
رحل زهير الدجيلي / ناصر الثعالبي
لم اكن ابحث عن خلود الجسد مثلما بحث ولازال يبحث (أنكيدو الانسان )عنه، لكنني أصدق أن بعض الناس يصنعون خلودهم دافعين ثمن صنيعتهم المنافي والتشريد .
وزهير الذي عرفته منذ كنت يافعا ،حمال متاعب اثقلتها مراحل ألأنظمة وتعاقبها. إلتقيته في سجن (نكرة السلمان) حزيران 1963 أعدنا تعارفنا الأكثر قرباً في (قاووش رقم 4) كنا نتحلق قرب( تانكيات الماء )في السجن ، كنت أصغرهم أو قل أصغر من بالسجن باستثناء الشاعر ذياب كزار الغزي (ابوسرحان). يقرأ البعض قصائد ويقص بعضهم حكايات ..اتذكر منهم الشاعر خالد الخشان وداود الخشتي وكلادس العظيم وعبد الحسين الكاظمي،وأحياناً سعدي يوسف والفريد سمعان.
زهير الشاعر والمعلم يراقب ما أكتب من (شخابيط شعر) وبروح القادر المتواضع، يرشدني كيف تكون الكلمة الدالة،فيحيطني برقابة المعلم المحترف.
زهير.. ها أنت تغادرنا واضعاً لدينا أمانة متابعة الدرب.وها نحن الذي نجلك نصون أمانتك ،كنت وفياً لقوم فكرك ،حتى تشبعت بهم وتشبعوا فيك ،رثيت من صعدوا ألى سماء مجد الإستشهاد،راسماً راية وطن أكبر من قوم فكرك .اتذكر( يا ابا علي) - حينذاك لم يكن علياً - حين صدمنا نبأ استشهاد دالة العراق ، الشاعر مظفر النواب في إيران ..؟فرثيته أنت بقصيدة حفظت قليلها ..ونسيت الأكثر
(صدك لوجذب يمظفر ..غفت عيناك يمشكر
يدنيه هذا المظفر ... يسل الكصب سل أصفر
يدنيه اشبيج مرتاعه ...؟
بلمنا اليشله ابساعه
تفوت اسنين بشراعه)
اعذرني فالذاكرة بعد53 عاما لا تستطيع ترتيب القصيدة ،سيما انها كانت على السماع
نعم ايها الرفيق ..عاد مظفر ولم ينل الشهادة التي تمناها، سواء على يد الجلادين في السجون او المعتقلات، او في كفاح الأهوار
وها أنت تودعه وهو الآن طريح الفراش في لبنان، بعد أن جفوه صحبته وبايعوا الخلفاء ..وهاهو خليفة حزب الدعوة العبادي يتكفل بعلاجه - قربة لله- ليتك ما سمعت قبل رحيلك بهذا..
دعني اقبلك مثلما ألتقيتك بعد نصف قرن..نم هادئاً، فالساحة لازالت تضج بهتافات قومك ..فلازالت الطيور الدايره تمر بأهلك
ولازالا النهران الخالدين يسيران باتجاه الجنوب،