
اين انت يا حسن ؟ / عزيز العراقي
في مثل هذا اليوم خلق حسن اسطورته , تلك الاسطورة التي تشرف بها العراقيون واخذوا يقصونها على ابنائهم لسنوات تلت , وافتخر بها العسكر باعتبارها احدى الصفحات المجيدة لأبناء الجيش العراقي , وأصبحت جزءا من التاريخ النضالي الزاخر للحزب الشيوعي العراقي .
وحسن سريع للذي لا يعرفه من الاجيال الحديثة , هو عريف شيوعي قاد مجموعة من الجنود والمتطوعين في مدرسة الصنائع العسكرية في معسكر الرشيد يوم الثالث من تموز 1963 بانتفاضة كادت ان تنجح وتطيح بسلطة القتلة البعثيين والقوميين المتطرفين الذين تآمروا واغتصبوا سلطة ثورة 14 تموز في 8 شباط عام 1963 . وكانت ردة شباط بمساعدة القوى الرجعية المحلية من اقطاع وقوى طفيلية تضررت مصالحها , ورجال دين متخلفين عمى نور الثورة ابصارهم , وبدعم امريكي وبريطاني وبعض الحكومات العربية كان بعضها مع الاسف لازال على سكة النهوض الوطني مثل مصر الناصرية , لتجهض هذه القوى مجتمعة حلم العراقيين في تطوير ثورتهم .
لقد نجحت ثورة تموز من الخروج من منطقة الاسترليني وحلف بغداد , وتم توزيع الارض على الفلاحين , ووحدت قانون الاحوال الشخصية وألغت قانون العشائر ,واسترجعت الحق الوطني للتنقيب عن النفط في كامل الاراضي ألعراقية , وغيرها الكثير من الانجازات الوطنية , التي اذهلت وألجمت من يتربصون بالعراق وثرواته الوطنية . ومن البديهي ان تصب هذه القوى نار حقدها بعد نجاح ردتها السوداء في 8 شباط على الشيوعيين وحزبهم باعتبارهم الحاضنة السياسية للثورة , ومحاولتهم في دفع زعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم للتجذر اكثر في تطوير انجازات الثورة لصالح الكادحين وفقراء ابناء هذا الشعب . كانت الردة منذ ذلك التاريخ وهي تجهض على كل ما حققه الشعب العراقي من تطور حضاري وسياسي , ولا يزال " الحبل على الجرار " في طريق الانحدار .
تمكن العريف الشيوعي حسن السريع في اثبات نبله وشهامته وبطولته , من قيادة مجموعة من الجنود وضباط الصف للانقضاض على سلطة الزمرة البعثية والقومية التي ذبحت العراقيين وفي المقدمة منهم الشيوعيين . واثبت التاريخ ان العراق بدون الشيوعيين سائر الى الدمار , ومثلما قيل : انهم " ملح الارض " .
في الذكرى الخمسين لانتفاضتك الجبارة يتذكرك العراقيون بكل فخر , وجبروتها في اقدامك الذي نفتقده اليوم وأنت عريف اردت ان تقلب الطاولة على رؤوس المتآمرين الذين سلبوا الشعب ثورته وثروته , وجابهت الاعدام انت ورفاقك عن فشل الانتفاضة بروح التحدي , وأكدت لقاتليك بأنك : ستتدارك اسباب الفشل , وتقوم بانتفاضة جديدة لو كتبت لك الحياة ثانية . وهو ما ارعب قتلتك .
اين انت ايها العريف الذي منح العراق وجيشه صفحة بيضاء جسورة تفتخر بها الاجيال على مر العصور , القيادات الحالية التي تزاحمت الرتب على اكتافها , ونياشين البطولة غطت صدورها , ولاذت بالفرار من مجموعة " دواعش " لا يمتلكون من الوجود الا عار ذلهم وشعورهم بالنقص الذي انعكس بالانتقام من كل ما هو جميل في هذا الوجود , وخضوعهم لتوجيهات الوهابية ومدارس الحقد الموغلة في سراديب عيش الافاعي والعقارب . انهم هربوا الى قائدهم في بغداد , وتركوا الجنود لا يعرفون اين يذهبون ؟ وهل يسلمون اسلحتهم ام لا ؟ ورجعت القيادات تمارس قيادتها في بغداد بعد ان سلمّوا الموصل وباقي المنطقة الغربية .
نحن وكل الشرفاء نمجدك ايها العريف الاسطورة , الجيش العراقي يفتخر بك وليس بغيرك , الشرف والرجولة والتاريخ النظيف تتبع من يصونها ويحافظ عليها .
لك ولرفاقك ولكل من تحمل هم الوطنية وضحى من اجل العراق المجد والخلود , اذ كان جنديا او عريفا او ضابطا او مدنيا . بعيدا عن تسميات المرحلة الراهنة , التسميات التي نخرت العراق وأهل العراق .