
ماذا حلّ بملف الطائرة اللبنانية؟ / عدنان حسين
شناشيل
كلما أذيع أو نُشر خبر عن الطائرة الماليزية المجهولة المصير منذ شهر ونصف الشهر،
حضر في الذهن حادث طائرة شركة طيران الشرق الاوسط اللبنانية التي قُطِعت رحلتها الجوية وهي في طريقها الى بغداد وأُعيدت الى مكان انطلاقها مطار رفيق الحريري في بيروت.
حادث الطائرة الماليزية لا يُشبه حادث الطائرة اللبنانية، لكنهما وقعا في الفترة نفسها، وهما حادثان فريدان من نوعهما لم يحصل مثلهما في تاريخ الطيران المدني، فبعد 45 يوماً من اختفاء الطائرة الماليزية لم تُفلح كل منجزات التكنولوجيا الحديثة المدهشة، بما فيها الاقمار الصناعية، في فكّ طلاسم الاختفاء، وقد يستغرق الأمر عقوداً أو قروناً حتى تنجلي الحقيقة، مثلما حصل مع مئات من السفن والبواخر التي بلعتها البحار والمحيطات في القرون والالفيات السابقة ولم يُكشف النقاب عن أسرارها الا في القرن الأخير بفضل تطور وسائل البحث والتقصي في أعماق اليمّ.
حادث الطائرة اللبنانية بسيط للغاية بالمقارنة مع حادث الطائرة الماليزيية. قائد الطائرة تلقّى أمراً من سلطات مطار بيروت بالعودة لأن سلطات مطار بغداد ابلغتها بعدم السماح لطائرته بالهبوط. القصة معروفة للقاصي والداني بتفاصيلها المشوّقة والمملة، ولا حاجة لتكرارها. لكن ما يهمّ ان وزير النقل هادي العمري الذي زار بيروت على خلفية الحادث، أعلن وقتها في مؤتمر صحفي ان وزارته بدأت تحقيقاً في القضية لإجلاء غوامضها، ووعد باعلان نتائج التحقيق، بل أكد انه سيقدّم المسؤولين عن اعادة الطائرة اللبنانية الى القضاء حتى لو كان بينهم ابنه الذي اعلنت السلطات اللبنانية انه كان وراء أمر الإعادة لأن الطائرة لم تنتظره في مطار بيروت بعد انقضاء الوقت المحدد للاقلاع. وتتذكرون أيضاً ان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي أظهر هو الآخر اهتماماً بالقضية ووعد بالتحقيق ومعاقبة المسؤولين.
الآن وقد مرّ شهر ونصف الشهر على حادث الطائرة الماليزية الذي قد يُغلق ملفه ويُوضع في عهدة تكنولوجيا المستقبل بعدما تلاشى آخر أمل بالعثور على الطائرة مع انتهاء مهلة الشهر التي تعمل فيها أجهزة الاتصال داخل الصندقين الاسودين، فان ملف حادث الطائرة اللبنانية لا يمكن اغلاقه لأن أمره غير متعلق بصندوق أسود أو أبيض أو أصفر ولا بتكنولوجيا لم يتوصل اليها العقل البشري بعد.
المفروض ان التحقيق الذي وعد به وزير النقل وقبله رئيس الوزراء قد انتهى بعد اسبوع واحد من بدئه، اذا كان قد بدأ بالفعل، أو بعد اسبوعين بالكثير.. الأمر جدّ سهل وبسيط : الكابتن تلقى أمراً بالعودة، ممن؟ من شخص ما في مطار بيروت .. هذا الشخص معروف، ومعروف أيضاً ممَّ تلقى بلاغاً بان مطار بغداد لن يستقبل الطائرة اللبنانية .. كل شيء مسجل في الاجهزة الالكترونية وعلى الورق.
ما دامت نتائج التحقيق لم تُعلن على الملأ بعد فوات كل هذا الوقت الطويل، فوراء الأكمّة ما وراءها .. ونحن نريد أن نعرف ما يكمن وراء الأكمّة.. انه حقنا .. حق الرأي العام، لأن قضية الطائرة اللبنانية قضية رأي عام وليست "عفطة عنز".
ما يقول السيد الوزير والسيد رئيس الوزراء؟
"المدى" – 23/4/2013