
شناشيل - قضية هيفاء الأمين / عدنان حسين
في الناصرية (مركز محافظة ذي قار) ضجّة .. المتسبب فيها نفر من الجهلة الذين لم يُدركوا ان ما زاد عن حدّه إنقلب ضدّه، وهم زادوا الأمور عن حدّها، بإظهارهم "غيرة" زائفة و"حميّة" كاذبة على الدين والشريعة.
محور الضجة سيدة، إسمها هيفاء الأمين، مشهورة في محافظتها ومعروفة على نطاق العراق كله تقريباً .. بعضنا تعرّف عليها عن قرب، والبعض الآخر عرفها من خلال مرويّات زميلاتها وزملائها ورفيقاتها ورفاقها أيام النضال ضد نظام صدام حسين، وهي مناضلة باسلة عن حق.
واشتهرت السيدة الأمين على نحو خاص يوم فازت بأكثر من 14 ـألفاً من أصوات محافظتها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في 30 نيسان الماضي، مترشحة على قائمة التيار المدني الديمقراطي، لكن هذا العدد الكبير من الأصوات لم يدخلها الى قبة البرلمان التي يحتل بعض مقاعدها الآن مِنْ لم يفوزوا بألف صوت ولا حتى بمئتين صوت! .. والذنب، بل العار هو عار الذين وضعوا قانوناً ونظاماً للانتخابات يتيحان لمن يحصل على أصوات أقل الفوز بمقعد برلماني إذا كان المتسابق في الإنتخابات مترشحاً على قائمة طائفية أو قومية. ونظامنا السياسي منذ عشر سنوات يقوم على المحاصصة الطائفية والقومية، ضارباً عرض الحائط أسس الوطنية والنزاهة والكفاءة والمهنية والخبرة التي تنشأ عليها الأنظمة السياسية الحديثة.
كما المئات من بنات مدينتها ومحافظتها عاشت السيدة الأمين كل حياتها سافرة .. تعلّمت في الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في الناصرية والجامعة وهي سافرة مثل قريناتها.
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كانت الغالبية الساحقة من التلميذات والطالبات والمعلمات والمدرسات والموظفات والطبيبات والمحاميات يعشن ويعملن في مختلف مدن البلاد سافرات. وفي نهاية السبعينيات أضطرت السيدة الأمين الى مغادرة البلاد مع عشرات الآلاف من معارضي نظام صدام .. خرجت سافرة، والتحقت بحركة الأنصار الشيوعية سافرة، وعاشت في بلدان اللجوء سافرة، وعادت الى البلاد سافرة، وخاضت الانتخابات البرلمانية سافرة.. قادتها حملتها الإنتخابية الى الأرياف البعيدة والبلدات الصغيرة في محافظتها وهي سافرة، ولم يعترض أحد.. كان الناس يستقبلونها بترحاب شديد عبّروا عنه بمنحهم إياها عدداً كبيراً من الأصوات لم يحصل عليه عدد غير قليل من أعضاء مجلس النواب الحاليين عن محافظتها نفسها.
الآن "ينتفض" بعض السفهاء في وجه السيدة هيفاء الأمين ليهددونها بالقتل ما لم تتحجب أو تغادر محافظتها من غير رجعة... نعم إنهم سفهاء لأنهم يرون الدين والشريعة في غطاء الرأس فحسب ولا ينظرون في ما داخل الرأس كما الناس البسطاء في الريف والأهوار .. نعم سفهاء فلو لم يكونوا كذلك لفكّروا بانهم بهذا يزكّون داعش وسواه من التنظيمات السلفية الإرهابية التي لا تكتفي نساؤها بحجاب الرأس، وانما يُحجبن أيديهن ووجوههن ولا يكشفن الا عن أعينهن عبر النقاب.. نعم سفهاء فلو لم يكونوا كذلك لأدركوا ان الدستور يحرّم عليهم ما يفعلونه.. انه يُلزم الدولة بكفالة الحريات الشخصية.
أجهزة الدولة في محافظة ذي قار مطالبة بتطبيق الدستور وعدم السماح للسفهاء بانتهاك مبادئه وأحكامه.