
البيئة ضحية إقتصاد السوق /د.علي الخالدي
تتعرض البيئة في دول شرق أوروبا الى تشويه , وتلوث مستمر بعد إنهيار اﻹنظمة اﻷشتراكية , فقد لا حظت ذلك من خلال زيارتي لهذه الدول وهو تتمتع بنظام العدالة اﻹجتماعية وبناء المجتمع اللاطبقي وبفترات مختلفة , وبعد إنهيار اﻷشتراكية شاء حظي أن أحصل على إقامة دائمية في الدولة التي أنهيت دراستي فيها .حصلت على عمل في قرية صغيرة ,كانت لا زال سكانها يطبقون تعاليم النظام اﻷشتراكي , فكانت الشوارع نظيفة لدرجة يحز في نفسك أن ترمي فيها أية نفاية , وكانت حدائق البيوت منظمة يعجبك السير في شوارعها الضيقة والخالية من النفايات وانت تنظر الى أنواع الزهور التي تزين واجهات البيوت , ولكن رأينا في أطراف المدينة بوادر رمي نفايات فقلت لزوجتي وﻷطفالي سنرى بعد فترة , سنرى النفايات تزحف الى مركز القرية , ونقلت الى العاصمة بودابست للعمل في إحدى مستشفياتها الجامعية وعند زيارتنا لهذه القرية , صدق حسدي .
أما العاصمة بودابست فمركزها يسعون للمحافظة على نظافته , أما أطرافها فكانك في شوارع دولة نامية فالنفايات وأكياس الناليون تشكل على ضفتي شوارعها الوان متعددة , بالرغم من أنها إسبوعيا ترفع بحاويات خاصة , وفي الشوارع حاويات بلاستكية متعددة اللألوان تختص برمي النفايات , واحدة لنفايات وفضلات اﻷكل , وأخرى للورق , وثالثة للمواد البلاستيكية وقناني المياه ورابعة للزجاج والمعادن , وأعطيت ثلاث حاويات أصغر للبيوت لنفس الغرض كمحاولة فعادة تصنيع النفايات
كانت المدن في النظام اﻷشتراكي , وبصورة خاصة العواصم تغسل ليلا , هذا ما شاهدته في صوفيا , وبودابست وبراغ , وفي بيترو غراد , لنين غراد سابقا , إذا رميت عقب سجارة أو قشرة برتقالة , تحس بشخص يركض وراءك , طالبا منلك رفعها ورميها في المكان الذي يرشدك اليه , هكذا كان حرص الناس على بيئتهم في النظام اﻷشتراكي . والآن أتطلع الى الفروق بين النظام اﻷشتراكي , ونظام السوق الذي تسير عليه دول شرق أوروبا , وما يصاحب ذلك من تنمية وتقدم تكنولوجي لا يخدم اﻷنسان من الناحية الصحية سوى جيوب الراسماليين واﻹحتكارات , فالمصانع بنيت بالقرب من المدن لتخرج الدخان على غرار لندن أصبحت العواصم النظيفة مدن ضباب وفضلاتها ترمى في اﻷنهر فالدانوب اﻷزرق وبقية اﻷنهر كانت مياهها تُفلتر , أما اليوم ترى اﻷسماك عائمه على سطحها من ما يرمى من مواد سامة للمصانع التي أشتريت من قبل دول رأسمالية ,
أكياس النايلون التي تستعمل حوالي 25 دقيقة تبقى 400 سنة تلوث البيئة , منها حوالي نصف مليار يرمى , وإذا أضفنا المواد البلاستيكية والرصاصية التي تستعمل في أدوات اﻷستعمال اليومي ,(الكثير منها يستعمل لمرة واحدة ) ترمى بشكل عفوي . يجري التفتيش حاليا ﻹعادة تدوير صناعتها أو التفتيش عن أماكن لطمرها في الدول الفقيرة , حيث إعادة تدوير صناعتها يحتاج كميات هائلة من المياه وهناك شحة فيها , كما أنها تخشى أكسدة هواء دولها , لذا تحاول إغراء الدول الفقيرة بإقامتها أ طمرها هناك
في الحقيقة التنمية والتقدم التكنولوجي قلل الى حد ما تلوث البيئة , لكن تبقى الغازات والنفايات والحرارة الناتجة عن ذلك وراء أستمرار أتساع ثقب اﻷوزون مما يسبب إختلال في اﻷوضاع الجوية والبيئية في العالم مما دفع منظمات المجتمع المدني في أوروبا لمناهضة هذه الصناعات واللجوء الى تطوير صناعات صديقة للبيئة وذات إستعمال دائمي , ويدعون الى اغلاق المصانع نقاذا لحياة أﻷجيال القادمة , وتشغيل العمال في مصانع تنتج مواد صديقة للبيئة , البعض يقول هذا هروب الى اﻷمام , وأنا أقول قبل ذلك, لم تكن أكياس نايلون ومواد بلاستيكية تستعمل لمرة واحدة قبل سنوات
ما دفعني للكتابة هو ما اراه يوميا من خلال أجهزة التلفاز من تشويه للبيئة في وطني بعد أن كان يعرف بنظافة حتى ترابه , ساعد في ذلك اللامبات التي زرعها ويزرعها القائمين على النظام من ممثلي الطوائف في الحكومة ومندوبي الكتل واﻷحزاب في البرلمان , حيث لا يضيرهم ما يجري من تشويه لعراق الفرات ودجلة ﻷنهم محصنون , يعيشون في بيئة معزوله عن البيئة التي يسكنها عموم الشعب المغلوب على أمره , فاغلبهم جاء من أمكان اللجوء و كونوا هناك ما يطمأن أجيالهم العيش من وراء أموالا نهبوها من قوت الشعب وبالسحت الحرام . هذاما تعلموه منها , اﻷنانية وأﻷستغلال على حساب الجماهير الفقيرة , كما يحصل حاليا في دول شرق أوروبا , حيث عادت أمراض إختفت في اﻷشتراكية كالسل وامراض الحساسية , فقد عادت بقوة الى الظهور نتيجة الفقر وفقدان الرعاية الصحية عن من لا يجد تأمين صحي بعد أن كان الكل يتمتع بالضمات اﻹجتماعي , فايهما أفضل أن يعيش عامة الناس في ظل بيئة تهدد المواطن بالمرض , أو بعيشة يتساوى بها كل المواطنين وهم أصحاء , وهذا ما توفره اﻷشتراكية , وليس إقتصاد السوق الذي لا تهمه مصالح عامة الناس