عزف حكومي منفرد ..ﻷغنية../د .علي الخالدي

إن أوهام القضاء على اﻹرهاب بوثيقة شرف تحمل لون واحد , هي أوهام كارثية , طالما غاب عنها إشراك الشعب وقواه الوطنية  المعنية بشكل مباشر بمستحقات التغيير , التيار الديمقراطي والحزب الشيوعي ( صاحب إمتياز طرح فكرة عقد مؤتمر وطني )  ومنظمات المجتمع المدني , من المساهمة والتحضير ﻷعدادها , كما أن غياب كتل وأحزاب من التوقيع عليها , و خروج الوثيقة من خلف أبواب مغلقة  أفقدها السند الشعبي , وعرض صيرورة تفعيلها في الظروف الموضوعية والذاتية الراهنة الى الشلل , ذلك ﻷن عدم تواجد تلك القوى في مؤتمر السلم اﻹجتماعي الذي إنبثقت منه الوثيقة , كان بمثابة غياب شاهد حق على مادار من حوارات وإتفاقات ورقية , بين اﻷخوة اﻷعداء من متبنى نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية , أفضت شأنها شأن مناسبات متكررة , الى عدم التقيد بما يتم اﻹتفاق عليه , وبالتالي ذوبان سبل إقتداره على توثيق إدعاءات القائمين , بإمكانية تجاوز اﻷزمات التي صنعها نهجهم الطائفي , إس بلاءنا  . فأي إتفاق يتم بهكذا طريقة , يحمل في طياته سر تعثره , ويتحول  لمشروع عصي التحقيق , زارعا عدم الطمأنينة والثقة , بين أوساط شعبية واسعة , فعورة هكذا إتفاقات تصبح مكشوفة , قبل أن يجف حبر الموقعين عليها , ﻹلتزامهم  بالطابع السياسي التوافقي بين متضادات طائفية , نائية البعد عن الروح الوطنية , قاسمها المشترك المصالح الذاتية والحزبية المنفلتة , وعدم التقرب من حلول عملية للمعضلات والمشاكل التي أنهكت كاهل الشعب , وزادت من سعة الهوة بينه وبين القائمين على الحكم , وخَلَت من الخطط اﻷستراتيجية ﻹستباب اﻷمن واﻷصلاح ومكافحة الفساد ونهب المال العام وتوفير حصة تموينية لائقة للإستهلاك البشري , ناهيكم عن أزمة الكهرباء والماء الصالح للشرب , وعن معالجات تَعثُر تطبيق الديمقراطية السياسية والإجتماعية , مما إعتبرها المراقبون بمثابة إختلاس سياسي لتفاهمات , وهمية مبنية على تبعات طائفية , فقدت قدرتها على إقناع الناس أنها صدرت بمعزل عن مؤثرات الدول المحيطة بالوطن إما إرضاءا لها أو تنفيذا ﻷجنداتها , سيما وأنها خرجت في وقت تصاعد فيه , القتل والتهجير في عموم الوطن , كأحد أعراض داء قديم  متوارث طائفيا , إستعصى علاجه في أجواء خلت من القلوب الصافية , ومن اﻷوكسجين , الضروري ﻷنعاش العملية السياسية بشكل مباشر , ﻹنقاذها من وسط دهاليز السياسة الطائفية واﻷثنية , التي تجري دائما خلف اﻷبواب ,

