هل تتمرد المجر وأوروبا الشرقية على ..((1-2)) / د.علي الخالدي 

موقع المجر جغرافيا في وسط أوروبا ،ربما بهذا الموقع وراء جمع خصال الشرق والغرب ليس مناخيا فحسب ، وإنما سياسيا ، منذ مرحلة البناء اﻷشتراكي وبصورة خاصة في  سبعينات القرن الماضي ، حيث توضحت هذه الخصال أمام شعوب الشرق والغرب وكانت محط إعجابهم ، الذي أكده كثرة السواح في العاصمة بودابست من كلا الجهتين   

تعرضت المجر بعد الحرب العالمية اﻷولى الى التشظي فاستقطعت مناطق شاسعة منها وضمت الى دول الجوار. هذا اﻹجراء بقي يحز في نفوس الشعب المجري في الداخل والخارج ، واضعا الحكومات التي توالت على الحكم بعد التغيير ،في مواقف محرجة تجاه مطاليب أشقاءهم القومية في دول الجوار ،ولحفظ ماء الوجه أمام شعبها من جهة ،إستطاعت أن توازن بين هذه المشكلة المزمنة ،مع دول الجوار ،وبين إرادة اﻹتحاد اﻷوروبي وأمريكا التي لا زالت تلوك بأجندات الحرب الباردة . وخاصة بعد بروز المسألة اﻷوكرانية على الساحة اﻷوروبية ، وعرقلة مساعي روسيا في حل المسألة سلميا

إستغل الفيدس (الحزب الحاكم ) هذه المعطيات فأستطاع بشكل روي وهاديء أن يجيد الضرب على وتر مشاعر التعصب القومي ومهضومية الشعب المجري ،وبصورة خاصة بين أوساط الشباب ،توجت باصداره قوانين ،تسهل حصول المجريين في دول الجوار على الجنسية و حق اﻷنتخاب ، فدفع بمنافسه مشوه اﻷشتراكية( الحزب اﻷشتراكي المجري ) الذي تدين له الرأسمالية في تحريك ثغرات إنهيار المعسكر اﻷشتراكي ،وخاصة ما قام به الراحل جولا هورن من سياسة يمينية وضعت المجر تحت رحمة الرأسمالية اﻷوروبية واﻷمريكية عند أستلامهم السلطة ،ببيع كل ما بناه النظام اﻷشتراكي (يُترحم عليه حاليا) من صناعات ثقيلة لهما ،و مع إهمال المطالبة بحقوق المجريين ،وإنتشار الفساد تراكمت نقمة شعبية أدت الى تفتيت الحزب اﻹشتراكي الى ثلاث أحزاب ، فشل إئتلافهم في منافسة الفيدس في اﻹنتخابات اﻷخيرة ففاز الفيس بثلثا كراسي مجلس النواب ،من هنا ،رسم الفيدس نهجه الخفي والعلني لتحقيق طموع الشعب المجري المشروع بإحياء المجر الكبرى ،عبر التفاوض والحوار الهاديء مع المعنيين لتحقيق مكاسب قومية ﻹمتداداتهم فيها ،والذي تتسابق اﻷحزاب اليمينية معه ،وبصورة خاصة حزب اليوبك ( اليمين المتطرف ) الذي يصفه البعض بوريث النازية ،فالفيدس ليس متحالف معه كما يعتقد البعض في الخارج ،ويُعتبر ( الفيدس) من اليمين الوسط  

 ألتزم الفيدس بسياسة جوهرها لم يتغير منذ فوزه في إنتخابات عام  1998باﻷغلبية البسيطة   ،وفوزهم الثاني في 2010 ، ثم أحتلالهم ثلثا مقاعد البرلمان في 2014إ، وهي سياسة كانت في البداية مدعومة من قبل الويلايات المتحدة عسكريا وإقتصاديا ، لكن عند حصوله على ثلثي عضوية البرلمان في اﻷنتخابات اﻷخيرة ، ركب الغرور رأس الفيديسيين وبدأءوا يشاكسوا المشاريع اﻷمريكية في أوروبا الشرقية و يتمردوا على قوانيني اﻷتحاد اﻷوروبي الذي هم أعضاء فيه دون إنضمامهم الى عملته اليورو ، وخاصة في الحقل الزراعي ،وإنتهج فكتور أوربان سياسة تضمن مصألح المجر في الطاقة والتجارة والعلاقات الدولية وإتخاذ مواقف وتصريحات لا تروق للإتحاد اﻷوروبي وأمريكا ،بما يتعلق بحل الخلافات اﻷوروبية ، بعيدا عن التدخل واﻹملاءات  اﻷمريكية واﻷوروبية ،فعلاوة على تقرب المجر من روسيا ،وعدم تحمسها للمقاطعة التي تفرض  على روسيا .وبالضد من رغية أمريكا في تحديث المفاعل النووي الذي بناه اﻷتحاد السوفيتي بشكل شبه مجاني ،منح تحديثه الى روسيا،كما أن الشركات الوطنية المجرية تقترب في  تعاملاتها مع شركات بلدان شرق أوروبا وبصورة خاصة الروسية ،وأبدت إنفتاحا على بلدان الشرق اﻷوسط والصين مانحة نفسها حرية الحركة في إختراق اﻷسواق ،كل هذه اﻷمور دفعت الويلايات المتحدة بإستغلال الثغرات التي أحدثتها حكومة الفيدس ،في مجال الضرائب ،وبحجة مكافحة الفساد بدأت تتدخل في الشؤون الداخلية للمجر وبلدان شرق أوروبا 

 ألزم قانون أصدره الفيدس أستعمال المجر بدل هنغاريا  ،