
هل ستتمرد المجر وأوروبا الشرقية على التدخل اﻷمريكي في شؤونهم/ د: علي الخالدي
لم تلمس شعوب شرق أوروبا ،تحسن يذكر في مستوى معيشتها بعد إنهيار نظمها اﻷشتراكية سوى توسع رقعة الفقر ،و إزدياد معدل البطالة في صفوفها ،مع إرتفاع في مستوى المعيشة وتزايد أعداد ساكني الشوارع ،بسبب سياسة إقتصاد السوق ،الذي لم تعتاد علية شعوبها ،وقد لخص البيان الختامي للأحزاب الشيوعية والعمالية الذي عقد أواخر 1912 في بيروت . أنه لم يُلمس لحد الآن ما يفيد بأنهم قادرون على إيجاد مخرج ,للأزمات التي صنعها نهجهم بعد تفيكيك النظام اﻷشتراكي
فمثلا يدور حاليا في المجر لغط سياسي حول تطور آفاق الإقتصاد في الحقبة الحالية التي يسيطر فيها اليمين الوسط على مجلس النواب بالتحالف مع الحزب الديمقراطي المسيحي ,بغالبية أكثر من الثلثين مشكلين حكومة ,تواصل إنتهاك قوانين العدالة اﻹجتماعية المعادية لمصالح الطبقة العاملة ،وأحزابها اليسارية ,والتي أفقرت الشعب فتصاعدت أعداد الفقراء من 2.8 مليون عام 2008 الى 3.3 مليون عام 2013 ،ليعتاشوا على المعونة الإجتماعية فحسب ,بينما تزايد عدد ذوي الكروش وصاحبي الملايين فإتسعت دائرة التمايز الطبقي الحاد في المجتمع ,وبرزت أحزاب يمينية شوفينية ،لم تكن متواجدة في الساحة السياسية سابق ، يثير تزايد عدد مقاعدها في البرلمان، و تنامي الفكر النازي في الشارع
إستغل الفيدس الأزمات التي شملت كافة الأصعدة ,فبداء العزف على وتر مهضومية القومية المجرية , موعدا الشعب المجري, بوردية المجر الكبرى ، في وقت هلهل لنظام السوق ،وما فتح من مصانع سيارات لدول أوروبية ،وأسواق رأسمالية عامرة ،وجدت في رخص اﻷيدي العاملة ،وإجور الدفع بالفورنت فسحة للكسب المادي .هذه الإجراءات ،لم ينج أي ميدان من ميادين اﻷقتصاد والحياة اﻷجتماعية ،أو أي فئة من فئات قوى اﻷنتاج من مساؤها ,فإزدادت معانات الكثير من المؤسسات الوطنية من صعوبات جمة .انخفض مستوى اﻷنتاج والتشغيل في الكثير منها,أما أرباب العمل فقد فتح لهم المجال ليستحوذوا على افضليات ,وإمتيازات جديدة ,مكونين طبقة واسعة من القطط السمان في أجهزة الحكم ،مستغلين قانون اﻷنتخابات البرلمانية الذي فصل على مقاساتهم ،ليضمن تواصل معوقات صعود ممثلي الطبقة العاملة لقبة البرلمان . وبإختصار عانى الشعب المجري من ثمار سياسة اليمين لا تخدم سوى مصالح ارباب العمل والشركات فوق القومية ,سياسة تضرب الفقراء بشراسة .الوقاحة التي يتسم بها تطبيق هذا النهج تدل على صحة تقييمات الشغلية ونقاباتها ومنظمات المجتمع المدني , التي حذرت من مغبة تصاعد نفوذ اليمين في السيطرة ،رغم اﻷجراءات الترقيعية التي تقوم بها حكومة الفيدس ،ﻷرضاء الشعب ،فما تمنحه له بيدها اليمنى تأخذه بيدها اليسرى .أرادت مؤخرا فرض ضريبة على اﻷنترنت إلا أن المظاهرات التي عمت مدن المجر أجبرت الحكومة التخلي كليا عن هذا المشروع
يجري اليوم تنابز كلامي بين الجكومة المجرية يشاطرها بعض حكومات شرق أوروبا حول التدخل اﻷمريكي في شؤونهم الداخلية بحجة الفساد الذي كانت أمريكا صامتتاً عنه خلال الحقبة الطويلة الماضية ،فليس من المعقول عدم معرفتها بتفاصيله .فكل الوقائع تشير الى أنهم غضو الطرف عنه ،عندما كانت المصالح الجيوسياسية متماثلة ،والآن عندما بدأت المجر تعبر عن عدم إرتياحها للتدخلات اﻷمريكية في شؤون أوروبا الشرقية بحجة محاربة الفساد دون ذكر مسائل ملموسة عنه ، توسع بؤبؤ عيونهم ثلاث مرات فمنعت دخول ثمانية قادة سياسيين دخول اﻷراضي اﻷمريكية الذي تنازلت وأعتبرته مؤخرا إجراء إداري وليس سياسي ،بينما يقول الشارع إن وراء ذلك يختفي حنق أمريكا ،لتقارب هذه الدول فيما بينها وبين روسيا وتأييدها لمد أنبوب السيل الجنوبي الذي سيوصل الطاقة ﻷوروبا عبر اﻷراضي الصربية ،كمرادف للخط الذي يمر عبر أوكرانيا ،وتذمرها إقتصاديا من العقوبات التي فرضت على روسيا بسبب اﻷزمة اﻷوكرانية .لكن حكومة فكتور اوربان تصر على أن المزاعم اﻷمريكية هي أحد أنواع التدخل في الشؤون الداخلية للمجر .وأذا لم تقدم أمريكا ما يؤشر على الفساد ،فانه سيُطلب من المعنين إقامة دعوة قضائية عليها ،وبعكسه فسيقيل ،فيدا إلديكو ،من منصبها العالي في مؤسسة الضرائب .أن حكومات اوروبا الشرقية تطمح الى إنتهاج سياسة تتماهى وثقافات شعوبها التي لا زالت تأن من آثار الحرب الباردة والتدخلات اﻷمريكية ،التي تفرض مسارات معينة لها بغية نيل مساعداتها ،وخصوصا تجاه سياستها بشأن اﻷزمة اﻷوكرانية ،بينما الشارع المجري وعلى قدر علمي يعتبره موقف تمردي ،وعامل ضغط على الحكومات التي أحست بثقل الديون الخارجية وإﻷلتزام بقوانين اﻷتحاد اﻷوروبي التي تتعارض ومصالحها ،وخاصة عند وضعها فكتور اوربان في فمها ،هذا ما ستكشفة اﻷشهر القادمة