السياسية،  عن التوافقات و المحاصصة الطائفية ، لذا تبقى الدعوة لعقد مؤتمر وطني تتدارس به كل القوى الوطنية التي تطمح الى إنعاش العملية السياسية ، تشكيل حكومة وطنية جامعة من هذه اﻷطراف ، كي  تعطى اﻷمكانية للدكتور ، بأن يعطي الخبر لخبازته ، ويبعد من يريد أن يحيد النار لكرصته، و يعزل من يطمح بتأخير تشكيل الحكومة ، وبالتالي إجهاض إنعاش العملية السياسية ، ووضعها على الدرب الصحيح  ، ويتجاهل نداء التفاهم الذي يُطرح من قبل البعض مع حزب لفظته جماهير شعبنا ، دون أن يقدم أعتذار لها عما اقترفه بحقها وبحق قواه الوطنية . نعم سيفلح في ذلك أذا إعتمد الجماهير ، وإستند على دعم قواها الوطنية في تشكيل حكومة بعيدة عن الهويات الطائفية    .