ليس دفاعا عن المالكي / عزيز العراقي                         

تفاءل كل الخيرين من العراقيين , ولو بنسب متفاوتة , عندما تمكن حيدر العبادي من تشكيل حكومته وإعلان برنامج عملها القادم , آملين ان يتمكن هو وفريق عمله تحقيق ولو نصف ما اعلن . ورغم ان الزخم الذي رافق تشكيل حكومة العبادي كان كبيرا , وكفيلا للقيام بخطوات عملية جدية وأكثر جذرية لصالح التغيير وإعادة اصلاح مسار العملية السياسية , الا انه ولحد الآن , ورغم مرور ما يقارب الاربعة اشهر لم تتمكن حكومة العبادي من ايجاد الركائز الاساسية التي تستند عليها في تنفيذ برنامجها الاصلاحي الذي اعلنت عنه . فلا تغيير في القضاء , ولا في باقي المؤسسات والهيئات المستقلة الاخرى , مثل البنك المركزي العراقي والنزاهة وشبكة الاعلام ..الخ التي بدونها لن تتمكن حكومة العبادي بكل رغباتها ( الخيرة ) التي اعلنت عنها , ولا حتى غيرها من الحكومات التي تمتلك مؤسسات دولة اكثر ارتكازا من مهزلة مؤسسات دولتنا التي اوجدها الاحتلال , ووضع لها الامريكان الاسس الطائفية العميقة .

 

وبغض النظر عن مسألة الصراعات الدولية والإقليمية في توسيع دائرة نفوذها في العراق , الذي لم يعد قادرا على اعادة بناء وحدة المصلحة الوطنية المشتركة لجميع مكوناته , يقدر البعض ان الزخم الذي حصل عليه العبادي , ولم يستطع تحقيق الركائز التي يستند عليها في اجراء الاصلاح  - وبعد ان نفخ في صورة هذا الزخم – هو للتنفيس عن حالة الفشل الكبير الذي رافق اعمال حكومة المالكي اولا , وثانيا العبور على ضياع ثلث العراق بيد داعش .

 

ان البعض من الاخوة والبعض من وسائل الاعلام , تحاول ان تضع كل الوزر الذي اوصل العراق لهذا الحضيض في مسؤولية المالكي وحكومته , ورغم المسؤولية الكبيرة التي يتحملها المالكي الا ان الخوف من ان يتكرر سيناريو صدام حسين , وتجري لفلفة جميع القضايا بما فيها مساعدة الامريكان والانكليز والفرنسيين له , خاصة في حربه التي اشعلها مع ايران , وتغطية تفاصيل كل الجرائم التي ارتكبت بحق العراقيين وغير العراقيين , والتستر على مرتكبيها سواء بالأفعال المباشرة او بالمساعدة . ومثلما اعدم صدام في قضية واحدة هي قضية الدجيل , ورغم دمويتها ويستحق الاعدام اكثر من مرة بسببها , الا انها لم تكن الاكبر بين جرائمه . وكان الاجدر ان لا يعدم بهذه السرعة بعد ان سلم  للعراقيين , بل يستمر التحقيق معه على باقي ارتكابا ته , والاستفادة منه في معرفة تفاصيل كثيرة ادمت العراقيين والعرب والمنطقة برمتها .

 

اعدم صدام بهذه السرعة – والأرجح بطلب الامريكان اصحاب القول الفصل في العراق سابقا واليوم وغدا – في جريمة الدجيل التي تكاد ان تكون الوحيدة التي ليس له فيها شركاء دوليين او اقليميين , وذهبت معه جميع المعلومات التي تدين الاطراف التي شاركته في التأسيس لتدمير العراق و في ضرب ايران والأنفال واجتياح الكويت وذبح العراقيين في انتفاضتهم الجبارة عام 1991 .

الخوف ان تعود دورة الاشياء , وان يتكرر هذا السيناريو , ويجري تحويل كل الاتهامات الى المالكي رغم كونه نائب رئيس الجمهورية , فهذا المنصب لن يحميه ( لو) تم بلورت الاتهامات بكل ابعادها من قبل المجرم الحقيقي بعد صدام حسين , وهو سلطات الاحتلال التي اوجدت نظام المحاصصة الطائفية . النظام الذي قفص العراقيون به , ولن تقوم قائمة للشعور بوحدة مصلحتهم  الوطنية المشتركة الا بقدرة قادر .  والمالكي لم يستمر في فترته الثانية الا برغبة الامريكان والنظام الايراني اللذين اجبرا الفائز الاول في الانتخابات علاوي على التنازل الى المالكي .