المجر لم تعد جسر عبور المهاجرين ﻷوروبا الغربية / د.علي الخالدي

حاليا يدور نقاش حاد بين الحكومة المجرية، و اﻷحزاب السياسية اليسارية ، ومنظمات المجتمع المدني فجرته رسالة فكتور أوربان رئيس الحكومة ،  التي وجهها لكافة المواطنين المجريين قبل شهرين تقريبا ، يستفتأهم فيها ،حول موقف الحكومة المجرية المعارض لقرار اﻹتحاد اﻷوروبي ، بتحميل المجر قسط  من مسؤولية إستضافة عدد من المهاجرين غير الشرعيين الذين تكدسوا في بعض دول جنوب أوروبا  لتقليل العبء اﻷقتصادي واﻹجتماعي الذي سببه تواجدهم فيها

ضمت الرسالة 12 سؤال ، تتعلق بتحديد موقف المواطن المجري تجاه رفض حكومته قبول ﻷجئين غير شرعيين على أراضيها ، من منطلق أن قبولهم سيولد متاعب سياسية وإجتماعية وأمنية للبلد ، ويرفع من نسب البطالة ، ناهيك عن التخوف من إمكانية تغلل اﻷرهابيون بين صفوف المهاجرين ، وإحداث أعمال إرهابية ، على غرار ما يجرى  في غرب أوروبا . ومع هذا لم تكن  إستجابة السكان بالقدر الذي طمحت له الحكومة وأوربان بالذات حيث تناولت الصحف واﻷحزاب اليسارية والكنائس الرسالة بالنقد ووصفتها بإثارة النزعة العنصرية والشوفينية ، خصوصا بعد بناء الجدار العازل على حدودها الجنوبية ، والتنصل عن اﻹلتزام بمسؤولية المساهمة الدولية في معالجة هذه أﻷزمة اﻹنسانية . وتحت ضغط المؤسسات اﻹنسانية عاد الرئيس أوربان ، وخفف من لهجته الرافضة لقبول مهاجرين غير شرعيين ، مقترحا أن الحل يكمن في مساعدة دول الهجرة بتنميتها إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا ، عبر اﻷستثمار فيها ، مصحوبا بتخفيف ديونها ، والتنسيق بين الدول على محاربة اﻹرهاب ، وتقديم معونات عينية للدول التي تتعرض للإرهاب ،لمساعدتها في التصدي للهجرة الداخلية القسرية الناتجة عنه ، وعن الحروب المحلية وضائقتها اﻷقتصادية، بتقديم ما من شانه مساعدة المهجرين في بلدانهم ، للبقاء في أﻷمكان التي لجئوا اليها ، لحين إستباب اﻷوضاع ، في بلدانهم ، معتبرا تلك اﻹجراءات ، طريقة مناسبةتساعد على إيقاف تصاعد الهجرة غير الشرعية منها . و بهذا يتم توزيع مسؤولية حل المشكل بين دول أﻹتحاد .

 

يشير بعض السياسيين الى أن بروكسل إتخذت إقتراح توزيع المهاجرين بين الدول اﻷوروبية ، لتغطية  سياسة ألدول الرأسمالية الجائرة تجاه تلك البلدان ، بإستغلال ثرواتها الطبيعية بابخس اﻷثمان ،والضغط عليها بإنتهاج سياسة إقتصاد السوق ، وبعدم تخفيض مستحقات مديونيتها ، باﻹضافة لعدم تشجيعها على إنتهاج عدالة توزيع ثرواتها بما يتماهى مع قيم العدالة اﻷجتماعية والديمقراطية .

        

يعتبر المهربون الدوليون اﻷراضي المجرية جسر آمن لعبور المهاجرين غير الشرعيين الى أوروبا الغربية ، حيث كانت السلطات المجرية سابقا غير مبالية بتدفقهم عبر أراضيها ، طالما كانت وجهتهم  ﻷوروبا الغربية . لكن بعد اﻹجراءات الرقابية على حدود الدول اﻷوروبية وإعادة غير الشرعيين منهم الى البلدان التي قدموا منها ،إزداد عددهم في المجر ، مما شكل ثقلا محسوس على أعباء المجتمع المجري ، سيما وإن أغلبهم من دول شرق أوسطية وآسيوية ذات فقر حضاري . ومما يجدر ذكره ، أن هذا إﻹستفتاء ، قد أثار حفيظة من حصل على الجنسية المجرية ،و أغلبهم من الكوادر العلميه ، أنهوا دراستهم الجامعية فيها ، وحصلوا على عمل أثناء النظام اﻹشتراكي . لكن بعد أنهيار النظام اﻷشتراكي ، إنخفض مستوى منح الجنسية لطاليبها من العالم الثالث الى أدنى مستوى بما في ذلك خريجي الجامعات المجرية وقلت  فرص منحهم رخصة للعمل . فعلى  هامش ندوة أقامتها الجالية العربية حول الصراع في اليمن حضرها بعض السفارات العربية ، تحدث العديد من الحاضرين مجريين وعرب ، منهم بروفسور جامعي خدم المجر أكثرمن أربعة عقود وطبيب لعقدين عن مساويء هكذا إستفتاء ، ﻷنه يترك إنطباع بأن تواجد أمثال هولاء جاء على حساب الجامعيين المجريين وخصوصا في قطاع الصحة  .

 منذ وصول حزب اليمين الوسط للحكم برئاسة فكتور  واصلت حكومة أوربان ما إتخذته حكومة مشوهي اﻷشتراكية ( الحزب اﻷشتراكي المجري ) من إجراءات صارمة بمنح الجنسية و رخصة العمل ، لخريجي الجامعات المجرية من اﻷجانب إلا في حالات نادرة ، مما أضطر العديد منهم اللجوء الى اﻷعمال الحرة أو بالجوء للغرب    

 وكما تشير اﻷخبار إن الهجرة بالطرق غير الشرعية ، محفوفة بالمخاطر ، تعرض المهاجرين لإبتزاز المهربين  ، ناهيك عن تسليم رقابهم لهم باﻷضافة الى مأسي وويلات طريق الهجرة ، والحياة القاسية التي يصطدموا بها ، إذا نجحوا في الوصول لدولة المهجر ، هذه اﻷمور بمجملها لا تستحق كل تلك التضحيات ، كما قال أحد المهاجرين للتلفزيون المجري   .