حروب لا تشرف احدا / عزيز العراقي                            

كنا , ولا زلنا , نعتقد كشعوب , بأننا لا يمكن ان نحصل على خير من النظام السعودي , سواء الشعب السعودي او الجيران العرب او شعوب المنطقة , هذا اذ لم يصل طفار شرور الوهابية الى مناطق بعيدة في العالم . فمنذ بداية نشوءه وهو مرتبط بالأمريكان والسوق الرأسمالية بشكل عام , وهو المصدر الشرعي والتأسيسي لحركة الاخوان المسلمين وباقي الحركات الاسلامية السنية المتطرفة , وضخ الكثير من الاموال سواء بصفته الرسمية او تبرعات الامراء والمتنفذين طيلة سنوات وجوده لرعاية المنظمات الارهابية , والحرب الافغانية كانت الشاهد الاوضح لتورطه , والحاضنة التي اينعت منها القاعدة وما تفرع عنها من منظمات دموية . وعاصفة الحزم كما يسمونها , ليست بعيدة بأهدافها عن باقي توجهات السعودية – رغم الادعاء بالدفاع عن شرعية الرئيس هادي التي يعترف بها الجميع - . ولكن هل من الصحيح الانحياز الى عصابات الحوثي وشراذم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح اللذين لا يقلون خسة ودموية عن النظام السعودي ؟

كنا سابقا , وبغض النظر عن الظروف الداخلية التي اطاحت بالأنظمة الاشتراكية , ندرك ونوجه موقفنا باتجاه اما ان نكون مع رغبات الشعوب في التحرر والانعتاق , او مع التوجهات الرأسمالية في قمع ومصادرة تطلعات هذه الشعوب , وكان الصراع واضحا رغم الكثير من الشوائب . اليوم باتت الصراعات الدموية ليس بين الشعوب ومضطهديها , بل بين اطراف هي اقرب للعصابات من الاحزاب السياسية , ولا تختلف في توجهاتها الفكرية المتطرفة رغم الاختلاف في درجة دمويتها . والشعوب لاحول لها ولا قوة , وفقدت امكانية تنظيم نفسها لصالح وحدة مصالحها الوطنية المشتركة , وباتت اسيرة الطائفية والعشائرية والمصالح الشخصية . ومثلما حدث في العراق عندما فقد بوصلة وحدة مصالحه الوطنية المشتركة , وبات نهبا لصراع طائفي استمر طيلة السنوات التي اعقبت الاحتلال , ولحد الآن , ولا يعرف الى متى وكيف سينتهي . وتبعته سوريا , فبعد ان كانت الثورة شعبية ضد نظام الاسد , تحولت الى صراع بين نظام الاسد وحزب الله وإيران , وبين منظمات الارهاب السنية , وبات الجيش الحر والقوى الديمقراطية التي تزعمت الانتفاضة عند بدايتها هي الاضعف بين قوى الصراع .

من المؤلم ان تنساق بعض الاقلام الشريفة , التي عرفت بثقافتها وإخلاصها لقضية الوطن , ان تنزلق في هذه الصراعات وتدافع عن اطرافها , وتجد الاعذار والمبررات الطائفية لها . وكان الاجدر بهؤلاء المثقفين ان لا يؤججوا النار الطائفية اكثر على اقل تقدير , ما دام لم يكن بالإمكان ايقاف هذا الصراع , او الوقوف بوجه هذه القوى الطائفية , التي تنكرت بمجملها لما ادعته من شعارات براقة في رفع الحيف عن المظلومية  , وإعادة تشكيل الوطن وفق هويته الوطنية , وتسيير دولته وفق القانون .