الشارع ليس ملكا لأحد / عزيز العراقي                       

قبل دخول التيار الصدري ساحة الاحتجاجات , كانت التظاهرات هي التي تتحاشى سطوة الاجهزة المتنفذة التي كثيرا ما سخرت لاستخدام مختلف الاساليب لقمع التظاهرات , ولا يزال البعض من الناشطين مغيبين ولا يعرف عنهم شيئا . اليوم الاجهزة الامنية ورئاسات القوائم والأحزاب المتنفذة وحواشيهم هم المذعورين والخائفين , وفي المقدمة منهم المتهم الاول في ايصال العراق لهذا المنحدر حسب تقرير اللجنة التحقيقية البرلمانية لسقوط الموصل رئيس دولة القانون نوري المالكي , الذي حذر " من استمرار التظاهرات التي ينظمها للجمعة الثانية على التوالي التيار الصدري سيسهم بإراقة الدماء بين ابناء الوطن الواحد " . ويقصد بأبناء الوطن الواحد , بين الارامل والأيتام وفقراء العراق من كل طوائفه وقومياته وبين رئاسات القوائم المتنفذة وعلى رأسهم نوري المالكي صاحب (التهديد) المنشور في وسائل الاعلام يوم 6 / 3 / 2016 .

 

دخول التيار الصدري على خط الاحتجاج حفز الكثير من المترددين بعدم جدوى التظاهرات للمشاركة الفعالة في الاحتجاج , والروح المعنوية تتصاعد يوما بعد آخر . دخول مقتدى وخلفه التيار الصدري الى الاحتجاجات بهذا الزخم لم يطلب فيه الاذن من التيار المدني , والتيار المدني هو الذي استفاد وتقوى , وأصبح يتحرك بحرية اكبر دون ان يغير رايته او مطالبه في الاصلاح التي ترفعها معه اليوم كل هذا الحشود . وهو ما دفع المالكي في التصريح اعلاه لمهاجمة التيار المدني , حيث اكد ان " المعادون للخط الاسلامي يخترقون تظاهرات الصدريين " . في عودة للقوانة القديمة التي لن تنقذه من مصيره المحتوم . فهل من المعقول الابتعاد والانعزال في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة عن احتجاجات تطالب ينفس المطالب وتحت نفس الراية ؟ نعم الطريق ليس مضمون الى النهاية , ولا احدا يطلب من تيار ديني ان يبني دولة مدنية ديمقراطية , ولكن اليوم جميع العراقيين المنكوبين تجمعهم وتوحدهم ضرورة التغيير واقتلاع هذه الطبقة السياسية من الفسدة واللصوص , والقضاء على المحاصصة التي اتت بهم . ومن دونها لا يوجد اي طريق آخر للخلاص .

 

الشارع ليس ملكا للتيار المدني لقدمه في الاحتجاج , وليس ملكا للتيار الصدري الذي اعطى زخما كبيرا للاحتجاج . الشارع ملك كل العراقيين المؤمنين بالذروة المشتركة وهي ازاحة كل هؤلاء اللصوص . ولا وجود لمسطرة ايديولوجية او سياسية في هذه اللحظة التاريخية الفارقة لقياس ما سيتمخض عنه هذا الحراك , وكل من يتصور انها ستأتي بسهولة او بسبب افضليته في الشارع فهو واهم . العدو اقوى بكثير من الجماهير المحتجة المسالمة , ويمتلك اجهزة قمعية متنوعة سواء كانت للسلطة ام لمليشياتهم الحزبية , وما لم تعزز الثقة بوحدة المشاعر الوطنية المشتركة في رفض هذا الواقع , فلن يطمح بأي تغير .

 

كل المقترحات والحلول السياسية التوفيقية التي تطرح الآن ستفشل لاصطدامها بتصاعد رغبة الجماهير في التغيير ان استمرت بهذا الزخم , وعدم تصديقها لوعود الطبقة المتنفذة التي كشفت اساليبها وأصبحت في موضع ( العداء ) , وإدراك هذه الجماهير ان اية حلول وسطية هي للتخدير والالتفاف للإبقاء على نظام المحاصصة . وحتى اللجنة التي اقترحها السيد مقتدى للإشراف على اختيار حكومة جديدة لن تكون كافية في الايام القادمة , رغم انها الاوضح من بين كل التخبط الذي يلازم خطوات السيد رئيس الوزراء ومعه قيادة " التحالف الوطني " , والفشل الذي رافق ويرافق اجتماعات الرئاسات الثلاث برئاسات القوائم للخروج ب( سلام ) من هذا الجب الذي وجدوا انفسم فيه .