
شناشيل-عيب .. يا الفتلاوي! / عدنان حسين
قطعنا نصف الطريق، وربما ثلاثة ارباعها، الى تحقيق النصر المبين على التنظيمات الارهابية التي تروّع الآن بجرائمها المنكرة مدينة الفلوجة بأكملها وجزءاً من مدينة الرمادي ومناطق أخرى في محافظة الانبار، فضلاً عن غيرها من المحافظات التي تعمل فيها الخلايا النشيطة والنائمة لهذه التنظيمات.
الخبر "السعيد" انبأتنا به بصخب حكومتنا عبر بعض ممثليها في البرلمان وأجهزة اعلامها الرسمية والحزبية من صحف وفضائيات واذاعات .. أما الساحة التي نازلنا فيها الارهاب وأوشكنا على هزيمته فلا هي في الفلوجة المنكوبة بـ "داعش" وسواها من منظمات الارهاب، ولا في الرمادي التي نأمل أن تكون قد نجت بالفعل من النكبة، ولا في أي مدينة عراقية أخرى .. انها في بلاد بيننا وبينها سبعة بحور وسبع صحارى وسبع دول .. هي سلطنة عمان التي جرت في عاصمتها المسابقات النهائية لبطولة آسيا بكرة القدم للشباب دون سن الثانية والعشرين.
النائبة الدولة قانونية حنان الفتلاوي أشعلت الفتيل بالنشر على صفحتها الفيسبوكية صورة لفريقنا الفائز بجدارة بالمركز الاول بعدما هزم نظيره السعودي، وبجملة قصيرة اختتمتها بالقول " العراق يفوز على فريق داعش ومموليها .... مبرووووووووووك".
اذأً، فقد فزنا على "فريق داعش ومموليها"، وهذا معناه، بمنطق الدكتورة الدولة قانونية، اننا فائزون على داعش نفسها، فما من حاجة لطائرات "أف 16" و"أباتشي" التي ننتظرها وتنتظرها حكومة الفتلاوي على أحر من الجمر!
لا يرد، أو قد يرد، في ذهن النائبة الهمامة ان ما كتبته ومشت في اثره قطعان من الجهلة المشبعين بالطائفية المقيتة، شيء معيب للغاية لأنه يمثل اهانة بالغة وشتيمة سافرة لفريق رياضي تنافس وفريقنا بشرف وروح رياضية متبادلة ولعب نظيف، واهانة أيضاً لشعب المملكة العربية السعودية الذي تُحب أغلبيته الساحقة العراق والعراقيين ربما أكثر مما هي عليه النائبة مُشعلة فتيل الطائفية على خلفية الرياضة.
لا أدري كم من الوقت يلزم بعضنا، وبخاصة السياسيين، لكي يدركوا أن كل ما نواجهه الآن من مصائب وكل ما عشناه من محن مهولة وخراب اسطوري على مدى الخمسة وثلاثين سنة الماضية، هو نتاج عقلية مثقلة بافكار العدوانية وروح مشحونة بمشاعر الكراهية، فصدام حسين كان كارهاً لكل شيئ وعدوانياً حتى مع رفاق حزبه وافراد عائلته.
العاقل من يعتبر بتجربة غيره، ومشكلتنا اننا لم نجد بيننا بعد من يتعظ بدروس التجربة الصدامية .. كثيرون ممن يحيطون بنا، من الممسكين بمقاليد السلطة، يبدون كما لو كانوا نسخة من صدام وقياديي حزب صدام ووزراء صدام ومدراء أجهزة صدام، والنائبة الفتلاوي المتوترة والزَعِقة دائماً في طليعة هؤلاء.
حتى الرياضة سيّسها صدام حسين، فكانت النتيجة المنطقية أن تراجع على نحو مريع المركز المتقدم للرياضة العراقية اقليمياً ودولياً .. في الرياضة خسارة وهزيمة كما فيها ربح وفوز، لكن ليس في الرياضة مكافحة للارهاب وليس فيها طائفية مقيتة، لأنها، بخلاف بعض السياسة، فعل سلام ومحبة وتعاون وأخلاق رفيعة.
"المدى" – 29/1/2014