بكم بداء وتواصل المشوار/ د. علي الخالدي

هللت جماهير شعبنا لسقوط الصنم , ولما أعقبه من آفاق إيجابية واسعة , أمام المنظمات الديمقراطية والمجتمع المدني لممارسة نشاطاتها المهنية علنا بين صفوف منتسبيها , بعد عقود من العمل السري القهري , والقمع التعسفي الذي فرضته اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية المقبورة عليها , ليخلو المجال لمنظمات يتيمة أنشأتها هذه اﻷنظمة , مع تقديم كل الدعم المادي واللوجستي المنقطع النظير للنهوض بما أوكل لها , من مهام تنحصر في تبيض صفحة من أنشأها في السلطة , والتباهي بما تقوم به من فعاليات رسمية , للتغطية على معادات  أﻷنظمة للعمل الديمقراطي , أمام المنظمات النقابية العربية والدولية . إن هذه المنظمات الديكورية إرتبط إنشاءها , بمشيئة النظام , للتصدي للنضال المطلبي لجماهير شعبنا ومنظماته الديمقراطية , فبواسطتها إغتالت اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية  مهنية وحرفية , منظمات سهرت على الدفاع عن حقوق قطاعاتها منذ تأسيسها قبل أكثر من نصف قرن , ,فنالت مقومات شرعية تمثيل منتسبيها والدفاع عن حقوقهم الوطنية , بالنضال المطلبي الذي كان يقابل بالقوة المفرطة من قبل تلك اﻷنظمة  ( وثبة كانون , أإنتفاضة تشرين , إضراب اعمال النفط كاورباغي ، عمال السجائر ) وغيرها من التحركات , التي شكلت تراثا نضاليا لا زالت مقوماته فاعلة ليومنا هذا , على طريق تحقيق العدالة اﻷجتماعية التي غيبتها سياسة تلك اﻷنظمة 

إن تلك المنظمات الكرتونية التي إلتحفت عباءة من أنشأها سرعان ما تولي اﻷدبار من الساحة النقابية , حال إندثار النظام الذي أنشأها , حتى لا يكاد يتذكرها أحد , الا من باب النكتة , وإعطاء العبرة للذين يريدوا , إنتهاج نفس السيناريوهات السابقة التي لجأءت اليها تلك اﻷنظمة في عملية ولادة هكذا منظمات , لتقف بصفه , في معادات مصالح الشعب أولا , وتنفذ إرادته ومشاريعه للإستحواذ على مقدرات المنظمات الشرعية ثانيا ,  لتواصل مساعيها العلنية في خدمة مآرب النظام بعيدا عن الدفاع عن المصالح الحيوية للجماهير , وعن ثقافة وفكر شرائح المجتمع العراقي النابذة لثقافة تدخل المسؤولين في شؤون المنظمات الجماهيرية    

وما أشبه ما يقوم به وزير الشؤون اﻷجتماعية حاليا , بما قامت به اﻷنظمة المقبورة , من حصر التعامل مع اﻹتحادات والنقابات العمالية ,باﻷتحاد الذي أنشأءه , والذي إعتبرته المنظمات العربية والدولية لنقابات العمال , إنتهاكا صارخا للحرية النقابية , وإعتداءا سافرا على حق التنظيم النقابي الحر , فبتكوين إتحاد قريب من نهج , ومآرب القائمين على الحكم من اﻷحزاب  , سيؤدي بالضرورة الى شق وحدة صفوف الطبقة العاملة , ويلبي مصالح البرجوازية الجديدة الصاعدة , من تهشيم الطبقة الوسطى , ويبعد النقابة عن مهامها اﻷساسية , في الدفاع عن حقوق منتسبيها , وعن صيانة المعايير اﻷيجابية التي جاء بها التغيير لعراقنا الجديد , والتي تحتم إتساع ساحة حركة المنظمات المهنية الديمقراطية , بما تضعه من مهام جديدة على عاتقها , من بينها تقوية مبادئها التنظيمية والمطلبية , بالعمل الجاد على تعبئة جماهير هذه القطاعات , وتعزيز الصلات بين منظماتها ,  ساعية ﻷقامة  تحالف واسع بين تنظيمات هذه القطاعات , ﻷجل تصعيد عملها وتطويره , وإنتزاع حقوقها وحقوق الجماهير الكادحة من شغيلة اليد والفكر , المنضوية تحت رايتها , بما يخدم مصالح شعبنا في تعزيز اﻷستقلال الوطني الرافض  لمفهوم المصالحة الطبقية , عبر بوابات الطائفة والمذهب ,

لقد اسفرت الجهود غير الطبيعيىة للقائمين على شؤون العمال في الحكم , وفي مقدمنهم وزير الشؤون اﻷجتماعية الى إعطاء أحقية تمثيل العمال لقوى كانت غائبة عن هذا القطاع , والهيمنة عليه بطرق منافية للديمقراطية . بينما أبعد من عرفته شغيلة اليد والفكر قبل أن تعرفه سجون الرجعية والدكتاتورية  والمناصب السياسية  , كنقابين صامدين , إستطاعوا تخليص منظماتهم من محاولات السيطرة والهيمنة الحكومية . فهذا إتحاد نقابات عمال العراق  يوحد صفوفه مع مختلف التنظيمات النقابية بعيدا عن إملاءات الحكومة والرسميات , وهذا إتحاد الشبيبة الديمقراطي  والطلبة والمراءة  , وكذلك بقية المنظمات , يواصلوا  نشاطتهم  رغم التضييق السلطوي المبرمج , ويعقدوا مؤتمراتهم  وينتخبوا بإسلوب ديمقراطي قياداتهم . واﻷن اذ يطالب عموم الشعب العراقي توسيع  ساحة  الديمقراطية , ومهنية العمل النقابي في هذه اﻷوضاع المتغيرة في الوطن ومحيطه , يبذل إتحاد عمال العراق كل ما من شأنه تقريب الساعة التي ستحتل بها الطبقة العاملة العراقية مكانتها اللأئقة في حركة البناء والتنمية التي يتطلبها العراق الجديد , ولمواقعها السابقة في الحركة العمالية العربية والعالمية , وهي  تدرك أن راية نشاطها هذه لا تتحقق إلا بالوحدة , وبالمشاركة الجماعية الفعالة لشغيلة اليد والفكر , الذي أبتدأت به مشوارها وستواصله سلميا في عراق ما بعد التغيير