وعاد حرف النون لبغداد من جديد  / دكتور.علي الخالدي       

بعد إسقاط الصنم  ، عاش العراق في إنفلات أمني ، إتصف بتصاعد نشاط القوى الظلامية المعادي لديانات المكونات العرقية العراقية من المسحيين والصابئة المندائيين واﻷيزيدين والشبك ، تطبيقا ﻷجندات طريقة نشر الدين اﻹسلامي واﻹنفراد بعراق خالي من أي ديانة أخرى غير اﻹسلام ، سالكين في ذلك طرق ينفر منها اﻷنسان المتحضر  ، وتتنافى حتى مع شرائعهم وتعاليم دينهم المعلنة ، ﻷجبار معتنقي تلك الديانات السماوية ،على إختيار أحد شروطهم التي عبر تطبيقها نُشر اﻹسلام ، وفي مقدمتها إرهاب معتنقي تلك الديانات ، بوضعهم أمام خيار ترك ديارهم وأرض أجدادهم ، وكل ما يملكوه ليصبح غنائم ، بقوة التهديد بالتصفية الجسدية ، وجرت لتطبيق ذلك عمليات أختطاف لعديد من معتنقي المسيحية ، و إبتزاز ذويهم لدفع الفدية ، وكثيرا ما تدفع لهم الفدية ، ويستلم المختطف جثة ملقاة على قارعة الطريق أو في النفايات ، وفي أحسن اﻷحوال عند باب داره ، ولم تسلم  مراكز أقامة المراسم الدينية لمكونات شعبنا العرقية تلك ، حيث تتم في وضح النهار ، عمليات سطو مسلح أو إستهداف المصلين في كنائسهم ، وقتل المبتهلين الى الرب من أجل صيانة العراق وشعبه من أي مكروه ، كما حصل لكنيسة سيدة النجاة ببغداد وغير ها من الكنائس في وسط وجنوب العراق ، وكادت تلك المدن أن تخلو من المسيحيين والصابئة ، بعد أن كانوا  يتعايشوا مع شركائهم في الوطن وأخوتهم في الخلق المسلمين بجميع طوائفهم ، بمودة وسلام ، تجمعهم هوية اﻷنتماء للعراق ، وتصهرهم بودقة الروح الوطنية ، التي حافظت على النسيج العراقي المتعدد الألوان ، طيلة القرون الماضية .

قبل ذلك كما تشير الحفربات كانت المسيحية واليهودية والصابئة المندائية ، هم سكنة العراق اﻷصليين ، ولكن بعد إنتشار ثقافة معاداة الديانات غير المسلمة ، وتخيرهم بين دفع الجزية أو ترك مساكنهم وأرض أجدادهم والنزوح بعيدا عن أماكن تواجد المسلمين ، وبعكسه حد السيف ينتظرهم ، هذا اﻷسلوب عاد وبشكل يتضارب مع القيم واﻷخلاق . عند إحتلال داعش لثلث ارض العراق ، وبدأوا  يكتبوا على جدران ممتلكات المسيحيين حرف النون ( نصارى ) و إعتبارها غنائم ، ونسائهم سبايا تباع في سوق النخاسة ، بعد إن إحتلت داعش ثلث أرض العراق ، وحفاظا على أرواحهم فلح البعض بالهجرة الى مناطق آمنة داخل العراق أو الى الخارج ، واﻷغلبية هامت على وجهها ، التحفت السماء وأفترشت اﻷرض بينما تتخذ حاليا اساليب الضغط واﻹرهاب على من تبقى منهم في الوسط والجنوب ، فتقلصت أعدادهم .

في اﻷونة اﻷخيرة ، وسط إنفلات اﻷمن وصمت اﻷحزاب اﻹسلامية التي تحاصصت فيما بينها إدارة شؤون البلاد بشكل يعمق اﻷستقطاب بين مكونات الشعب العرقية ، ويؤكد المراقبون أنه حتى الآن لم تصدر المرجعيات المذهبية لكلا الطائفتين ، فتوة تحرم إلتنكيل وإضطهاد معتنقي الديانة غير اﻹسلامية . وموخرا عاد مسلسل السيطرة على ممتلكات المسيحيين والصابئة المندائيين ، ولكن بشكل هاديء ، يبداء بالتفتتيش عنها ، دون وضع حرف نون عليها ، وإنما القيام بعمليات بيعها وشراءها دون معرفة ماليكيها وبدون شوشرة ، تقوم بها مافيات مستقوية بقوات مسلحة لها إرتباط بأحزاب متنفذة في السلطة ، وتسجل في الدوائر المسؤولة ، ورغم الشكاوى المقدمة الى الجهات المعنية عن هذه الطريقة الحديثة المستقاة من وحي مباديء داعش ، لكن ساكنا لم يحركه ، المسؤولين مكتفين بالشجب واﻹستنكار اللفظي الذي لا يغني بشيء ، مما حدى بالمسيحيين بالتظاهر يتقدمهم المطران مار لويس روفائيل ساكو ، بطريك الكلدان في العالم . ولوحظ أن المظاهرة خلت من مشاركة بقية المكونات

منذ ولادة الرب ، والمسيحيون يقابلون اﻹساءة اليهم بالعفو لم أساء اليهم ، ويجنحون الى السلم والتعايش السلمي ، ويدعون مكونات الشعب بالتضامن معهم في محنتهم ، وعلى هامش حملات التضامن في العالم ، أجرت إحدى الصحف المحلية مقابلة مع عائلة مسيحية ،  تحت عنوان حلويات من التمر العراقي حضرتها عائلة مسيحية عراقية  ﻹطعام المحتاجين (الهوم لس) في كنيسة الحي ، حيث دأبت هذه العائلة على إستغلال المناسبات ، لشرح معاناة مسيحي العراق ومعتنقي الدينات اﻷخرى من أرهاب القوى الظلامية وداعش ، وتهجيرهم من مدنهم ، باﻷسلوب المافياوي الجديد في اﻹستحواذ على ممتلكاتهم الغير منقولة ، ليجبروا على ترك أماكن تواجدهم . إن الصلاة والتضامن وإياهم مسألة وواجب على كل عراق يشعر بإنتماءه للعراق ، وإلا فان فايروس قلة المناعة الوطنية ,و,إرتفاع منسوب اللامبالاة سينتشر في العراق، وسيعود بالويل والثبور على كافة الناس ، والى تمزيق العراق جغرافيا ومجتمعيا ، فلنصلي من أجل أخوتنا ونردد ماقاله عابر سبيل أثناء إجراء المقابلة الصحيفة والذي أختتمت به الصحيفة خبرها ، الرب معكم يامسحيو العراق