
هل سيبدد التيار الصدري الظنون ؟ / عزيز العراقي
بين تاريخه الممتد منذ ازاحة صدام ولحد الآن , وقع التيار الصدري في عدة مطبات وضعته عند الكثيرين في خانة الجهل السياسي والتخلف الفكري , ولا تترك انطباعا ايجابيا على طبيعة توجهاته . وعلى سبيل المثال لا الحصر , الموقف المضحك من قبل بعض سراياه العسكرية عندما منعت البقالين من جمع الخيار والطماطة سوية خوفا من انتشار الفساد , او موقفه من التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت عام 2011 وحملت شعارات الاصلاح التي ترفع الآن , ومحاولاته في كسرها . اليوم يخرج التيار بجماهيره العريضة لينتشل هذه الاحتجاجات من ضعف عددها ويحولها الى قوة تهدد الوضع ( المطمئن ) لمافيات السلطة ولصوصها .
هناك تغاضي مغلف بالتفهم وهو اقرب الى اليأس , في الحصول على فتوى قاطعة من المرجعية في النجف الاشرف تؤكد على تحريم سرقة المال العام ومحاسبة الفسدة واللصوص المتفق عليها شرعا ودستورا , وتدرك هذه الجماهير جيدا بأنه لولا الدعم الذي حصلت عليه هذه النخب التي تقود السلطة من المرجعية لما وصلوا الى ما وصلوا اليه . ان الاستجابة الكبيرة لهذه الجماهير والحماسة التي ابدتها هو للنافذة التي فتحها السيد مقتدى باعتباره مرجع ديني عند الكثيرين , وورث تراثا كبيرا وجريئا معارضا للظلم في ظروف اسوء وأكثر دموية من الظرف الحالي , ويمكن ان يعوض عن الفتوى التي انتظرتها هذه الجماهير ولم تقدم عليها المرجعية خوفا من الدخول في صراعات دامية بين ابناء المذهب الواحد . وهو ما اكده عباس البياتي صاحب نظرية " استنساخ المالكي " في مقابلة مع قناة " الشرقية " يوم 1-3-2016 عندما اكد : ان " وحدة القائمة الشيعية " خط احمر لا يمكن التجاوز عليه . وأكد بشكل مضحك على استمرار رعاية المرجعية للقائمة رغم كل ما قالته المرجعية عليهم الى ان " بح صوتها ".
والجانب الآخر للاستجابة وحماس هذه الجماهير , ان السيد مقتدى والتيار الصدري ليسوا مستقلين عن المساهمة في كل ما فعلته وسلبته هذه الطبقة السياسية المتنفذة بكل الوانها , والتيار الصدري احد اقطابها الرئيسيين والسيد مقتدى احد زعمائها المؤثرين وهو ما زاد الارتباك والخوف لدى الطبقة السياسية من هذه الاحتجاجات . ان ( انشقاق ) السيد مقتدى والتيار الصدري عن وحدة المصالح المشتركة لهذه الطبقة التي سيطرت على ممتلكات البلد , وخروجه على وحدة البيت الشيعي الرسمي , هو ما يهدد بشكل جدي مصالح جميع المتنفذين . ولو لم يكن خروج التيار الصدري عن اجماع المتنفذين موجعا بعد ان وضع السيد مقتدى تاريخه وتاريخ اهله والتيار على المحك لما تجرئ احد في توجيه التهديد له بالقتل , ولكن اصبحت كما يؤكد البعض منهم قضية حياة او موت .
الطبقة السياسية المتنفذة تحاول ان تعزز وحدتها بتجاوز خلافاتها , والعمل سوية لامتصاص واستيعاب هذا المد الجماهيري . ويبدو ان القائمة " العابرة للمحاصصة الطائفية " هو الخيار الذي يتبلور عملهم عليه رغم ما تتطلبه من تنازلات . وان فشلوا فيتوقع الكثيرون ان تكون المواجهة الدامية لكونهم يمتلكون كل شئ حسب ما يعتقدون , والغرور قد فوت عليهم الكثير . ان الشرخ الذي حصل في الجانب الرسمي او في وحدة القائمة الشيعية ( التحالف الوطني ) سوف لن يردم بسطوة النفوذ الايراني كما كان سابقا , او بالدجل والشعوذة والضحك على فقراء الشيعة , فهؤلاء الشيعة وباقي فقراء العراق من مهجرين وأيتام وأرامل وكل من لم يحصل من الحكومة على راتب باتوا جياعا . وهنا يأتي السؤال المر : ما هو البديل ( اذا ) تم اجتياح المنطقة الخضراء وتهشمت السلطة ؟ ولا يمتلك العراق قوة امنية وطنية متوحدة الولاء للعراق وتستطيع ان تفرض مرجعيتها لغاية اعادة الامور للوضع الاعتيادي .