خلال السنوات العشر العجاف خُلقت بؤر تكاثرت في وسطها  وسائل نقل مايكروب الشحن الطائفي , الذي لم يحض لوقتنا هذا على مضاد حيوي يوقف تأثير سمومة في الجسد العراقي , فبدون ذلك يبقى أي جهد لا يتناول جوهر المسبب الحقيقي للإحتقان الطائفي , و يساهم فيه عموم  قوى الشعب الوطنية الفاعلة والحريصة على إنعاش العملية السياسية التي تعاني من موت سريري  , يعرضه لريح مناكفات وتنابز المتفرجين على نزيف الدم العراقي , طمعا في مواصلة نهبهم لقوت الشعب .فبإقاف أنتشار فعاليات جرثومة التجييش الطائفي  في الجسد العراقي , يتم تحقيق اﻷمن واﻷستقرار والبناء , وبالتالي   يزيد خشية المتفرجين على نزيف الدم من المساءلة  متى وكيف ​؟  نمت كروشهم وتوسعت جيوبهم , بالتزامن مع إتساع رقعة الفقر , بجانب ميزانية تقارب المئة والنصف مليارد دولار ( تحلم بها دول كثيرة ) وربما سَيمتد هذا التساؤل ,لحاملي الروح اﻹنتقامية لمشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة المعشعشين في أجهزة الدولة اﻹدارية واﻷمنية , و من حاملي السلم بالعرض , والغير مقتنعين , بأن نشاطهم سيدخل التاريخ , ويظل بمردوده أمرا موضوعيا , لا يمكن التعامل معه إلا على أساس نتائجه ,    المتجسدة بالعمل على تحقيق ما يلي 

 محاربة تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية الذي أطلق العنان ﻷستحداث كوارث وبلاءات  الٌقت  بضلالهما على عموم الشعب وبصورة خاصة الفقراء منه , وفتح أمام متبنيه  أمكانية إنطلاء التظاهر بالحرص على الدين والتدين بشعارات عاطفية ووهمية , غيبت قطاعات واسعة من الجماهير من المساهمة بالمطالبة الفعلية للإستفادة من مردودات التغيير

العمل الجدي على التخلص من موروثات الدكتاتورية , ورفع معانات الشعب منها , لا زيادتها وطأة بما أضيف لها من فشل على مختلف المستويات منها غياب اﻷمن , الذي يُعبر  عنه بإختراقات ,  فكيف يُقال عنه يُخترق ؟ وهو غير متوفر في الساحة العراقية  

 فك إرتباط الدين بالسياسة , التي شوهت معانيه وقيمة , عبر فساد ورشا وسحت حرام , فممثلي  الطوائف والمذاهب الدينية في الحكومة يرشون ممثلي الكتل واﻷحزاب في البرلمان , للسكوت عن إمتيازاتهم ورواتبهم ,وبتخصيص قطع أراضي وغير ذلك من ما يسيل لعاب برلماني بقاع اﻷرض , بينما ممثلي اﻷحزاب والكتل في البرلمان يرشون ممثلي الطوائف في الحكومة ليتواصل عدم محاسبة الفاسدين من وزراء وإداريين أمنين ومكتبيين

إيقاف اﻷثنان ( الحكومة والبرلمان ) من إنشاد أغنية شعبية كنا نررددها في مرحلة الدراسة في سفراتنا وإحتفالاتنا الوطنية مطلعها وبيتنا ونلعب بيه , شله غرض بينا الناس , ما بينا الغمازة وما بينا اللمازة ومابينا الميحب المكتب ميله الغاد عن دربنا , وهم يتدافعون بالمناكب على المناصب لتسيس الدوائر والمؤسسات , فأصبح الوزير دولة , لا وزير في الحكومة , كثرت اقواله وقلت أفعاله , واﻷمن لا نراه حتى في أحلامنا التي تحولت الى كوابيس , مع غياب الوزارات اﻷمنية , والخطط اﻹستراتيجية لمكافحة  اﻷرهاب , وحل محلها وضع الحواجز وقطع الطرق لخلق اﻷختناقات . كل ما ذكر أعلاه لم نجد له معالجات واضحة في وثيقة الشرف

 لقد أيقض ضجيج هذه الوثيقة والتفجيرات المتصاعدة التي حصدت أرواح العشرات  بعد صدورها , جماهير شعبنا الى أن تتطلع للإنتخابات القادمة , لتجعل منها معركة إنتخابية طبقية وليس كما يُريدوها طائفية سياسية , عندها يحق للجميع إنشاد سمفونية ...وبيتنا ونلعب بيه