
شرعنة السرقة -2 / دكنور علي الخالدي
كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها , هكذا قال ونستون تشرشل , فهل نال العراق حكومة إستحقها, غيرحكومة ثورة تموز المجيدة , حكومة الشهيد إبن الشعب البار عبد الكريم قاسم , التي وجهت خيرات الوطن الشحيحة آنذاك لتعم عموم أطياف المجتمع , وبصورة خاصة الفقراء , إنها الحكومة الوحيدة التي استحقها شعبنا , بعد نضال وطني مشبع بروح الوطنية العراقية , سقط خلاله العديد من الشهداء . لذا تعرضت منذ ولادتها الى مؤامرات القوى اﻷمبريالية وشركات النفط العاملة في العراق , بالتحالف مع القوى الظلامية والبعث الفاشي فإغتالوها . لكونها ليست من صنع عامل خارجي , ولا من صنع إنقلاب عسكري لحزب شوفيني فاشي , أو صنيعة طوائف , أو أحزاب لبست عباءة التدين الجديد , وأدخلته بدهاليز السياسة , و ﻷنها لم تحظ بمباركة دول الجوار القريبة والبعيدة .إنها حكومة لم تضم بين صفوفها مزدوجي الجنسية والولاءات , ومن جاء من الخارج ليحتل ما ليس له حق به, من مناصب عاليا سوى ما يعلنه من وﻻء للأحزاب الطائفية , لذا لا غرابة أن يحبها الشعب , ويلتف حولها , ويسهرعلى حمايتها , ويثق بمكوناتها التي شرعت قوانين تجير كل شيء لصالح الشعب وفقراءة , ولم يذكر التاريخ أنها أصدرت تعليمات وقوانين تجير ثروة البلاد لصالح منتسبيها إن بالرواتب الخيالية أو بالصلاحيات التي تطمس صلاحيات الشعب عليها , لقد أنست الناس ظلم الرجعية واﻷقطاع , قبل أندلاعها , وحققت للمراءة قانون يجميها من تقالديهما. لم تزيد للموروث منغصات أثقلت كاهل الشعب , ومنذ إغتيال الثورة , أعاق العامل الخارجي على الدوام إستحقاق شعبنا , بدولة مدنية ديمقراطية , تحاكي قيمه الحضارية العريقة فجاء بنهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية أس البلايا واﻷزمات , أضيفت لموروثات الدكتاتورية , فعمقت مستوى الفقر , ووضعت مقومات إغتيال العملية السياسية , بالرغم من أن شعبنا لا يقبل باﻷستبداد , و لا يساوم عل مصالحه
إن اﻷحزاب والكتل التي جيرت مردودات التغيير لصالحها , عبر تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية , هذا النهج الذي شرعن قوانين , لا يهمه مقدار أضرارها لمصالح الشعب , بقدر حرصه على تطمين مصالح مريديه , والمحسوبين عليه , وأخيرا شرعن اﻷستحواد على أصوات اﻷحزاب غير الطائفية , بسرقة أصواتهم , ليعيقوا صعود أصوات الحق لقبة البرلمان , إستجابة ﻷجندات خارجية , فقاموا بتعديل طريقة سانت ليغو في أحتساب اﻷصوات , بحجة أنهم , سيكونوا وراءعرقلة تشكيل حكومة تواصل نهج المحاصصة , بعباءة الورع وتقوى التدين الجديد , فخلال عشر سنوات شُرعن الفساد المالي واﻹداري , وتبددت ثروات البلاد الطائلة , وأهدرت فرص تثبيت قواعد اﻷمن والسلم اﻹجتماعي , وتوقفت التنمية البشرية واﻹقتصادية , وتُسترعلى الفاسدين والسراق . فمزوي الشهادات سراق , والذين أحتلوا مناصب حكومية وحصلوا على رواتب بالمحسوبية والعشائرية والحزبية هم ومن منحهم هذه المناصب سراق , ناهيكم من إختص بالتلاعب بالقوانين والقفز عليها وعدم إحترامها , هم أيضا سراق . البعض منهم قد رسم الزبيبة على وجنته , و وضع العمامة فوق رأسة كديكور يؤكد به ورعه الديني , وفي موسم الحج تراه , ينافس عامة الناس للذهاب للديار المقدسة , ﻷجل التوبة . أو يظهر ورعه الديني ومحبته للحسين في عاشوراء , وبعد إنتهاء مواسم الورع والتدين , يعاود السرقة والتستر على الذين يندفعون للسرقة بعوامل سياسية في أجواء الردة الحضارية التي جاء بها نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية , ويحارب المنافسات السلمية الشريفة بقوانين يراد بها فرض مواصلة سيطرة النهج الطائفي على المجتمع , ناشر تقاليد لا تتماهى وروح العصر الحالي . غير مقيدا بما نبة به اﻷمام علي عليه السلام ( لا تقسروا أولادكم على عاداتكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم , ولا بما إجتهد به الخليفة عمربن الخطاب رضي الله عنه , فوضع قوانين وتعليمات لتوزيع المال العام على عامة الشعب دون تمييز , علاوة على إلغائه زواج المتعة , الذي يراد شرعنته حاليا عبر قانون اﻷحوال الشخصية الجعفري , بالتحايل على التعاليم الدينية والقوانين المدنية .
لقد أمتدت أيديهم لمفردات البطاقة التموينية قوت الشعب اليومي , وكونوا محنة مستديمة وأزمات شخصتها شعارات المواكب الحسينية , كباعثة أمل لشحذ الهمم , وتجميع القوى من أجل إحياء التضامن الغريزي الذي إتصف به شعبنا عندما تُنكب منطقة منه كما يحدث حاليا .
لتكن حالة اليأس والظروف الحالية دافعا لتحديث بيانات اﻷقتراع , وأن لا يكون اﻷنتماء الطائفي , عائقا أمام تحسين اﻷختيار , ووضع الصوت في موضعه الصحيح , بإختيار اﻷفضل والنزيه والكفوء , المنفي عن حلم خدمة الشعب , في اﻹنتخابات القادمة , ليُخرج شعبنا من الواقع المر , ويضع حدا للمحن المستدامة التي تكتنف حياته اليومية والمستقبلية